[قُم للمعلم] الإخوان آل خميس وزملاؤهم والشمري.. حكايات «الجيل الأول» في صفوى درسوا الابتدائية وبعد 3 سنوات دراسة في المعهد عادوا معلمون

صفوى: أمل سعيد

لعقود؛ حملوا الطباشير والمسّاحات، ودفاتر الطلاب، بين ممرات مدرستي الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واليرموك الابتدائية في مدينتهم صفوى، ومدارس أخرى في مدن وبلدات المنطقة الشرقية.

«عصا» المعلم لازمتهم سنوات، ليس بالضرورة كانوا يستخدمونها لضرب الطلاب. ولكن «هيبة المعلم» لم تكن تكتمل من دونها. هذا كان «سلوم» المعلمين الأوائل.

لم يكن المعلمون: علي محمد خميس (متوف)، علي صالح خلف (متوف)، محمد حبيب آل اسعيد (متوف)، وسليمان الداوود (متوف)، إضافة إلى حسن عبدالله مسري، عبدالله علي مبارك ومحمد أحمد سيف (أطال الله في أعمارهم)، استثناءً من هذا «البرستيج» في تلك الحقبة من تاريخ التعليم السعودي.

بصمات عميقة تركها هؤلاء المعلمون الأوائل على أجيال من طلاب مدينتهم؛ صفوى، وغيرها، طوال سنوات خدمتهم، التي راوحت بين ثلاثة وأربعة عقود، قبل أن يتقاعدوا ويسلموا راية التعليم إلى جيل جديد، كانوا يوماً من طلابهم.

أن تكون الأول؛ فهذا يهبك امتيازاً بلا شك، لكنه يُلقي على ظهرك حملاً وحدك وحدك، تشعر بثقله وجدارة السير به.

الجيل الأول من المعلمين في صفوى، هو الجيل الذي درس سنواته الـ6 الأولى على أيدي معلمين من خارج المملكة؛ من سورية وبلدان الشام إجمالاً، ومصر. هو الجيل الذي نقل شعلة العلم إلى بيوت صفوى، واستمر يحملها لينير الدرب لكل من أتى بعده.

«صُبرة» تلقي قليل من ضوء على أشخاص؛ ربما لم يتبق منهم غير أسمائهم تسبقها «المرحوم»، أو تليها كلمة «رحمة الله عليه»، فعلى من مضى منهم رحمات وبركات، وللباقين منهم طول العمر والعافية.

كان في صفوى مدرسة واحدة، تخرج منها تلاميذ المرحلة، ثم أقيمت مدرسة ثانية، وأصبح اسميهما لاحقاً:

مدرسة صفوى الأولى؛ الإمام علي بن أبي طالب حالياً.

مدرسة صفوى الثانية؛ اليرموك لاحقاً.

علي محمد خميس

في أسرة اهتم والداها بمسيرة أبنائهم الدراسية، وحرصا على أن يكونوا في مقدمة من ينهل العلم؛ نشأ الإخوة الثلاثة مجدين ومثابرين. وكما كان يؤّمل منهم؛ فقد تخرج الإخوة آل خميس من معهد المعلمين، ليقودوا مع زملائهم الحركة التعليمية في صفوى.

الأخوان: مكي وعبدالله آل خميس اشتغلا في مهنة التدريس، التي سبقهما إليها أخوهم الأكبر؛ المرحوم علي آل خميس، بسنوات قليلة جداً.

ولد المرحوم علي آل خميس عام 1367هـ، وبحسب عبدالله آل خميس (الأخ الأصغر للمرحوم)؛ فقد درس أخوه الابتدائية في صفوى، وأنهى الصف السادس عام 1383-1384هـ، ليلتحق في معهد المعلمين بالدمام، حيث درس فيه 3 سنوات، وتخرج منه عام 1386-1387هـ.

«تعين أخي معلماً في أم الساهك، وأثناء ذلك؛ قصد الرياض لإكمال دراسته في مركز الدراسات التكميلية. عاد بعدها ليكمل مشواره المهني؛ معلماً في مدرسة اليرموك بصفوى، ثم انتقل إلى مدرسة صفوى الابتدائية (الإمام علي حالياً). تقاعد بعد سنوات طويلة من العطاء، استمرت 36 سنة، وأنهى خدمته في مجال التعليم عام 1423هـ».

