السنبلات السبع

إبراهيم الزين

 

هذا الواقع الإقتصادي الذي نعيشه ، هو واقع عالمي بكل تفاصيله ، وهو يحتم علينا اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتأقلم معه بدل التذمر والنياحة .

لست اقتصادياً ، ولا أحب الإقتصاد ولا أفهمه ، وقد رافقتني هذا المادة طوال سنوات دراستي ، والظاهر أنني تخرجت بعد أن طفشوا مني في الجامعة وعملوا أنفسهم ميتين حتى أتجاوز هذه المادة العلمية الكريهة وأتخرج ،

ما علينا . الذي يعنينا الآن ، ونحن ننصب المناحات ونتحادث بالعويل في كل بداية صدور الفواتير المستحقة والتي ابتدأناها بالإتصالات مروراً بأسعار الوقود فالماء ، ثم الضريبة ، ولن تنتهي عند الكهرباء ، وطبعاً لا ننسى ارتفاع الأسعار في كل شيء بحجة وبدون حجة ، مما يعني أن المواطن هو الوحيد المتأثر المباشر اقتصادياً بشكل ملفت ، فعليه نقول أن الذي يعنينا هو أن نعيش الواقع ، ونتعايش معه ، ونكيف مصاريفنا حسب قدراتنا المتاحة ، وما نملكه من عوائد . كيف ؟ لا أدري ، ولا أحد يسألني ، فكما قلت أنا لست اقتصادياً ، والأمر لا يحتاج إلى كيفية ، بقدر ما هو محتاج إلى تدبر وتدبير ، عندها سوف نتكيف مع الكيفية المطلوبة .

أحتاج أن أسأل نفسي أولاً ، وأنا بلا دخل آخر غير راتبي ، ما الذي كنت ولا زلت أفعله في حياتي ما بين الأمس واليوم ، هل غيرت من نمط معيشتي ؟ هل اتخذت التدابير اللازمة نتيجة ما قامت به الدولة من إجراءات ، وهي المحقة فيها كونها تعيش في عالم واقعي ، ومتأثرة بما يتأثر به الآخرون في العالم كما قلنا ابتداءً ؟ ، أو أنه لا يعنيني ما يجري ؟ . الذي أراه أنني لم أغير شيئاً أبداً ، ولم اتخذ الإحتياطات اللازمة والتي تدل على أني احترزت لما يجري ، فتوقفت عن الإسراف ، وراعيت التوفير بدل التبذير ، وقمت بدراسة مصاريفي ودخلي حتى أقارن بينهما وأرى في نهاية المطاف هل أنا فعلاً أراعي الحكمة والتعقل ، بدل الفشخرة والمهايط الذي يتفاخر به معظمنا ولا زلنا . نحن نعيش في رغد من العيش ، وإن بمستويات مختلفة ؟

ولا ننكر أن بيننا فقراء كثر ، وأغنياء غنىً فاحشاً ، ولو قست نفسي بالأغنياء لوجدتني فقيراً ، ولو قستها بالفقراء المعدمين لرأيت نفسي قاروناً . فهي الحياة ، وهي ظروفها وتقلباتها ، فبدل التذمر والتباكي ، واتهام المؤسسات والشركات بالسرقات ، ونحن نرى والعالم القيادة الرشيدة تحارب الفساد والمفسدين بلا هوادة ، بدل ذلك علينا أن نغير من أطباعنا التي تعودنا عليها ، وهي في الأصل خاطئة ، ولازالت كذلك ، رغم التغيرات المخيفة التي تجري ، وللأسف نحن لا نتذكر كيف أن الدولة كانت تغدق علينا في عهود سابقة ، ولا نظن أنها ستقصر في العهد الحالي الحكيم ، وهي ستفعل إن استقرت الأحوال وحصلت الفرصة بلا شك ، ولكن قبل ذلك ، ومن الآن علينا أن نعيش الأزمة إن صح التعبير ، ونتعايش معها ، وأن نبدأ من اللحظة بمراجعة أنفسنا ، بغض النظر عن الواقع الحالي .

نحن مسرفون جداً ، ومشرفون على الهلكة في بعضنا إذا لم نقم بتغيير نمط حياتنا من الآن ونربط حجر المجاعة والتعقل ، ونقتر على أنفسنا من أجل التوفير ليوم غد ، ولنتخذ من سورة يوسف مثلاً وعبرة وسلوكاً ، فليست كل سنيننا حصاد ، ولا نريد أن تأتي أعوامٌ فيها يغاث الناس من شدة شظف العيش . نحن نختلف ، ولا زلنا بخير ولكن هي تقلبات الأزمان والظروف فلندع بعض الحصاد في سنبلاته تحسباً للمجهول ، حتى لا يأتي يوم فلا نرى من السنبل ما نأكله لنعيش ، فلا نحن حصدنا ولا نحن اعتبرنا من يوسف عليه السلام ، والسنبلات السبع .

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×