“نعم نستطيع”.. هكذا قالتها نساء القطيف في جمعية العطاء 144 شهراً من المشاريع النوعية ببصمة أنثوية خالصة
من رمزية شعارها الذي يجمع امرأتين تُشيران إلى النجوم؛ يُمكن فهم السنوات الـ 12 التي خاضتها الجمعية النسائية الوحيدة في محافظة القطيف، وفهم مستقبل المؤسسة الاجتماعية التي تُدار مجلس إداري نسائي خالص، وبجهاز تنفيذي مماثل.
ظهرت الجمعية في وقتٍ لم تصل فيه أي امرأة إلى مجلس إدارة جمعية أهلية خيرية، وحتى بعد 12 سنة من نشاطها؛ لم تصل المرأة إلى مجالس إدارات الجمعيات القادمة إلا إلى مستوى أقلّ من خجول. لكنّ التجربة؛ قدّمت نموذجاً ناجحاً جداً في العمل الخيري الاجتماعي النسائي، حتى قبل زمن التمكين..!
وفي هذا التقرير تستعرض الزميلة شذى المرزوق، مسيرة الجمعية التي أحدثت فرقاً نوعياً في العمل الاجتماعي الخيري.
القطيف: شذى المرزوق
تاريخ حافل بالمشاريع والبرامج التي خدمت بها محافظة القطيف كاملة، ومع أنها تمركزت في منتصف المحافظة، حيث يقع مقرها في حي الناصرة، إلا أن خدماتها لم تكن حكراً على مدينة أو قرية دون أخرى، كما هو حال بقية الجمعيات الأهلية، ووضعت الجمعية نصب عينيها مساعدة الجميع من صفوى شمالاً، حتى سيهات جنوباً، منذ تأسيسها على يد 34 سيدة من القطيف، واجهن الكثير من التحديات، حتى أثمرت جهودهن عن تدشين “العطاء”، لتكون أول جمعية نسائية في المحافظة، عدا كونها الجمعية النسائية الوحيدة المعتمدة في هذا المجال الخيري “.
وخلال السنوات الماضية، استطاعت الجمعية أن تتميز بعدد من المشاريع والبرامج، ومنها برامج مشروع عون، كفالة طالب، الصحة والبيئة، يُسر لتيسير الزواج، رداء المودة، رعاية المسنين، وتطوير الأعمال، وبالإضافة إلى ما سبق، هناك وحدة التطوع التي تعتبر الممول الأساس لهذه البرامج بالمتطوعين، وبها تصدرت “العطاء” قائمة الجمعيات الأكثر إتاحة لفرص العمل التطوعي في المنطقة الشرقية في العام الماضي، وحصلت بذلك على جائزة التطوع من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.. وهنا ترصد “صُبرة” مسيرة الجمعية من تقييم أداء بعض برامجها، وكانت البداية من “عون”.
الأسر المتعففة
بدأ برنامج “عون” منذ تأسيس الجمعية، وتشرف عليه اختصاصيتان من الباحثات الاجتماعيات في قسم البرامج الأسرية، وهما سناء الحداد، وزهراء المشور، واستهدفت الجمعية بهذا البرنامج المواطنين من الأسر المحتاجة والمتعففة بعدد من الخدمات، شملت خدمات تأهيلية، هدفها المساهمة في تنمية وتمكين أبناء الأسر المستفيدة، لإيجاد مصدر دخل إضافي، وايجاد فرص مهنية جديدة، بما في ذلك برامح تحفيز لإكمال التعليم، أو التدريب المهني.
وتتوزع خدمات البرنامج إلى خدمات عينية، ومنها خدمة الإعانة الغذائية الدورية، إعانة شهر رمضان الكريم، كسوة العيدين، خدمة الحقيبة المدرسية، عيدية الأطفال، معونة الشتاء، تسديد فواتير الكهرباء، تسديد فواتير الماء، دعم الإيجار، والمساعدات الطارئة.
