ملالي الـ Part Time

حبيب محمود

في الصباح موظف، أو معلم، وفي المساء “مُلا”، خطيب، وربما “شيخ”. والعمل ـ أيّاً ـ كان ليس عيباً. إنّما ثمة كلمة تقف في طريق الفهم اسمها “لكن”..!

في الصباح بثوب و “غترة” بيضاء. وفي المساء بـ “گـَبَاْ ـ جُبّة”، و “بشت”، وربما عمامة، وربما “بابوج”. ومرة أخرى تأكيداً واحتراماً: العمل ـ أيّاً كان ـ ليس عيباً.

وحين تعترض كلمة “لكن” في طريق التأمُّل؛ تتماثل الفكرة للوضوح. فـ “رجل” كهذا؛ كيف يقبل منك أن تمس “صنعته” بما يراه هو سوءاً…؟

شخصياً؛ أعذره وأتفهّم ارتفاع ضغطه، واحتداد حَنَقه، ليس إلى حدّ “الهمز” و “اللمز” فحسب، بل إلى ما هو أقسى من الكلمة الناقمة. حتى أنا؛ سوف أغضبُ وأثور لو مسّ أحد “صنعتي” ووصف الصحافة الإلكترونية بأنها “فاشلة”، أو غير مؤثرة.

إنها “صنعتي”.. وطبيعيٌّ أن أغضب، وطبيعيٌّ أن يغضب أي ملّا، نِفاحاً عن “مصدر رزقه”. ومرةً أخرى تعترض الـ “لكن” الطريق، وتقول: إن “فضيلته” لن يقول لك إنك تحارب “صنعتي”، بل تُحارب الحسين، والمذهب، والدين، والأخلاق، والقيم، حتى تشعر بأنك أمام “صحيفة مسوَّدة” بـ “أعمالك”..!

كلُّ ذلك لأنك “فكّرت” وتساءلتَ عن واقع “الخطابة”، ومؤهلات “الخطيب”، و “ثرثرت” في جزئية من جزئيات النظر، تفكراً في إمكانيات المتصدّين لمثل هذا الموقع المسؤول. الموقع الذي لا يُجلّه إلا من يعرفه، ويكرّس حياته له، دراسة وتعليماً وقراءة وانكباباً على مصادر المعرفة.

الموقع الذي صنع وعي الجماهير، وترفَّع عن لغة “الشارع”، وتبنّى قضايا المجتمع على النحو المسؤول. ورحم الله الشيخ محمد جواد مُغنية، فقد كان يكاد “يحسد” الخطيب قُبالة الكاتب، ويرى أن جمهور خطيبٍ واحدٍ يفوق ـ بكثير ـ جمهور الكاتب من القرّاء.

وقد اكتشف علماء الشيعة خطورة هذا الموقع؛ فتفرّغ له كثيرٌ من أفذاذهم، وحضّروا أنفسهم لارتقاء أعواده، بخوض تجربة الدراسة والتفقُّه، والامتثال لأخلاق النبيّ وأهل بيته، حياةً وعملاً، وفهم الناس بائتمانٍ، لا العمل على أساس “ما يطلبه المستمعون”، ومسايرة الأمور، تحت ذرائع لا مصدر لها في التاريخ، ولا وزن لها في الفقه، ولا أساس لها في العلم..!

ويبدو أن التكاثر الذي ألهى الناس في “الخطباء”، إنما هو جزءٌ من حالة التكاثر في كلّ شيء. وكلُّ متكاثر في سعره؛ رخيص في قيمته.

واقعنا الراهن “مسجونٌ” في معضلة “التكاثرية” المرعبة. لدينا أطبّاء كُثر، معلمون كُثر، مهندسون كُثر، ناشطون اجتماعيون كُثر، متخصصون كُثر، في كل شي، وكل نشاط، وكلّ اهتمام.. كُتّاب كُثر، شعراءُ كُثر، ولنضع كلمة “كـُثر” كثيراً على كلّ شيء..!

فهل يستعصي على فهمنا إدراك تكاثر “الشيوخ” و “الخطباء”، طالما أنهم “جزءٌ” من “كُل” المجتمع المزحوم بطوابير الممارسين لكلّ شيء المتكاثرين في كل اتجاه..؟!

