خطر الإباحية أشدّ من المخدرات
محمد حسين آل هويدي
بسم الله الرحمن الرحيم: … «20» وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «21» … صدق الله العلي العظيم – الروم.
يطالب البعض عن جهل بالإباحية والتخلي عن الزواج. لستُ في العادة من الذين يتدخلون في قناعات الناس، ولكن هؤلاء يريدون انقراض البشر واختفاء الإنسانية من الوجود. وسنناقش الموضوع من ناحية علمية، إن كان الداعون للإباحية لا يتأثرون بالأخلاق الفاضلة.
عمر الإنسان الحديث 300 ألف سنة. عمر الحضارة قصير بالنسبة لثلاثمئة ألف سنة. الحضارة أتت مع الزراعة التي ابتدأت بين الرافدين قبل ما يقارب 12 ألف سنة. عندما أسس البشر الحضارة، كان هناك زوجان. التزاوج بين البشر لم يأتِ من فراغ. أتى بعد خبرة لا تقل عن 300 ألف سنة. ومن خلال التجربة، خلص الإنسان العاقل إلى أن الزواج أفضل سبيل لبقاء النوع والاستمرارية.
بل التزاوج بين البشريات (ما قبل الإنسان) يمكن تتبعه إلى ما قبل ثلاثة ملايين سنة. ويقول في ذلك العلماء أن هذا أكثر ما سبب في نجاح البشرية لغاية الوصول إلى الإنسان العاقل (نحن). حينها، كانت تعيش الأسر في مجموعات؛ أسرة لكل زوجين. بل لم تكن للذكر أكثر من زوجة، وهذا تطور بالنسبة لبعض الرئيسيات. تعدد الزوجات أتى لاحقا بسبب موت الرجال حين اصطياد الطرائد الضخمة أو أثناء حروب قبلية. وعليه، كان التعدد اضطرارا وليس كونه طبيعيا بين البشر. بالرغم من أنني أتعهد بالالتزام بالعلم، إلا أن هناك إشارة قرآنية تفيد بوحدة الزوجة: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [2:35]. نلاحظ أن الخطاب موجه لمثنى وأن الزوجة كانت واحدة، وهكذا كان الأصل.
أكثر البشر، لا يقرّون الإباحية. ولكن هناك بعض المجموعات تمارس هذا الشيء، ومنهم الهبيز (hippies) الذين تكثر بينهم الأمراض الجنسية. بدون أدنى شك واعتمادا على الإحصائيات، الإباحية تساهم في انتشار الأمراض الجنسية المعدية، والتي بعضها خطير جدا. هذا أمر محسوم ولا جدال فيه.
القضية لا تقتصر فقط على تفريغ شحنات غريزية. من المعروف أن النساء يزددن جمالا ونضارة وشهوة وقت الإخصاب. وهذا أمر يجعل الطرفين مقبلين على لقاء حميمي، والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى حمل. والحمل يأتي بطفل بريء لهذه الحياة. من سيكون مسؤولا عن هذه النفس الجديدة؛ خصوصا، إن لم نعرف أباه الحقيقي؟ هل ستتكفل الأم فقط بهذا الطفل، وهل هذا من دواعي الإنصاف في حقها وفي حق طفلها؟ لو تغاضينا عن الأخلاق، ما ذنب هذا الطفل أن يعيش بلا أب معروف؟ الذي لم يستطع أن يستقر ويتزوج لن يستطيع أن يتحمل أي مسؤولية. ومن ثم يتحول هذا الطفل إلى مجرم ناقم على المجتمع والإنسانية.
الإباحية ليست الطريقة المثلى لحل المسائل الغريزية. هناك طرق نظيفة ومشروعة تقرّها جميع الأعراف والقوانين. وإن كنتَ أيها الشاب ترى لا بأس في هذه القضية، تذكر فقط وضع عزيزة عليك حينما تفكر نفس تفكيرك وتبتلى لاحقا بأطفال لا تعرف آباءهم. هناك من سيستخدم بعض الحجج الواهية لتبرير الانجراف وراء الإباحية ومنها أدوات منع الحمل أو الاعتماد على الجينات في تحديد أبوية أي طفل، ولكن هذا مجرد وهم وسراب يقبل به المقبل على شهوته، ولكن ما أن يقع الفأس في الرأس، فإن هذه الحجج لن تعود مجدية.