الجائزة الوحيدة التي لم ينلها جاسم الصحيح حُجبت عنه ومُنحت لشاعر مصري.. وهذا هو السبب

30 فوزاً وجائزة حصل عليها من مؤسسات مرموقة خلال 3 عقود

كتب: حبيب محمود

“قَسَمْ باللهْ، من كثرتهم ما أذكرْهم”.. هذا ما قاله الشاعر جاسم الصحيح لـ “صُبرة”، حين سألته عن عدد الجوائز التي اصطادها طيلة سيرته الشعرية.

الصياد

وما كان لجاسم الصحيح أن يخوض في مسابقة شعر دون أن ينتهي أمر خوضه إلى اصطيادها. هذا ما كان عليه الشاعر الذائع الصيت منذ أن بدأ يتسقَّط أخبار المسابقات، قبل أكثر من عقدين، ويسخّر موهبته العالية في وضع طُعوم الصيد أمام لجان التحكيم، ليفوز في النهاية بجائزةٍ ما.

وفي أحد مسابقات الشعر في نادي أبها الأدبي؛ صافحه أمير عسير وقتها، الأمير خالد الفيصل، وقال له ما معناه “يُقال عنك إنك صائد جوائز”.

وبردة “عكاظ” التي ارتداها مساء البارحة، بحضور الأمير نفسه الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة حالياً، واحدة من قائمة طويلة من جوائز الشعر التي برع في اصطيادها طيلة مسيرته الشعرية التي بدأت منذ منتصف الثمانينيات الميلادية. حصل الشاعر النابت من نخيل الأحساء بواحدةٍ من أهمّ جوائز الشعر العربية، مستوىً وتحكيماً ومكانةً، بجدارة شاعرٍ أتقن اصطياد المعاني بلغةٍ حيةٍ حيوية ممهورةٍ ببصمةٍ خاصة.

الظهور الأول

ظهر جاسم الصحيح، أول الأمر، شاعراً في احتفالات الأحساء الدينية أول الأمر. كان صوتاً شعرياً مختلفاً عما هو مألوف في المنابر. وقد بقي لسنواتٍ رهن إشارةِ المناسبات، محافظاً على سمعة الشاعر الاجتماعيّ، إلى أن سلّط مبارك بوبشيت الضوء عليه في عام 1988م، عبر مقالة مطوّلة نشرها في صحيفة “اليوم”، وقدّمه ضمن سلسلة مقالاتٍ تناولت شعراء من الأحساء.

مبارك بوبشيت، أول من أظهر الصحيح صحافياً

وبعد تلك المقالة المحشودة بنماذج من شعره العموديّ الرصين؛ أخذ جاسم الصحيح يتحرّر، شيئاً فشيئاً، من قيد الجغرافيا، ليبدأ في بناء صورة شاعرٍ ذي قدرة بارعة على شحن الشعر العمودي بلغةٍ حيويةٍ جديدة. وحين همّ بنشر مجموعته الأولى “ظلي خليفتي عليكم”؛ لم يجد صعوبة في الحصول على إجازةٍ في الشعر من واحد من أهمّ رواد الحداثة السعودية. كتب محمد العلي مقدمة للمجموعة في حدثٍ لم يبدُ متوقّعاً وقتها. كانت تسعينيات القرن الماضي مناخاً مضادّاً للقصيدة العمودية، تحت تأثيرات ما بعد الحداثة. لكن شعر جاسم الصحيح أقنع محمد العلي بما يكفي لكتابة مقدمة، ثم كتابة مقالاتٍ لاحقة، في شعر الصحيح وشاعريته.

محمد العلي كتب مقدمة لديوان “ظلي خليفتي عليكم”

طريق الجوائز

لكن الصحيح؛ عرف طريق الجوائز قبل طباعة “ظلي خليفتي عليكم، وكانت جائزة نادي أبها الأدبي، سنة 1411، أول إغراء له. ثم تلاحقت المسابقات والجوائز، ليضمّ إلى رصيده قرابة 30 فوزاً وجائزة من مؤسسات جادة، عدا جائزة مساء البارحة. يقابلها 12 مطبوعاً شعرياً بتوقيع اسمه الذي بات علامةً فارقة في مشهد الشعر السعودي المعاصر.

