أرجوكم.. لا تحتفلوا بيوم اللغة العربية…!

حبيب محمود

بل اعرفوها أولاً، وقبل ذلك؛ تعلّموها؛ وحين تنجون من فوادح “اللحن” وخلط المنصوب بالمجرور بالمرفوع؛ وحين تميّز سليقتكم استعمال “أبو، أبا، أبي”، وتفرّق بين “المبني” و “المعرب”، وتنجحون في قراءة بيت شعر واحد للمتنبي ـ مثلاً ـ قراءة سليمة.. حينها احتفلوا، أو شاركوا في الاحتفال..!

من كوارث كثيرٍ من المحتفلين بيوم اللغة العربية؛ أنهم لا يُجيدون حتى نطق لفظ الجلالة “الله”؛ سليماً في استعمالات الجُمل الاعتيادية. هذه الكوارث تجري على ألسنة المذيعين على الهواء مباشرة، وعلى ألسنة معلّمي اللغة العربية، بل وعلى ألسنة كُتّاب مرموقين..!

ومن كوارث ما وقفتُ عليه في بيانات جهات محتفلة باليوم العالمي؛ وجود أخطاء لغوية “فادحة” في أخبار وتقارير “تمجّد” اللغة العربية، وتتحدث عن نفسها فيما ستقدمه للغتنا الجميلة في يومها العالمي..!

لماذا يحدث ذلك..؟

إنها طبيعة “الشكلانية” الغالبة على سلوكنا. وللدقة واحترام اللغة؛ أود إيضاح أن كلمة “شكلانية” ليست سليمة في الاستعمال التقليدي للغة، وإنما هي “تصرف صوتي” لحق باللغة على ألسنة علماء قدماء ولّدوا اصطلاحات خاصة في تخصصاتهم، فقالوا “جسمانية” و “نفسانية“، قياساً على “عرفانية” و “إنسانية“.. ومثل هذه “التصرّفات” بابٌ واسعٌ ليس عليّ فتحه هنا..!

الباب المهمُّ فتحه هنا؛ هو معضلة “الشكلانية” التي تأخذنا بحدث جمعيٍّ عريضٍ؛ نتماهى وإياه؛ إلى حدّ التباس القيميّ بغير القيمي..!

وفي سياق هذه “الشكلانية”؛ تجد من يحتفل باليوم العالمي لـ “البيئة” ـ مثلاً ـ فيدافع عن “المنغروف”، ويحارب من أجل حماية النطاق الزراعي؛ وحين تسأله أين تسكن..؟ فإنه يجيبك بعفوية “غافلة” عن أنه يسكن في حيّ كان بستاناً أو غابة منغروف…!

وضع اللغة العربية في احتفالات يومها العالمي؛ لا يختلف كثيراً عن وضع هذه “الشكلانية”، فتشارك طبيبة أطفال في احتفالية يوم الرضاعة الطبيعية، وطفلها في حاجة إلى حليبها، وتجنّد مؤسسة صحية كوادرها لمناهضة التدخين؛ وجزءٌ كبير من المشاركين.. مدخنون…!

أرجوكم.. لا تحتفلوا بيوم اللغة.. بل احترموها أولاً.

همسة: قبل أيام اقترح الزملاء أفكاراً للمشاركة في اليوم العالمي للغة العربية؛ فكان تعليقي: حين نُتقن اللغة العربية كما ينبغي لها؛ فسوف نحتفل مع المحتفلين.

‫2 تعليقات

  1. عزيزي الكاتب /
    قبل توجيه الامر بعدم الاحتفال
    وقرائة شعر المتنبي

    الاولى والاهم قرائة القرآن فهو الكتابٌ المنزل من الله للإعجاز و حُجه لمن يدعي الفصاحة والبلاغة

    وقبل توجيه الاتهام لمن لا يتقن النطق و اللفظ من معلمين و كتاب و مذيعين
    يجب أن تؤمن بأن خلق الله ليس سويا

    قال تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ )

    اي بمعنى اذا وهبك الله لِسانٌ طلق فلا يحق لك ان تتهم من لسانه مربوطٌ او معقود او من به تأته بأنه لا يلفظ النطق الصحيح فهذا خلق الله

    قال تعالى (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)

    هل مخلوقات الله من طيور واشجار وحيوانات تنطق التسبيح لله كما تنطقها انت ؟
    لفظاً ونحوياً !!

    واما من ناحية شكلانية ونفسانية والرضاعة والتدخين والمنغروف

    لا اعلم لماذ الشطحه !!؟؟
    اهي مقارنة او تذمر او تضارب افكار … لا ادري.

    وبالختام/ رفقاً بنا فالِسانُنا ومخارج حروفنا ليس طلقاً مثلك

    ولكن نطقها بقلوبنا صحيحاً
    الله اعلم و أقرب لضمائرنا

    إبقى بمنزلك ودعنا نحتفل بإختلاف ألسنتنا.

    وشكراً

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×