انتقل علي آل خميس إلى جوار ربه عام 1434هـ، عن عمر 67 سنة.

عبدالله المبارك

كما كل أفراد دفعته؛ درس المبارك في المدرسة الابتدائية بصفوى، وأكمل فيها هذه المرحلة، ومنها إلى معهد المعلمين في الدمام.

ما إن أنهى سنوات المعهد؛ حتى تم تعيينه سنة 1386-1387هـ، معلماً في الصرار، التي تبعد حوالى 190 كيلومتراً عن مسقط رأسه؛ صفوى.

يقول المبارك «درّست في الصرار سنتين، وبعدها نُقلت إلى عنك، لكن وجودي فيها لم يطل؛ شهرين ثم جرى التبديل بيني وبين معلم آخر، فانتقلت إلى مدرسة الجش الابتدائية، كان ذلك من السنة الدراسية 1388-1389هـ، وبقيت فيها إلى 1399هـ».

11 سنة قضاها المبارك في الجش، هذه الفترة الطويلة كانت كفيلة وكافية لأن تنشأ بينه وبين طلابه وأولياء أمورهم، علاقات «قوية وودودة»، استمر بعضها إلى اليوم «مازال بعض طلابي في الجش يتواصلون معي بشكل دائم، وتربطني بهم علاقة طيبة، ونتزاور في مناسباتنا، سواءّ السعيدة أو الحزينة».

يضيف «من الجش ذهبت إلى الرياض، لإنهاء الدراسات التكميلية، سنتان متواصلتان، من دون إجازات أو فواصل، قضيتها في العاصمة وعدت إلى مدرسة الجش، وأخيراً في عام 1399هـ نقلت إلى صفوى».

انتقل المبارك إلى مسقط رأسه، وتحديداً مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، كان مديرها المرحوم فريح الشمري، وبعد فترة بسيطة تسلم إدارة الفترة المسائية، لثقة الأخير في حسن إدارة الأول، الذي يقول «بقيت مدة طويلة في الإدارة، إلى أن طلبت إعفاءً من العمل الإداري، وتحديداً عام 1990. وانتقلت إلى مدرسة حي الزهراء التي أمضيت فيها ما تبقى لي من سنوات الخدمة».

خدم المبارك وطنه ومجتمعه سنوات ناهزت الـ40. يرى أنها «نِعمَ الأيام. الحمد لله لم تواجهني صعوبات طوال مسيرتي المهنية، وقضيت في التدريس 38 سنة إلا شهرين، لم أجد في كل هذا العمر إلا جميلاً».

تقاعد المبارك عام 1425هـ، ومازال يحمل في قلبه حباً للمهنة، ويرى أنها «تستحق من الأجيال اللاحقة من المعلمين؛ مزيداً من بذل الجهد والإخلاص». ويتمنى «أن تعود إلى المعلم مكانته التي تليق به».

علي صالح عبدالله الخلف

من مواليد عام 1364هـ. درس المرحلة الابتدائية في صفوى، ثم التحق في معهد المعلمين بالدمام. في عام 1386هـ؛ عُين معلماً للغة العربية في مدرسة عنك الابتدائية. بقي هناك سنة، وكان ثالث مُدرس من أهل صفوى.

بعد إنشاء المبنى الحالي لمدرسة الجش الابتدائية؛ عُين مديراً فيها لمدة 5 سنوات، وبعدها تم ابتعاثه إلى مركز الدراسات التكميلية في الرياض، لمدة سنتين، وتخرج عام 1394هـ (1975).

عاد الخلف من الرياض، ليعُين مديراً لمدرسة الخوارزمي المتوسطة في صفوى، واستمر كذلك لمدة 25 سنة، وقبل أن يترك «الخوارزمي» بسنتين؛ أدار مدرستين في آن؛ دار العلوم الثانوية في صفوى، وكانت في بداية تشغيلها، إضافة إلى «الخوارزمي»، وكانت المدرستان حينها في مبنى واحد.

