التحرش الجنسي جريمة كراهية
هالة الشماسي
اليوم الوطني فرصة للشعوب للتعبير عن حبها لوطنها وولائها له، وهذا ما لمسناه في السعودية، حين عبر الشعب السعودي ـ خاصة فئة الشباب منه ـ عن حبه وعشقه لوطنه العزيز.
ولكن للأسف عكر صفو وجمال تلك اللحظة التحرشات الجنسية التي حدثت في بعض مناطق المملكة، وكانت على مرأى عين جموع من البشر وأمام عدسات الكاميرات.
هل كانت كل هذه التحرشات فقط بدافع الغريزة المسعورة غير القابلة للكبح..؟ أم كانت أفعالاً بدافع الكبر والتكبر والتحدي والكراهية؟!
حسب علم النفس يُصنف المتحرش الجنسي الى فئتين:
– فئة المتحرش الخفي.
و
– المتحرش العام.
المتحرش الخفي هو الذي تكون عادةً ضحيته من الأطفال وغيرهم من فئات العاجزين على الدفاع عن أنفسهم مثل أصحاب المشاكل العقلية من ذوي الإعاقة، لأن هذه الحالات يكون من أسبابها عدم قدرة المتحرش على السيطرة على نفسه وعدم قدرة ضحيته على أن يشي به لأحد أو يدافع عن نفسه.
هذه الجريمة تكون عادةً في السر لمعرفة المجرم إنها مجرّمة اجتماعياً وقانوناً، وسيحاسب عليها، بينما هو يكون عادةً شخصاً يحب أن يحافظ على شكله ومنظره الاجتماعي أمام الناس.
أما المتحرش العام فيرتكب جريمة التحرش أمام العامة، وهو متفاخر بها، ذلك لأن ذلك النوع من المتحرشين من سماتهم أنهم يمتلكون شعوراً بالدونية وضعف تقدير لذواتهم، وذلك الضعف يجعل صاحبه يغار ممن يراه أعلى منه فيحاول أن يؤذيه ويهينه علناً بأي طريقة.
ونجد أن جريمة التحرش العلني تشبه الى حدٍ كبير جرائم الكراهية حيث تشترك معها في شكلها المتمثل بإعلان الجريمة و تفاخر المجرم بجريمته، وفي دافعها وهو الحقد على الضحية بسبب شعوره بالتهديد منها.
وسبب إعلان الجريمة هو رغبة المجرم في أن يُظهر للعالم قوته ومدى قدرته على التنكيل بضحيته، وذلك على عكس الجريمة العادية التي عادةً ما تكون بالسر وخوفاً من التشنيع والعقاب.
ولهذا دائماً ما يقصد المتحرشون النساء الذين يرون أنهن قويات أو أعلى منهم اجتماعياً أو شكلياً أو يمتلكن مظهراً قد يعبر عن عدم خضوعهن للهيمنة الذكورية في المجتمع، فيشتعل الشعور بالدونية والتهديد عند أولئك المتحرشين فيبدؤون بهجومهم الجسدي والحيواني الذي لا يملكون غيره.
أفعال التحرش هذه ليست أكثر من محاولة إثبات من المتحرش أنه أعلى واقوى، ويستطيع أن يفعل بها ما يشاء ولا قوة للمرأة عليه.
إنه سلوك معروف من الذين يعانون قلة التقدير لذواتهم، فيحاولون تخفيف ألم المعاناة عن أنفسهم، عن طريق تقليل تقدير الآخرين لذاتهم.
جرائم الكراهية للمرأة تشبه الى حدٍ كبير جرائم كراهية البيض للسود في أمريكا في القرن الماضي.
إنها جرائم الكراهية لدى الإنسان، ودافعها دائماً واحد، هو ضعف التقدير للذات، فرؤية الرجل الأبيض من كان عبداً له سابقاً في وضع حالي أفضل منه يُلهب قلبه المريض بنقص الثقة والشعور بالدونية، فينتهي به الأمر إلى الاعتداء على ذلك الأسود الناجح والافضل منه.
