[سيرة طالب 6] ثلاث لمحات عن السيد السيستاني

الشيخ علي الفرج

تشرّفنا بزيارة المرجع السيد السيستاني حفظه الله في عام 1410هـ في جلسة خاصة مع أستاذي الشيخ قاسم القاسم قبل أن يطلب العلم رسميًّا، وكان معنا السيد عدنان السّادة، وهو من وجهاء القديح.

بين المتغيّر والثابت

ولم يكن السيد السيستاني في ذلك الوقت مرجعاً مطروحاً للتقليد؛ لوجود السيد الخوئي. وكنّا ـ نحن الثلاثة فقط ـ في مجلسه المبارك؛ إذ استقبلنا بحفاوة وتكريم جميل. ومن ضمن ما جرى بيننا وبين السيد سؤال عابر، هو:

كيف نفهم نص الرواية (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة)؟

فسألني قبل أن يجيب عن السؤال عن الكتاب الذي أدرسه في ذلك الوقت؟

فأجبت سماحته: أدرس المقدّمات.

ويفهم منه أنّي ما زلت في بداية تحصيلي لعلوم آل محمد.

أما السيد السيستاني فأجاب عن مفهوم الرواية المذكورة إجابة مطوّلة استهلكت ربع ساعة، ففهمت من ذلك أنّ سؤالي محلّ جدل كبير حول تغيّر الأحكام بسبب تغيّر الموضوعات.

جاء في الكافي للكليني ج١/ ث ٥٨: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز عن زرارة قال:

سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الحلال والحرام، فقال: حلال محمد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره.

وقال: قال علي عليه السلام: ما أحدٌ ابتدع بدعة إلّا ترك بها سنة.

احترام العلم

وسألت السيد السيستاني في مسجد الخضراء سؤالاً فقهيًّا، هو:

هل يعتبر سجود السّهو جزءاً من الصلاة فيجب أن يبادر الإتيان به بعد الصلاة، كما لا يلتفت لغير القبلة، أم هو منفصل عن الصلاة؟

فجال في التفكير وقال: سأراجع هذه المسألة، وموعدنا الليلة الآتية.

وفي الليلة الثانية ذهبت لصلاة الجماعة خلفه في المسجد، وبعد أن انتهينا اقتربت منه لأسمع جواب مسألتي، فقال لي:

إنّ سجود السهو ليس جزءاً من الصلاة، وإن وجب أن يبادر بعد الصلاة.

فراسة غير معهودة

تعظيماً للسيد السيستاني أذكر ما سمعته من الفاضل أخي الحبيب الشيخ جعفر الربح أنه سمع من أحد العلماء الموثوقين قصة غريبة عن جدّ السيد علي السيستاني، وهو من مراجع خراسان، واسمه أيضاً السيد علي السيستاني، نفس اسم المرجع الحالي:

جاء أحد المؤمنين للسيد الجدّ يدعوه للذهاب إلى بيته؛ لأنه قد ولد له مولودة، ويرغب أن يبارك ويدعو لها.

وبعد أن دعا لها تفرّس بتلك المولودة وقال بأنّها ستتزوج بولدي هذا (وكان يومئذ صبياً)، وينجب لها مولوداً، ويكون مباركاً، وسيصبح مرجع الطائفة الأعلى ويحفظ.

يقول الشيخ جعفر الربح:

إنني سمعت هذه القصة قبل مرجعية السيد علي السيستاني، يعني في أيام حياة السيد الخوئي، وكان ما تفرّس به جدّه قد وقع بالضبط في حقّ مرجعية الطائفة العليا، لكن تأملت في قوله (ويُحْفَظ) فلم أفهمها بالدقة لما سمعتها للمرة الأولى.

ومرّت السنوات الطويلة، وإذا بكلّ يوم يمرّ يكشف لنا صدق هذه الكلمة من قتل مجموعة كبيرة من النجف من المراجع والعلماء من قبل صدام، علماً أنه قد سجن أيضاً في سجون صدّام، لكنّ الله حفظه حفظاً كبيراً برغم الصعوبات والظروف القاسية.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×