الهدر الاستهلاكي
وضمن البرنامج ذاته، هناك خدمات الصحة والبيئة، حيث أولت الجمعية اهتماماً كبيراً بالصحة والبيئة. وذكرت المشرف العام على برنامج “الهدر الاستهلاكي والتحسين البيئي” عضو مجلس إدارة الجمعية سابقاً دلال العوامي أن البرنامج “كان من أوائل البرامج التنموية التي تبنتها “العطاء” لنشر ثقافة المحافظة على البيئة نحو مجتمع صحي آمن، بمشاركة مجتمعية مع أهالي محافظة القطيف، وأثبتت من خلالها تميز العلاقة التي تربط العطاء بالمجتمع عامة والمواطن خاصة، مع بيان الأثر الذي نتج عنه تفاعل واستجابة مجتمعية لافتة إلى الحد من مسببات التلوث البيئي.
وأوضحت العوامي أن البرنامج الرئيس الذي حمل عنوان “البيئة”، تفرع عنه عدد من المسارات تحت عناوين مختلفة، لكل منها آلية عمل خاصة، وتستهدف في نهاية الأمر حماية البيئة في جوانب عدة، لضمان أداء عمل بجودة أكبر”.
وأكملت “حتى الآن، لدى الجمعية 4 مشاريع، تندرج تحت البرنامج البيئي، وهي “مؤسسة الاستهلاك الذكي التي تتلقى المستلزمات المنزلية الفائضة عن الحاجة، سواء مستخدمة بحالة جيدة أو جديدة، بهدف ترشيد الاستهلاك، والحد من رمي المخلفات، مع ضمان مساعدة ذوي الدخل المحدود أو الأسر المحتاجة في إمكانية شراء احتياجاتها بأسعار رمزية، يعود ريعها للجمعية، بالإضافة إلى مشروع خاص بإعادة تأهيل وصيانة الأجهزة الإلكترونية، بالتعاون مع جمعية “ارتقاء”، وكذا الشراكة الاستراتيجة مع مصنع “داز” في الهيئة الملكية بالجبيل، ويهتم المشروع بتدوير الأجهزة الكهربائية التالفة”.
وأضافت “الحصة الأكبر في المشاريع البيئية، هي من نصيب حملات التنظيف في المحافظة، والحملات التثقيفية التي تحث على النظافة والمحافظة عليها، وماهية الطرق المثلى لاستخدام الموارد الاستهلاكية التي تفاعل معها المجتمع القطيفي بشكل مميز”.
تنظيف المانغروف
وأشارت العوامي إلى عدد من المشاركات التي ساهمت فيها “العطاء” ومنها: المساهمة في حملة تنظيف المانغروف، بالتعاون مع جمعية محبي البيئة في شراكة مع أرامكو السعودية، حيث شاركت محافظة القطيف بأبنائها وعدد كبير من الأسر بمختلف الأعمار عام 2013، وإطلاق حملة “بيدي أحسن بيئتي”، التي تكررت لـ3 مرات، وتستهدف تنظيف شوارع وكورنيش القطيف، وذلك عام 2018”.
وأشارت العوامي إلى التعاون مع لجنة الصحة والبيئة في المجلس البلدي في حملة “من أجل قطيف أجمل” التي أقيمت عام 2017، والمشاركة في مهرجانات البيئية، ومنها مهرجان البيئة الثالث، وأسهمت في دعم حملة “قطيفنا خضراء” في عام 2014. والمشاركة في حملة زراعة الحدائق الصغيرة، بالتعاون مع احدى المدارس المتوسطة، وبلدية القطيف، كما تبنت فعالية بعنوان “دون كلام”، التي حمل فيها المشاركون من براعم المحافظة عدداً من الشعارات التوعوية للحث على نظافة المرافق العامة”.
بنات المحافظة
وأضافت العوامي “للعطاء دور استثنائي في حملات التنظيف، وكان آخرها المشاركة الحالية في حملة “الشرقية نظيفة”، تحت عنوان “إماطة”، التي أطلقتها أمانة المنطقة بداية العام الجاري (2021)، واستطاعت فيها “العطاء” تسجيل عدد كبير من المتطوعين من أبناء وبنات المحافظة المشاركين تحت مظلتها”.
واستطردت “هذا عدا ورش العمل التي قدمتها الجمعية في الذكاء المالي، ضمن مشروع “الاستهلاك الذكي/ استهلك صح”، والعديد من الحملات التثقيفية التوعوية بأهمية الحفاظ على البيئة.