وجرائم الذكورة المهزوزة ضد النساء لا تقتصر فقط على التحرش، فقد تصل إلى دائرة الجريمة الجنائية، كما يحدث في كثير من مناطق ودول العالم من جرائم ينفذها رجال ضدّ نساء رفضنهم أو جرحن كرامتهم المهزوزة بشكل أو بآخر، مما دفعهم بالنهاية إلى الاعتداء عليهن، سواء بالضرب أو الحرق بل، وقد تصل حدّ للقتل.
في الحقيقة جرائم الكراهية لا تحدث إلا في مجتمعات تفيض بمشجعين لها وثقافة خصبة تنمو وتكبر فيها.
كراهية للمرأة غير الخاضعة للهيمنة الذكورية، وقد تتغذى هذه الكراهية في مجتمعاتنا على بعض الأفكار الثقافية وبعض المنظومات الاجتماعية المتصدرة لها.
وليس هناك تشجيع للمجرم على ارتكاب الجريمة؛ أكثر من معرفته أن جريمته لن يتبعها التشنيع من المجتمع الذي يتبع عادةً أي جريمة، وأن المجتمع لن يلومه عليها بل سيلوم ضحيته و يتهمها بالتغرير به لفعل تلك الجريمة..
وقد تتعرض المرأة نفسها لوابل من الشتائم والقذف، بينما ينهمر عليه هو فيضٌ من العطف والتعاطف، فهو مجرد مسكين غير عاقل رأى طعاماً في طريقه فهجم عليه لأخذه. وتباً لمن يريد أن يعاقب هذه النوعية من الرجال او حتى يلومها.
ونتيجة لهذه الأفكار وهذه التغذية تحدث جرائم التحرش الذميمة التي يتقزز منها القلب الصالح والعقل الواعي و الضمير.
فلو يتوقف تفكير مجتمعاتنا العربية عن التعامل مع الذكور على أنهم حيوانات هائجة او ذبابات قذرة و التعامل مع النساء على أنهن أوعية جنسية لأولئك الحيوانات و الذباب لاندثرت كل تلك الجرائم.
ليس من العدل أن تتحمل المرأة نقصاً وضعفاً في ثقة الذكور في أنفسهم وانعدام سيطرتهم على غرائزهم.
وكما قال تعالى في كتابه الكريم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}. سورة فاطرة آية 18
الإنسان السوي والمتطور هو المسيطر على غرائزه ورغباته. أما الإنسان الحيواني غير القادر على ضبط نفسه بالاعتداء على ما ليس من حقه؛ فمكانه مع الحيوانات في الغابات وليس مدن البشر.
و في النهاية لا يسعنا سوى شكر وزارة الداخلية على إجراءاتها الحاسمة وقبضها على مرتكبي تلك الأفعال القبيحة الآثمة.
ونشكر ملكنا الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله ـ على القوانين والعقوبات التي تتعامل مع جرائم التحرش في المملكة خلال السنوات الاخيرة.
الى الاخ متعقل
قال تعالى في كتابه الكريم
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)
وهنا سبحانة يأمر الذكور بغض البصر و هو النظر فقط ..النظر فما بالك بالتحرش بالأيدي و غيره..
و عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام قال
«الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ))
و قال سبحانه وتعالى ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)) سورة المدثر آية 38
فليس هناك في القرآن ما يبرر الإثم و يحمل نفس ذنب نفس اخرى ..
من أفشل ما قرأت!!
تعرضت الكاتبة لمشكلة مجتمعية هي – بحسب ما يظهر من صورتها الشخصية- ومثيلاتها من أجلى وأوضح مسبباتها
بما يقدمونه من فتنة على طبق من ذهب إلى “الذي في قلبه مرض”
قال تعالى:
{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}
خالق الخلق أعلم بما خلق.. فلا تكابرو
مقال رائع جداً 👏🏻👏🏻