اسْتشْفاف
أمجد المحسن
أمري من اللؤلؤِ الشفّافِ هيكلُهُ
ولا ستائِرَ في أمري تُظلّلُهُ!
فكلُّ لعثمةٍ لا بُدَّ أنَّ لها
شُهودَها ، وأنا حَبِّي أغربِلُهُ
وما زعمتُ لنفسي غيرَ واقِعها ،
النّردُ أبذلُهُ ، والقَصْدُ أبذلُهُ
وللطّعونِ ، إذا دقَّقتُ ، أنعُمَها ،
عرّفْنَنِي بعضَ ما قد كنتُ أجهَلُهُ
وقفتُ يوماً على الأكَّارِ أسألُهُ :
الكونُ مرآةُ روحي كيف أصقُلُهُ ؟
عُمري فسيلةُ بُستانٍ أهذّبها ،
كأنَّما هي مشوارٌ أمَرْحِلُهُ
قد شُوهِدتْ تتنامى ، أغبَرِي شَعَثِي ،
ما يطرَحُ النّخلُ في كفيَّ أنخُلهُ
إذا المواسِمُ أعطتْ عاد آبِرُها
يميزُ سُلّاءَها عنها وينسلُهُ
وفي البداياتِ لذّاتُ السّفينِ إذا
ما أقلعَتْ ، وسرى في اليمّ محملُه
تخلو البدايةُ ، والنسيانُ يسكنُها ،
فلا تقُلْ إنَّ أحلى الحبِّ أوَّلُهُ
فتلكَ شَهوةُ وزنٍ ، لا قرَارَ لَها ،
كم عاشِقٍ غُبَّةُ الأمواجِ تخذِلُهُ
وأنتِ يا امرأةً من ضِلعِ نخلتنا ،
أفتى بها الّلوزُ فاستحلى مُقبَّلُهُ
هاتي الشّرابَ المُصفَّى يا مضيفَتَنا ،
الزّنجبيلَ الذي أغوى قَرنْفُلهُ
إنّا اختبَرنا بشَوكِ السِّدرِ فطنَتَنا ،
وبعضُ ما جَنَت الأيدي مُحصَّلُهُ
ثمَّ انتبَهنا ، نفَضْنا الجذعَ ، وانهمَرتْ
من الغواياتِ ما لا نَبْقَ يُجْمِلُهُ
كيفَ الوصولُ إلى النّبعِ النقيِّ إذا
لم يُمتَحنْ سائغُ المعنى وحنظلُهُ ؟