نحن نسمّي مدون الـ “فيس بوك” باحثاً تاريخياً..! ونقول “اختصاصي اجتماعي” لخرّيج علم الاجتماع، ونصف موظف العلاقات العامة بـ “الإعلامي”، ونخلع على مستخدم الكاميرا صفة الـ “فوتوغرافي”، ونمنح درعاً لمن نحب، ونكتب فيه ما نحب..!

لماذا نستنكر على “ملالي العمل الجزئي” كثرتهم..؟ كيف “من صوبهم شديد العقاب..؟ ومن صوب غيرهم غفور رحيم”..؟

لماذا تجرُّ باءُ غيرهم، ولا تجرُّ باؤهم..؟

ما المشكلة في أن “يداوم” صباحاً، ويجرّ صوته بـ “المشد” و “المصرع” عصراً وليلاً..؟ لمَ نحسد كادحاً على “مجلسين فلافة في السَّبُوع”..؟

إذا انتقدتهم؛ فاعلم أنك تحارب الـ “بزنز” الخاص بهم، وانظر ما تُفرز ألسنتهم وأصابع أبرياء كثيرين، أبرياء طيبين؛ من عامة ذوي النوايا النقية؛ يُجيّشون ضدّك دون أن يقرأوا ما كتبته، بل بطريقة “لا يسأل الصاحبَ أين المُغار”.. يهجمون عليك وهم لا يعرفون على أي سبب يهجمون..!

سلام الله على جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي الطالب، فهو أول من وضع وصف “المستأكلين”.

‫11 تعليقات

  1. اسئلتك في نهاية المقال هي بالغالب مستفزة اذا كنت من المجتمع، واذا كنت قادم من المريخ تحب ان تشبع فضولك فلاداع لمقالك الذي لم يضف اي فائدة، الشرهة على صبرة الي تسمح بنشر مقال اقل ما يقال عنه غير مفيد ، في هذا الزمن القارئ والمستمع على وعي ، ذكر اهل البيت والاستماع له تجارة رابحة في الاخرة إن شاء الله، وتجارتك في هذا المقال لم تحتوي على فائدة واحدة، نتمنى لك التوفيق مستقبلا في اشياء تفيد بها نفسك اذا لم تستطع ان تفد مجتمعك

  2. قد لم يفهم الالقارئ فحوى وخبايا طيات كلمات الكاتب ولكن هناك بعض الخطباء الذي اعرفهم عن قرب وأراهم عن كثب حائزين على مراتب ساميه وعالية في كلا المجالين وحتى من شدَّةِ إخلاصهم انهم ساعات الراحة لديهم باليوم ساعات بسيطة على الكف الواحدة تُعد لكي يوَفِّ المنبر وعمله ومخلصٌ لكلا الجانبين وضغوط ومضايقات من جميع النواحي من داخل العمل لايعطوه اجازه اذا طلب ايام الوفيات حيث انه حقدا انك خطيب لن نعطيك عِناداً ونحن نقوم على هؤلاء من ناحيتنا نحن مجتمعهم أهذا يعقل نركز ماذا يلبس بالدوام وبالليل يلبس لبس المنبر نسأل أنفسنا هل نحن سنقدم لهذا الخطبب او طالب الدين قرشا لمساعدته على مصاعب حياته وهو طامح ووصل لمراتب مرموقة في شهادته الأكاديميه وهو متعدد المواهب والميول وهو صابرٌمحتسب فأرجو تشجيع هؤلاء المثابرون الصابرون بدال الإنتقادات البنائة وغيرها وهذا وكفى والسلام 🌹 محبكم أبا الفواطم……

  3. لادري ولا افهم انا كقارىء اضعت من وقتي الدقائق في قراءة هذا المنشور ماذا استفيد منه؟!
    مالغرض من نشره اساسا؟!
    ماهي فكرته الاساسية؟!
    اخي الكريم كاتب المقال..
    لديك قلم ولديك فرصة عبر الصحيفة لتكتب وتنشر (لكن) هنا يأتي دورها ..لتعلم أن ماتكتبه اليوم وتنشره اما شاهدا عليك او اليك يوم القيامة فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد..
    انتبه لكلمتك واستغل الفرصة التي بين يديك في نشر رسالة خير وصلاح ولاتضيع كلمتك في افكار مشوهة فارغة من الصحة وقلمك اليوم سلاح فليكن مع مجتمعك لا عليه.. هذه نصيحتي ان احببت الاخذ بها او ضربها عرض الجدار كما تشاء..اللهم بلغت اللهم فاشهد

  4. عزيزي أستاذ حبيب، المعلم موظف أيضاً، فلماذا تفحمون اسم المعلم في كل شيء.
    كان يكفي أن تقول في الصباح موظف…دون ذكر المعلم.