عام 1416هـ؛ ومع حركة نقل كبيرة للمديرين والمدرسين شهدتها المنطقة؛ تم نقله إلى مدرسة بلال بن رباح الابتدائية في سنابس، لمدة سنة واحدة فقط، لينتقل إلى مدرسة الأوجام الابتدائية لمدة 6 سنوات.

بقي الخلف في مدرسة الأوجام لغاية عام 1424هـ، حيث أنهى سنوات خدمته، وترجل بعد أن قضى في المهنة 38 سنة.

حرص الخلف خلال سني خدمته على تحفيز الطلاب على ممارسة الأنشطة المدرسية، وكان يُكثر من الرحلات مع طلابه.

عُرف عن المرحوم حضوره الاجتماعي، والتزامه الأنظمة الإدارية. كان شديد الحرص على أن يكون الطالب في مدرسته «بسلوك منضبط وملتزم».

كان (رحمه الله) محباً لأعمال الخير، وعضواً فعالاً في المجتمع؛ فقد كان مسؤولاً عن الحسينية الجعفرية لأكثر من 35 سنة، وخدم في جمعية الصفا الخيرية لدورتين متتاليتين (حوالى 6 سنوات)، تولى خلالها إدارة لجنة حركة السيارات.

كما كان الخلف ولياً على عدد من أوقاف أهل البيت (عليهم السلام)، في صفوى منذ عام 1407هـ وحتى وفاته يوم الأربعاء 20 ربيع الثاني 1438هـ (18 يناير 2017)، بعد معاناة مع المرض، عن عمر ناهز 74 سنة.

محمد آل اسعيد

ولد محمد حبيب آل اسعيد عاماً 1368هـ. ويحكي حسن آل اسعيد مسيرة أخيه المرحوم «درس المرحلة الابتدائية ككل أفراد جيله، ثم أكمل في معهد المعلمين بالدمام، لمدة 3 سنوات، وبعدها تم تعيينه في مدرسة بالجبيل. وكان عدد المعلمين السعوديين – وقتها – قليل جداً. عمل هناك معلماً لمدة سنتين، ثم انتقل إلى مدرسة اليرموك في صفوى، وتوجه بعدها إلى الرياض لمدة سنتين، لإكمال دراسته التكميلية، وعاد إلى اليرموك».

يروي آل اسعيد، ما حصل لأخيه في المدرسة الأخيرة «ظل أخي فيها فترة طويلة، حتى حدثت مشكلة بينه وبين مدير المدرسة، فأصدر الأخير قراراً بنقله إلى مدرسة برحيمة. كان أخي يعتبر هذا القرار «تعسفياً». لم يسكت؛ اعترض على القرار، وصعّد الأمر إلى وزير التعليم، الذي أنصفه وأعاده إلى مدرسة اليرموك».

يكمل آل اسعيد «ظل أخي في مدرسة اليرموك، إلى أن تقاعد عام 1424هـ».

أما عن زملاء الدراسة والعمل؛ فيقول آل اسعيد «زامل أخي الرعيل الأول من المعلمين في صفوى، ومنهم: علي ومكي وعبدالله آل خميس، ومحمد سيف الذي كان من أعز أصدقائه».

ظل آل اسعيد معلماً لمدة تربو على 36 عاما، وتوفي قبل 17 سنة؛ عام 1426هـ، عن 58 سنة.

فريح رشيد الشمري

لا يمكن استعراض سيرة معلمي الجيل الأول في صفوى دون التطرق إلى «شخصية محورية»، طبعت بصمات عميقة جداً في مسيرة التعليم في هذه المدينة، التي لم تكن مسقط رأسه، لكنه أحبها وأحب أهلها، كما لو كانت مدينته، كما لو كانوا أهله؛ فريح بن رشيد الشرطان الشمري «أبو رشيد».

زر الرابط التالي؛ لتعرف حجم الحب الذي كان يكنه قلب هذا الشمري لصفوى وأهلها، والذين بادلوه حباً بحب، حتى أنهم – خصوصاً من عاصروه معلماً ومديراً – بكوه يوم رحيله، سواءً من طلابه، الذين أصبح بعضهم زملاؤه لاحقاً، أو ذويهم، وسائر أهل صفوى.

حائل تشيع فريح الشرطان.. وصفوى تبكي

 

المعلم المرحوم محمد حبيب آل اسعيد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×