“مروج” القطيف.. ربع قرن من الآمال والوعود و”أم المشاكل” لا تنتهي الأهالي محبطون.. شوارع بلا تسمية، و"الحي" خارج التغطية
القطيف: نداء آل سعيد
وكأن سكان حي “المروج” بالقطيف، لا يكفيهم انتظار 25 عاماً من الوعود بإنهاء مشكلة الصرف الصحي التي تنغص عليهم حياتهم وتحرمهم من العيش في بيئة نظيفة، فإذا بـ”انتظارهم” يزداد مع كل قطرة مطر تهطل في كل شتاء، ليتحول الحي بأكمله إلى مستنقع للمياه يختلط فيه ماء السماء مع مياه الصرف الطافحة!.
وعدا أن أهالي الحي ـ في غياب الصرف ـ يضطرون للاستعانة بسيارات شفط البيارات بمعدل مرتين إلى ثلاثة أسبوعياً، مع ما يعنيه ذلك من كلفة مادية ترهق كاهلهم، إلا أن التكلفة الاجتماعية تبدو مؤثرة على العلاقات بين الجيران فيما تشاجروا مع بعضهم البعض جراء عدم انتظام أحدهم في شفط بيارة منزله بشكل دوري، هذا خلاف الآثار البيئية الصحية السيئة التي يخشاها سكان الحي، من روائح كريهة وتكاثر البعوض والحشرات وانتشار الأوبئة ما يحرمهم من أبسط حقوق الحياة الكريمة على الأقل في منازل تملكوها وبنوها بعد أن دفعوا تحويشة العمر.
ولأن شتاء هذا العام يمر بقسوة على الأهالي مكررا ما اعتادوه من مشاهد ومشاكل بيئية تعرقل الحركة وتؤثر على الصحة العامة، كان لـ”صُبرة” هذا الاستطلاع:
لا شيء يتغير
في البداية، يوضح عبدالعزيز آل محمود (يسكن الحي منذ عام 2005) أنه مع إزدياد الكثافة السكانية، وبحكم طبيعة أرض حي المروج البحرية أساساَ، فإن السكان يواجهون مشكلة امتلاء البيارات بشكل سريع جداً لدرجة أن الشركة الموكلة بسحب البيارات أصبحت غير قادرة على الوفاء بالغرض، إما لكثرة المنازل أو لقلة سيارات الشركة، لدرجة أن كثير من السكان “اضطروا لتأجير سيارات لسحب البيارات على حسابهم الخاص، لتفادي المخالفات والغرامات التي تفرضها مصلحة المياه سابقاً، وأيضا لمراعاة الجيران وسلامة وصحة الجميع”.
ويضيف: رغم أن عمر الحي أكثر من 25 عاما ـ تفاوتت فيها تكلفة شراء الأرض من 50 ألف إلى 750 ألف ريال ـ دأب السكان على مراجعة الدوائر الحكومية بحثا عن حل مؤكد بأن غدا أفضل؛ إلا أنهم أحبطوا لأن لا شيء تغير.. متسائلين: إلى متى؟ حتى بعد ترسية مشروع الصرف لحي المروج والجامعيين.. لكن العمل كان بطيئا جداً، ثم توقف بعد مدة قصيرة من البدء، ويُقال إن المقاول تعثر، وتم سحب المشروع منه، وأعرب عن أمله في قرب ترسية المشروع لمقاول آخر.
عبدالعزيز آل قيس
معاناة لا تنتهي
من جهته، يشير عبدالعزيز محمد آل قيس (من سكان التركيا ابلحي منذ 13 عاما) أن معاناة الحي من الصرف لا تنتهي طيلة العام، وتزداد خاصة في الشتاء حيث تختلط المجاري مع الأمطار؛ ما يحول المنطقة لمستنقعات ينتشر فيها البعوض والذباب، وهذا يسبب الأمراض وعرقلة حركة السير في الطريق. ويكمل: “ناشدنا كل من هو مسؤول للوفاء بالوعود ولكن لا نتيجة تتذكر” مؤكداً بكل أسف إنه بسبب كثرة المشاكل اضطر بعد السكان لترك الحي!.
ناصر الماجد
الأمر نفسه يؤكده ناصر جاسم منصور الماجد (يقطن الحي منذ 20 عاما) مشيرا إلى أن عدم وجود شبكة للصرف الصحي ترك آثاراً سلبية كبيرة جداً في الحي، ويضيف “راجعنا الجهات ذات العلاقة في فرع إدارة المياه والصرف الصحي بالقطيف وكذلك إدارة المياه بالقطاع الشرقي وكذلك شركة المياه الوطنية بالرياض وأخيراً قابلنا وزير البيئة والمياه والزراعة بالوزارة ومازلنا ننتظر تنفيذ المشروع حتى هذه اللحظة”.
ناصر الماجد وحسين الخاطر وعارف آل كرم
مشكلة متراكمة
بنبره أسى يقول حسين الخاطر (يسكن الحي منذ 2005) إن مشكلة غياب خدمة صرف صحي في الحي منذ انشائه تراكمت عبر أكثر من ربع قرن من فيضان البيارات في الشوارع، روائح كريهة، ونجاسة في الشوارع، مشاكل بين الجيران ، تكاثر ميكروبات وطحالب بعض الأحيان، عدا أن الشوارع مكسرة تعج بالحفر والمطبات المليئة بالمياه”.
