بعد 30 سنة من تغسيل الموتى.. مُضري: غسّلت شقيقي الأكبر بنفسي.. وكنتُ أؤدي الواجب قلبي ليس قاسياً.. والناس لم يعودوا يشمئزون من المغسّلين

في القطيف 600 متطوع.. ومغسّلات صفوى يكفين كلّ وفيات المحافظة

القطيف: صُبرة

بعد أكثر من 30 سنة على تطوّعه في إكرام الموتى، وتغسيلهم، وتجهيزهم؛ ينفي “مضري” أن قلبه قاس، كما يظن الناس، مبرّراً اعتياده التعامل مع الموتى، في كلّ حالاتهم، بأنه ملكة من الله تساعده على أداء واجب “كفائي” نيابة عن الناس.

هذا الإيمان الصامد؛ وضعه ذات يوم عند دكة مغتسل بلدة القديح، ليشارك في تغسيل شقيقه الأكبر بنفسه. شقيقه الذي ربّاه، كما يقول. لكنّه لم يستطيع المشاركة في تغسيل شقيق آخر أصغر منه توفي في حادث مرور.. ربما منعه الناس من المشاركة، لكنّه يقول إنه لم يملك الشجاعة، لأن شقيقه الأصغر كان رفيقه في كلّ مكان، وكان فقده شرخاً كبيراً لم يتحمّل مواجهته.

حسن أحمد آل عبدالرزاق..

وجه بملامح جادة، يعيش في القديح، يعمل في وظيفة “فني صيانة” في مستشفى القاعدة الجوية بالظهران، منذ 33 سنة. ويقول إنه تطوّع في تغسيل الأموات منذ بداية توظيفه. وحالياً؛ يُمضي يومه بين واجب عمله الأساسي، وبين واجب المجتمع.

جواله لا يهدأ على مدار اليوم، يتواصل معه ذوو متوفين، صحف وتطبيقات إلكترونية تقدمات خدمة “الوفيات”، جمعيات خيرية وأهلية، متطوعون، متطوعات. ويكاد لا يقول كلمة “لا” لأحد.

الناس في القطيف تعرفه بلقبه الذي التصق به خلفاً للقب الذي كان ملتصقاً باسمه شقيقه “محمد”. اختفى اللقب عن “محمد” والتصق بـ “حسن”. والناس لا يعرفونه ـ اليوم ـ إلا بـ “مضري”، حتى في مسقط رأسه.

ناهز الـ 53 سنة. وقد انتشرت سمعته لتشمل القطيف كاملة، ليس لكونه من مُكرمي الموتى فحسب، بل ومن مدرّبي المتطوعين في هذه الخدمة التعبدية التي تُؤدَّى لوجه الله، دون أجر مادي.

التجربة الأولى

خاض تجربته الأولى وهو في بداية العشرين، حين شارك في تغسيل ميْت مسنّ من القديح. ومنذ تلك التجربة، وهو يعيش يومه في تواصل مستمرّ، مع خدمة الناس.

الحياة مع عالم الموتى ليس أمراً هيّناً. لكنه يقول “نفسيتي لا تتعب.. لكون ما أعمل هو عمل لوجه الله، ومواساة لأهل الميت”. ويؤكد أنه لم يواجه أي حالة آلمته، “كلّ الحالات أكون فيها قوياً، وما أركّز عليه هو أن تغسيل الميت وتكفينه وتجهيزه هو من العبادات والأعمال الواجبة، التي لا بُدّ أن تُنجز، وفي حال عدم قيام أحد بها؛ فإن البلد كلها تصبح آثمة.. هذا ما أفكّر فيه، أن أقوم بواجب”.

لمعرفة التفاصيل؛ شاهد الفيديو بصوت “مضري” نفسه:

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×