[سيرة طالب 4] قصة التنكابني ودفن السيد المستنبط
الشيخ علي الفرج
يَحسنُ بنا قبل سرد القصة أن نعرّف بإيجاز راويها، وهو السيد محمد رضا التنكابني، ثم بعد ذلك نسرد أحداثها.
في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة 1364هـ، كانت ولادة السيد محمد رضا الهاشمي التنكابني، من أصل إيراني.
من أساتذته: السيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ حسين الحلي، والسيد نصر الله المستنبط، وغيرهم من المجتهدين.
عُرف بالنبوغ والمثابرة، وحضر على يديه الكثير من الطلاب في دراسة السطوح العليا من مختلف البلدان؛ كالعراق وطلاب من السعودية ـ القطيف والأحساء ـ ولبنان وغيرها.
وقد كان من المجتهدين الذين امتازوا بالفضيلة العلمية وحسن البيان والتواضع مع التلاميذ، ومنهم: السيد منير الخباز، والشيخ محمد علي البيابي.
كانت عيون حزب البعث له بالمرصاد، فتم اعتقاله مع جمع من العلماء، منهم المرجع الديني السيد علي السيستاني ـ حفظه الله ـ بعد أحداث شهر شعبان، عام ١٩٩١م، وبعد إطلاق سراحه هاجر إلى مدينة قم المقدّسة، وتولّى التدريس هناك، ثم بعثه المرجع الديني الشيخ الميرزا جواد التبريزي لتمثيله في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) مدة من الزمن.
توفاه الله في ٢٦/ ربيع الأول/ ١٤٣٢هـ، بعد صراع مع المرض مدة أربع سنوات، ودفن بجوار السيدة فاطمة المعصومة (ع) في قم، وتحديداً في مقبرة روضة الجنة (باغ بهشت) بعد أن صلى عليه الشيخ الوحيد الخراساني.
باب العلم
في سنة 1410هـ كنت أَدْرُس وأُدَرِّس في النجف الأشرف، وبالخصوص في مدرسة الآخوند الخراساني الكبرى، وجلسنا ذات يوم ـ في المدرسة ـ جلسة عامة في صحن المدرسة بجانب النافورة التي تتوسّطه، وإذا بالسيد محمد رضا التنكابني قد أقبل علينا وتوجه الكلام إليه لمكانته العلمية الرفيعة وهيبته،
فسألته:
ما الأسباب التي تعين الطالب على تحصيل العلم وهضمه؟
فتوجه السيد إلى جهة قبّة أمير المؤمنين (ع) مجيباً عن سؤالي: اطلب من الله متوسّلاً بأمير المؤمنين (ع)، تحصل على كنز العلم من باب العلم.
وصيّة لم تنفّذ!
ثم تحدّث بموضوع آخر دون سؤال من أحد الحاضرين، فقال:
يوم أمس رأى أهل السيد نصر الله المستنبط (ره) وصيته لأول مرة، وبعد أن دفن في مسجد الخضراء الملاصق لصحن أمير المؤمنين (ع) مدة تسع سنوات، فاكتشفوا أنّ من الواجب في الوصية أن يدفن في مكان آخر غير ما دفن فيه، وعلمنا بذلك، فأخذنا الوصية وذهبنا مع بعض العلماء إلى بيت السيد أبي القاسم الخوئي (ره)، لنسأله عمّا يجب علينا فعله بعد مرور تسع سنوات، فقال السيد:
افتحوا قبره فإن تحلّل جسده فيسقط وجوب الوصية، وإن كان جسده ما زال باقياً فانقلوه إلى المكان المذكور في الوصية.
الجسد الطّري!
فذهبنا مع بعض العلماء واستأجرنا شخصاً يحفر القبر، فلا زال يحفر ونحن ننظر إلى مكان عمل الحفّار، فوصل إلى حجرة كبيرة، مباشرة ففتح القبر فإذا أستاذنا السيد نصر الله المستنبط كأنّما من طراوة جسده نائم، ولم يتحلّل أيّ جسد وكفن، فنقلناه بالهدوء والتقديس إلى المكان الذي ورد في وصيته.
وما حدث بعد ذلك؛ هو أن السيد الخوئي (ره)، دُفن إلى جانب السيد المستنبط (ره)، وللمناسبة؛ فإن الأخير هو من العلماء المجتهدين البارزين، وصهر للخوئي (ره).
وأضاف السيد التنكابني:
يمكن أن تكون مداومة غسل الجمعة هي من المعضّدات لبقاء الجسد طريًّا بعد الموت، وأنا أعلم أنّ السيد المستنبط يداوم على غسل الجمعة، فكأنّما هو من الواجبات.
اللهم صل على محمد وآل محمد