يضيف الخاطر أنه رغم الشكاوى المتعددة ولقاء بعض المسؤولين إلا أن لا حياة لمن تنادي، وتساءل: جميع المخططات المجاورة تنعم بالخدمة وبعضها أحدث من حي المروج.. لماذا؟.
عبدالله آل فردان
إحراج وإحباط
الأمر ذاته يراه عبدالله الفردان (الذي يقطن الحي منذ 2004) محرجا ومؤسفا للغاية، حيث يقول إن طفح المجاري أصبح شبه يومي في الحي، مع ما يعنيه من مشاكل اجتماعية وإحراج لدرجة ان البعض بات يحجم عن إقامة المناسبات الاجتماعية أو استقبال الضيوف.. مشيراً إلى أن مشروع الصرف في الحي متعثر، ولا تتعدى نسبة الإنجاز فيه 2%، ما تسبب في ارتفاع منسوب مياه الصرف الصحي بالمنازل وطفحها للشوارع، ويكمل “يعاني السكان من عملية شفط البيارات لأنها لا تتم بكفاءة بل تتطلب متابعة يومية من أصحاب المنازل الذين يضطرون للإتصال على الرقم المخصص لشركة السحب عدة مرات لتسجيل موعد أولاً ما يفاقم المشكلة في حال التأخر.
عارف آل كرم
أم المشاكل
أما عارف سعيد آل كرم (يسكن الحي منذ عام 1436 هـ) فيلخص ما يحدث على الأرض بأنه “أم المشاكل” منتقداً عدم التجاوب رغم أنهم طرقوا كل الأبواب والقنوات الرسمية.. ويضيف لكل ما ذكره من سبقوه مشكلة أخرى لا تقل أهمية، مفادها “قرب الحي من المنطقة الصناعية من الجهة الغربية، واستغلال الورش للمنطقة الفاصلة بين الحي وبين الصناعية دون رادع وكثرة الكلاب الضالة القادمة من الصناعية”.
تشققات وتلوث
وعن مشكلة الشوارع، وفيما يقول عبدالعزيز آل محمود، إنها تعاني منذ سنوات من كثرة التشققات في الطبقة الأسفلتية بها خاصة الشارع الفاصل بين المنازل والورش من جهة الغرب للحي وأيضاً الشارع الفاصل بين حيي المروج والجامعيين من الشرق، وهما الشارعان الرئيسيان للدخول والخروج، يوضح عبدالعزيز آل قيس أن المطبات المجهولة تسبب تعطل بعض السيارات خاصة في الشتاء والأمطار، حيث “تغرز” بعض النساء السائقات في الحفر، معتبراً أن محاولات ترقيع سوء السفلتة غير مجدية.
من جهته، يرى حسين الخاطر، أنه يكفي المرور في شوارع الحي المكسرة والحفر المنتشرة، مع فيضان المجاري لمعرفة مأساة الحي، وقال: “الواقع يتكلم للأسف ويصف أعمال الجهات المختصة منذ سنوات طوال”.
عبدالعزيز آل محمود
ماء مالح
وفيما يتعلق بمشكلة المياه، يوضح عبدالعزيز آل محمود أنه بين فترة وأخرى تؤثر ملوحة الماء بشكل سلبي على ممتلكات السكان، ورغم رفع أكثر من شكوى بهذا الخصوص يتم حل المشكلة مؤقتاً، ولكنها تعود مرة أخرى. وهو ما يتفق معه ناصر الماجد، الذي يضيف: “نعاني من إنخفاض جودة المياه، حيث كان الحي يزود بالمياه المحلاة ولكن منذ سنتين تغير الوضع وأصبحت المياه متغيرة أحيانا حلوة وأحيانا مالحة”.
تسمية غائبة
في سياق متصل، يشير عبد العزيز آل قيس إلى مشكلة الشارع الفاصل بين الحي والمنطقة الصناعية، حيث لا يزال مجهول التسمية، وقال “لنا أكثر من أربع سنوات نراجع البلدية لكي تطلق عليه اسما دون فائدة” وتساءل: لا أعلم ما صعوبة تسمية شارع بأي اسم؟.
أما ناصر الماجد فيضيف أنه تم لقاء أمين الشرقية ورئيس بلدية القطيف ورئيس المجلس البلدي بالقطيف ورئيس بلدية تاروت من أجل تسمية الشارع ولم يتم عمل أي شي يذكر، وتحدث عن المعاناة من عدم إصلاح وتطوير هذا الشارع لتهالكه وكثرة الحفر والمطبات به رغم كونه المدخل الرئيس للحي والصناعية من جهة الشرق، وأضاف أنه حتى الجزيرة الوسطية أصبحت “مقلباً” للسيارات المهملة والتالفة، وغير مستغلة بشكل نافع وسليم.
خارج التغطية
ويكشف عبدالعزيز آل قيس، عن مشكلة أخرى يعاني منها سكان الحي، وتتلخص في سوء شبكة شركات الاتصالات وخاصة “موبايلي”، ما يعزل السكان تماماً عن العالم ويجعلهم خارج التغطية طوال الوقت، معتبراً ذلك مصدر “إزعاج دائم”.
في الختام، يشعر عارف آل كرم وجيرانه بأنهم يستحقون حياة أفضل ما يدفعهم لمواصلة الشكوى والمطالبة بمزيد من الاهتمام، ويقول ” نستحق الأفضل.. سواء صرف صحي أو شوارع نظيفة وخالية من الحفر”.