    دمت بخير

  5. هنالك أقلام بدل أن توجه المجتمع نحو السلوك السوي و الفضيلة و العفاف و القرب من الله سبحانه وتعالى أخذت على عاتقها طرح المواضيع الواهية التي لا نتاج لها إلا إثارة المجتمع وإشغاله ، فبدل أن تهدي أصبح تهذي ، فانخراط الفرد في أكثر من مجالِ عملٍ أمر معروف في مختلف الثقافات فتجد الداعية صاحب عقار و الطبيب صاحب مطعم ومدير المدرسة يعمل في تدرس حلقات القرآن مساء وهذه الأقلام ترى كل هذا بأم عينيها جليًّا ، ولكن عندما تصل للمنبر يختل ميزانها وتسقط في هاوية التشكيك ، أجارنا الله وإياكم منها .

  6. الذئب لا يهرول عبث
    ان الاستاذ حبيب متعدد الالوان ولذالك ستراه في كل يوم بلون حسب مايؤمر
    وايضا هوا مستند على حيطه ومش اي حيطه
    وارجو من اصحاب اللون الواحد الا يعارضوه والا…..

  7. المشكلة لمه يكون شخص فاضي ماعنده شيء ينفع فيه الناس يدور إله مواضيع هامشية لا تقدم ولا تؤخر يشغل نفسه ويشغل الناس
    للشهرة

    فهو يغفل أن كل كلمة محاسب عليها
    ( ومايلفظ من قول …)

    # راحوا_ الطيبين

  8. المشكلة لما يهمل عمله الأصلي ليتفرغ للخطابة .
    طبعاً الموظف الحكومي لا يحق له الجمع بين وظيفتين .

    و هناك من يجد في الخطابة او العمل في حملات الحج و العمرة و السياحة الدينية مورد رزق اضافي ،
    بداعي مصلحة الدين و المجتمع و هو يلهف الأموال .
    قد تجد مثلاً طبيبا استشارياً يهمل في عمله للعمل في الحملات بإسم متطوع او حملة خيرية و هو يبلع الفوائد المالية و المعنوية من خلال هذه الحملات و لا يتنازل في الوقت نفسه عن ريال في عمله الحكومي الذي يهمل فيه على حساب المرضى .
    و قد يحصل على 150 ألف ريال بدل تميز سنويا .

    النفاق الإجتماعي له أحكام ! في مجتمع عاطفي مثل القطيف .

  9. موضوع أن هناك أصلاء ودخلاء موضوع واقعي وفي كل المجالات لكن سنستخدم لكن(ك) التي واليت استخدامها لنقول:فكرتك أستاذ حبيب فكرة نبيلة (لكنك) تسوقها بطريقة ملتوية واستفزازية، في حين كانت لك منشورات تجل فيها الخطباء من قبل أو فلنقل إنك كنت تشيد بما سمعته من أبيات علقت بذاكرتك بعد سماعها من ذلك الملا وعلى كلٍّ “ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا” نحن حاليا نشكو من قلة هذه الفئة حتى لا نكاد نجد خطيبا إلا بشق الأنفس ليقرأ لنا المناسبة المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام .. وهذا يبين بطلان واهتراء دعوى التكاثر.. وليس فقط الخطباء قلة بل حتى أن عدد رجال الدين قليل جدا، نسأل الله أن يزيدهم عددا وعدة وتوفيقا، كثير من أهل العلم وأرباب هذا الميدان تحدثوا عن مواصفات الخطيب ومؤهلاته التي ينبغي أن يتوافر عليها ومن العظماء الذين أشاروا إلى ذلك آية الله الدكتور الفضلي رحمه الله ومعروف أنه أكاديمي وحوزوي من الطراز الرفيع ولا أتذكر أن أحدا مانع أن يكون رجل الدين أو الخطيب موظفا

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com