في ريف “كفر الشيخ”.. محافظون أكثر منا في القطيف
حسن السيد حسين العوامي
في قلب ريف الدلتا؛ كان صديقي الفلاح المصري الشهم، المقيم في بلادنا يحدثني عن وجوه الشِّبَه بين قرى القطيف وقرى ريف محافظته في الوجه البحري.
وأصر صديقي على السفر معه الى قريته الريفية، في قلب محافظة كفر الشيخ، وهناك استضافني بفيض من كرم لا يُنسى. في الريف المصري سحرتني المناظر الخلابة التي ايقظت ذكريات الطفولة والصبا، في ثاني أكبر واحة في الساحل الشرقي لبلادنا الحبيبة، واعني بها واحة القطيف التاريخية، التي تآكلت في غضون أربعة عقود، بسبب سلبيات التنمية السريعة، وأمور لا تتسع المساحة لذكرها..!
أهل الريف العربي محافظون، وفي مصر وجدتُهم محافظين أكثر منا، فلم يعانوا من أثر التطور المدني السريع، واحتفظوا بإرث التمسك بالأرض الزراعية والتكيف مع العيش من خيرات أراضيهم، من المحاصيل والغلال والعمل الزراعي المضني. كثيرٌ منهم لما يزل يملك الخيول والحمير، في نقل غلة الأرض والأعلاف للجواميس والبقر.
وعلى الرغم من كثافة السكان، حافظ أهل الريف على النسق الطبيعي لأراضيهم، وتِرَع الريّ التي تأثرت بالمخلفات بشكل محدود.
ويتمتع أبناء هذا الريف بالقناعة والصبر، ودفء العلاقات الإنسانية والكرم الحاتمي الملحوظ، والحرص الشديد على تعليم أطفالهم حفظ القرآن الكريم، بإلحاقهم بكتاتيب بعد الظهر.
الحقيقة هي أن دراسة إمكانية تحويل الريف المصري الجميل إلى منتجع سياحي ذي مردود اقتصادي مجزٍ، تحتاج الى تخطيط علمي ثقافي مركز، فكثير من الدول السياحية الآسيوية والأفريقية، سهلت الأمور من أجل استضافة السواح عوائل وأفراداً للإقامة بضعة أيام مع الأسر الريفية، والتعرف إلى نمط الحياة الطبيعية الهادئة الجميلة، والتمتع بالمناظر الخلابة، وتناول الطعام الطبيعي والفواكه والخضار العضوية، ورؤية الطيور المحلية والمهاجرة والحيوانات الداجنة، حيث يشعر السائح ببهجة الطبيعة والتعرف عن قرب إعلى ثقافة أهل الأرض وتفاعلهم المدهش مع طبيعتهم المحلية.
أمنية لتفعيل الريف العربي اقتصاديا وثقافيا، بعد هيمنة التطور المدني الكبير، على نمط حياة الإنسان. تحية لمصر ولشعبها العربي العريق الكريم.