كفالة طالب
ويخدم مشروع “كفالة طالب” المجال التعليمي، ويستهدف الطالبات المتخرجات في المرحلة الثانوية، ممن لم تسمح لهن الظروف المادية باستكمال الدراسة الجامعية، بالإضافة إلى تأهيل ومتابعة الطالبات من المرحلة الثانوية، بتقديم الدورات المساندة للعملية التعليمية، للحصول على مستوى أفضل، والمساعدة لبقية المراحل من الطلبة بعدد من الخدمات المساندة”.
وعلقت رئيسة البرنامج أسماء آل نصر قائلة “كان الهدف من المشروع منذ البداية، الخروج بالطلبة من دائرة الضغط المادي الذي يمثل أبرز العراقيل في استكمال العملية التعليمية، إلى حيز الاستقرار، بما يضمن تحقيق الطموح العلمي والعملي، من خلال تفعيل دور الشراكة المجتمعية لكفالة تعليم هذه الفئة”.
وأوضحت “مع ما شهدناه في المملكة من تطور كبير في المجال التعليمي؛ تطورت تبعاً لذلك آلية العمل على برنامج “كفالة طالب”، بعد استحداث البرامج والخدمات الداعمة لتعليم الطالبات المستفيدات، بما يتلاءم مع متطلبات الرؤية الجديدة، ويؤهلهن للحصول على مستوى تعليمي عالٍ، حيث يشمل دورات التحصيلي والقدرات لطالبات السنتين الأخيرتين من المرحلة الثانوية، ودورات تقوية الدروس لعموم المراحل، ودورات تدريبية أخرى”.
قيد الدعم
ولفتت آل نصر إلى أن عدد الخريجات من المشروع، وقالت “هن 13 طالبة، فيما لا تزال مجموعة من الطالبات قيد الدعم الذي توجهه الجمعية لهن، من خلال سداد الرسوم الدراسية، آخذةً بالاعتبار تنوع المؤسسات التعليمية المتعاونة”.
ونوهت أن “الخدمة التعليمية في المشروع لم تقتصر على سداد رسوم الدراسة الجامعية للطالبات المتخرجات في الثانوية، وطلاب رياض الأطفال فحسب، بل تجاوزتها لسداد مصاريف المواصلات والمستلزمات المكتبية، والتعليمية، وتقديم الدورات التأهيلية ودروس التقوية كذلك”.
رداء المودة
وهو مشروع خاص، يعنى بتوفير مستلزمات ليلة الزفاف للعروس وذويها من الأسر المحتاجة ومن ذوي الدخل المحدود. ويشمل ذلك فستان الزفاف، الكماليات، الشنط، ملابس المناسبات كما يشمل تجهيز العروس في ليلة الزفاف، بالتعاون مع مشاغل نسائية في القطيف.
وبحسب المشرف والإداري على المشروع خاتون العوامي، فإن “الغاية من المشروع هي إعادة استخدام الملابس التي تبدو بحاله ممتازة، خاصة ملابس المناسبات التي لم تستخدم إلا لمرة واحدة، كما هي الحال في فستان الزفاف، وإعادة لبس ملابس الأعراس والمناسبات (الجلوات، والتبريكات) والإكسسوارات المستخدمه (الشنط، والأحذية) بالإضافة إلى ثقافة تدوير السلع الاستهلاكية، ومنها الملابس، والاكسسوارات والغاية الأسمى هي تخفيف ثقل المصروفات على العوائل ذات الدخل المحدود”.
تيسير الزواج
ويبحث برنامج “يُسر” لتسير الزواج في سبل تمكين المقبلين على الزواج، ويتضمن مساهمات مادية لتهيئة عش زوجية مناسب، بعد توفير الاحتياجات الأساسية من أجهزة كهربائية، وأثاث، كما يتضمن سلسلة من اللقاءات التوعوية والتثقيفية مع عدد من الاختصاصيين، سعياً نحو استقرار مادي وعاطفي في العلاقة الزوجية. وبلغ أعداد من تم مساعدتهم من المشروع 30 شاباً مقبلاً على الزواج”.