جائزة لم يفز بها

لكنّ هناك جائزةً مهمةً أخفق جاسم الصحيح في اصطيادها على الرغم من كونها ضمن أسهل مسابقات الشعر تناولاً لشاعرٍ بارعٍ مثله. كانت جائزة مجلة القافلة التي أطلقتها عام 2005، وعلى الرغم من أن القصيدة التي تنافس بها؛ حصلت على المركز الأول حسب معطيات لجنة التحكيم وقتها. لكن الجائزة حُجبت عن الصحيح، ومُنحت لشاعر آخر من مصر، بسبب خطأٍ ما كان على جاسم الصحيح أن يقع فيه..!

مسابقة أرامكو

كنتُ، وقتها، أمين مجلة القافلة، ومنسّق الجائزة التي كانت ذات فروع متعددة، بينها البيئة، والعلوم، والطاقة، والشعر. وضعنا رصداً شاملاً لكل المواد المتنافسة، ورقّمناها طبقاً لموضوعاتها، وأجرينا اتصالاتٍ بمحكّمين من خارج شركة أرامكو السعودية وخارج مجلة القافلة، وأعددنا نموذجاً خاصاً بالتحكيم، ومنحنا المحكّمين مهلةً كافية للاطلاع على المواد المتنافسة، وعرض تقاريرهم على نحو مستقلّ.

الفائز الأول

حين تسلّمنا تقارير المحكّمين؛ كان جاسم الصحيح الفائز الأول في مسابقة الشعر. تلاه شاعر مصري اسمه محمد الطيري. وعلى أساس ذلك؛ بدأنا استكمال الإجراءات. كانت قيمة الجائزة 15 ألف ريال سعودي. لكنّ زميلاً، ضمن فريق تحرير المجلة، نبّهنا إلى أن قصيدة جاسم الصحيح سبق أن فازت في مسابقة إماراتية، لتحدث هذه المعلومة إرباكاً حرجاً في حسم القرار.

كان أمامنا خياران: إما إمضاء معطيات التحكيم، واحتساب جاسم الصحيح فائزاً وينتهي الأمر.

أو مراجعة المعلومة الجديدة والتثبّت من صحتها، وترتيب القرار على النتيجة.

القرار الصعب

اجتمع القرار على الخيار الثاني. وبالفعل؛ بدأنا إجراءات البحث، والتواصل مع المؤسسة الإماراتية رسمياً؛ ليصلنا بريد إليكتروني يؤكد فوز الشاعر جاسم الصحيح بجائزة نظير قصيدته “البحر”. وأمام هذه الحقيقة؛ اتفق فريق التحرير على منح الجائزة للفائز بالمركز الثاني، الشاعر المصري محمد الطيري، واستبعاد الشاعر الصحيح ترتيباً على أن القصيدة التي شارك بها في المنافسة سبق أن شارك بها في مسابقة أخرى وفاز بجائزة.

من جوائز جاسم الصحيح

  • جائزة الثبيتي عن ديوانه “كي لا يميل الكوكب” 1436هـ.
  • شهادة الاستحقاق والتقدير في تخصص الشعر العربي برتبة العالمية بما يعادل دكتوراه الدولة عن ديوانه «اعشاش الملائكة» من جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة في بيروت.
  • جائزة أفضل ديوان شعري في مسابقة البابطين للإبداع الشعري 1434هـ عن ديوانه «ما وراء حنجرة المغني».
  • جائزة أفضل قصيدة من نادي أبها الأدبي مرتين على مستوى المملكة.
  • جائزة نادي المدينة المنورة الأدبي مرتين.
  • جائزة راشد بن حميد للشهر، عجمان، مرات عديدة.
  • جائزة مؤسسة البابطين لعام 1419هـ عن أفضل قصيدة على مستوى العالم العربي عن قصيدته «عنترة في الأسر».
  • المركز الثالث في مسابقة أمير الشعراء 1428 هـ.
  • المركز الرابع في مسابقة البردة الدولية في دورتها التاسعة، في فرع الشعر العربي الفصيح، التي أعلنت عنها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الإماراتية 1433هـ.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×