شاعر سيهاتي يشرّح شخصية تاجر العقار: “شنب” كبير ويحمل “مسباح” حسن اليوسف انتقد دفن البحر وتجريف النخيل قبل 3 عقود

القطيف: صُبرة

كان شابّاً يتلمّس طريق مستقبله، باحثاً عن فرصة الحصول على قطعة أرض؛ ليبنيها منزلاً للمستقبل. إلا أنه صُدِم بـ “جشع” العقاريين، وغلاء أسعار الأراضي. ووسط حيرة الشاب وخوف فوات الفرصة؛ تحوّل إحباطه إلى تهكم لاذع، وسخرية من شخصية العقاريّ الذي يجني الشيكات من التراب.

حسن أحمد اليوسف، شاعر ولد في مدينة سيهات سنة 1369هـ؛ نشط في الثماينينيات وبعض سنوات التسعينيات، لكنّ مشاغل الحياة صرفته عن موهبة الشعر إلى حياة الهندسة في أرامكو السعودية.

القصيدة الساخرة التي كتبها قبل أكثر من 30 سنة، وكأنه يعارض أبا تمام في بائيته الشهيرة:

السيف أصدقُ إنباءً من الكتبِ

في حدّه الحد بين الجد واللعب

تمثّل تشريحاً شعرياً لجزء من واقع الطفرة العقارية التي ظهرت منذ أواخر السبعينيات في محافظة القطيف ومدينة سيهات، وتوصيفاً مؤلماً لما شهدته الرقعة الزراعية والسواحل من تغيير بيئي، بأسلوب وضع فيه شخصية “تاجر العقار” على منصة التوصيف والسخرية والتهكم.

كتبها قبل أن يبني بيته الذي يقطنه الآن وسط سيهات. وفيها حضور للعقاري وطريقته وأمتار الذهب التي يذرعها حين يمشي، وحين يتعامل مع “الصكوك”، وحين يلوّح بـ “السبحة”، في مزايدات “بلكات” الأراضي..!

وقد نُشر جزء من النص، في بحث عن الشعر القطيفي، في مجلة “الموسم”، العدد “15” الصادر سنة 1993 ـ 1414، ضمن باب الشعر الفكاهي.

“صُبرة” حصلت على نسخة للقصيدة كما كُتبت بخط الشاعر على الورق المعروف بـ “الحجازي”، كما حصلت على تسجيل فيديو للشاعر نفسه يقرأ القصيدة.

العقاريَّة

سَلِ العقارِيّ كم يجنِي من التُرُب

فـ “الشَّيكُ” أصدقُ أنباءً من الكُتبِ

مباركُ السعي لا تمشي به قدمٌ

إلا لتذرعَ أمتارًا من الذهبِ..!!

وكم له جولة في “النّمْر” حاسمة

وفي “السلام” وفي “الفردوسِ” ذو الرتبِ (1)

وفي “الصكوك” له “أطروحةً” كتبت

وفي “المخطط” مايغني عن الأدبِ..!

إن ذر في منتدى الأصحاب شارقةً

ولوحت “سبحةٌ” منظومةَ الحببِ..!

وأصبح “البُلك” جزءاً من مزايدةٍ

تجترُّه مغرياتُ العرضِ، والطلبِ!! (2)

وردد السعرُ شخصٌ لا تعرفه

إمَّا سُئِلتَ سوى “الدلَّال ذي الشنبِ”

هناكَ تنكشف الساحاتُ عن رجلٍ

جمِّ التجاربِ في “التثمينِ” لم يخبِ!!

جرِّب وسَلهُ عن الأرضِ التي رسمت

حدودها في جنوبِ “السدِّ” و “السِّيَبِ” (3)

ينبِئكَ عن سعرها حتى كأنّ لهُ

علمًا بأنسابها في سالفِ الحُقَبِ..!

لو شاءَ قالَ من “المريخ” قد قُطعت

ولن يبالغَ إن أوماْ إلى الشُّهبِ!!

يكادُ ينسيكَ أن “الطفَّ” كان لها

أبًا وأمًا فسل جدي وجدُّ أبي…! (4)

حيثُ “الخراسعُ” ما تنفكُّ من “أسلٍ”

ومن نخيلٍ بلا سَعْفٍ ولا كَرَبِ..! (5)

جرى “تركتر” في أرجائها زمنًا!

فأثمرَ الجريَ فيها سوء منقلبِ..! (6)

يستنجدُ “السكس” من تغريزةٍ تركت

أوصالهُ هامداتُ الروحِ والعصبِ..! (7)

و”السعرُ “و”الدفن” و”الدلَّال” أمثلةٌ

أضحت بمفهومِها من أعجبِ العجبِ..!

طُف “بالدكاكين” تستوقفكَ “لافتة”

زانَ “الدعاية” فيها نقشها العربِ!!

يكادُ يبتسمُ “الدُّكان” من جدلٍ

وقَد تحلَّق “بالصوفاتِ” و”الكنبِ”

وإن دخلتَ أتاكَ “الشاي” مشرعةً

أكوابهُ زفَّها نحوَ الزبونِ “صبي”!

فـ اهنأ بشايٍ وآمالٍ مجنحةٍ

بشارعين على “الكرنيش” عن كثبِ!

ووقّع “الشيكْ” مفتوحًا ليحصُد ما

جمعتَ دهرًا ولا تسأل عن السبب..!

————–

(1) النمر، السلام، الفردوس: من مخططات سيهات السكنية.

(2) بُلك: مجموعة أراضٍ مخططة للبيع.

(3) السد: مصرف زراعي عريض. سِيَب: جمع سِيبة: مصرف زراعي ضمن حدود البساتين.

(4) الطف: من أسماء بساتين سيهات. وهذا الاسم شائع في القطيف.

(5) خراسع، جمع: خرسعة: مستنقع بالعامية السيهاتية.

(6) تركتر: معدة تسوية الرمال.

(7) السكس: اختصار “سيكس ويل”: شاحنة رمال.

شاهد الفيديو.. القصيدة بصوت الشعر

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×