وقالت مدير المشروع ندى آل اسماعيل “إن المشروع انطلق العام الماضي (2020) بعد أن كانت مساعدات الزواج تندرج ضمن قائمة خدمات مشروع “عون”، ويهدف إلى مساعدة المقبلين على الزواج في توفير الأجهزة الكهربائية الأساسية فقط، وتوسع البرنامج خلال الأشهر الماضية، لينفرد بآلية مستحدثة، ضمن برنامج خاص، يقدم خدمات أشمل للمستفيدين من المشروع، وقد حصل البرنامج على منحة من وزارة الموارد البشرية والتنمية، نظير الجهود التي قدمها للمجتمع، وطوعت إدارة البرنامج مصروفات المنحة حتى الآن، لخدمة عدد كبير من المستفيدين، فيما لاتزال ملفات البحث ترصد احتياجات أسر أخرى متقدمة للاستفادة من خدمات المشروع”.
تطوير الأعمال
ولن تتجاهل جمعية العطاء دعم الأسر المنتجة ومشاريعها الصغيرة، فابتكرت برنامجي “ريف” و”ثمار” اللذين تشرف عليهما المدير التنفيذي للجمعية زينب آل ماجد.
وتعتبر “العطاء” الأولى والوحيدة بين الجمعيات التي تدعم المشاريع الخاصة بالأسر المنتجة، وتقدم ورش أعمال خاصة لإنجاح المشاريع، والتمكين لذلك في اطار الخدمة التي أساسها اقراض المستفيد مبالغ مالية، تمكنه من بدء المشروع إن كان جديداً أو تحسين مشروع قائم له” .
وعن “ثمار”، فهو برنامج انفردت به “العطاء” بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية، لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر للأسر المنتجة. وبلغ أعداد المستفيدين منه 44 مستفيداً من الأسر المنتجة طوال سنتي المشروع الذي انطلق في 2019.
وتعمل الجمعية على تسهيل الحصول على التمويل والمتابعة لتقديم الطلب، كما تقدم عدداً من اللقاءات وورش العمل الخاصة بالعمل التجاري الحر، مستهدفةً تمكين الأسر المنتجة وتذليل صعوبات العمل.
أما عن “ريف”، فتعتبر جمعية العطاء شريكاً حصرياً لوزارة البيئة والمياه والزراعة في محافظة القطيف، ويتم تقديم دعم غير مسترد لصغار المزارعين والأسر الريفية لتمويل المشاريع التي أساسها زراعي، مثل صناعة الأجبان، وبيع المنتوجات الزراعية، وانتاج العسل وغيرها.
رعاية المسنين
بذلت “العطاء” جهداً في تسيير أعمال هذا البرنامج، من خلال برامج توعوية لرعاية حقوق كبار السن، منها زيارات للمسنين في مستشفى القطيف المركزي، وزيارات ميدانية لمراكز الرعاية الصحية في سيهات، بالإضافة إلى تنظيم محاضرات متنوعة، في مقدمتها محاضرة “دعم مشاركة المسنين في بناء المستقبل”، وأخرى برسالة “للمسن حقوق لا عقوق”.
وأبانت مدير المشروع ندى آل اسماعيل أهمية رعاية هذه الفئة. وقالت “هم في أمس الحاجة للاهتمام، وسعت “العطاء” لتحفيز الفئات الناشئة والشابة، للمشاركة تحت في فعالية بعنوان “نمد اليد.. نكسر العجز”، ايفاءً بحقوق كبار السن الذين أفنوا جل أعمارهم لتقديم الرعاية فيها للأبناء، وقد حان على الأبناء هذا الدور من المسؤولية”.
برامج منوعة
ولا تقتصر برامج العطاء على البرامج السابقة، بل قدمت الكثير من الخدمات والبرامج والمحاضرات التوعوية المتنوعة، منها ـ على سبيل المثال ـ برنامج “ملهمات” و”الجود من الموجود”، و”جلسات تطوير الذات”، فضلاً عن برامج توعوية حول غسل الأموال، إلى جانب شراكات متنوعة مع عدد من الكتّاب والادباء، والمثقفين في دعم الجمعية بريع مبيعاتهم.
أما في أزمة جائحة كورونا، فقد وقفت سيدات العطاء موقفاً مشرفاً بجانب الأسر المتضررة، وقررت دعمها في فترات الحجر الصحي، هذا عدا الاستشارات الصحية التي فتحت لها خطاً مباشراً للتواصل بين المستفيد والاختصاصي.