فاطمة توصل «الزبائن» برفقة أمها: أملك روحاً محاربة لا تقبل الهزيمة سائقة تطبيقات تحلم بدراسة تخصص صحي

القطيف: شذى المرزوق

فيما تمسك فاطمة محمد (21 عاماً)، بمقود السيارة، التي تسير على طريق كورنيش سيهات، تجلس بجوارها زهراء العلي (43 عاماً).

تعمل فاطمة سائقة في إحدى شركات التوصيل بالتطبيقات، أما زهراء فليست «زبونة»، بل أمها، التي ترافقها في كثير من مشاويرها. أحياناً تحل مكانها أقرب صديقات البنت.

أياً كانت التي سترافق فاطمة؛ فهي لم تعد تشعر بالخوف من عملها هذا، فهي اعتادت عليه، وتجاوزت حواجز الرهبة التي ظهر بعضها في بدايات عملها.

ترفيه واكتساب صداقات

مرافقة زهراء لابنتها فاطمة ليس خوفاً عليها، بل «للترفيه أكثر منه للحماية»، فهي ترى في هذه الرفقة «وسيلة للتعرف على الناس في مجتمع القطيف المرحب بمثل هذه المبادرات، استمع لأحاديثهم مع اختلاف لهجات أهل المدن والقرى».

تعلق مازحة على النبرة الموسيقية المرافقة لهذه اللهجات، تتعلم بعض المفردات الجديدة عليها، كونها من قلب مدينة القطيف، وتنقل من هذا وذاك صوراً لعادات وسلوكيات مختلفة، ومن هذه الرحلات تكتسب صداقات جديدة.

الدنيا أمن.. والقطيف أمان

عن الحماية؛ ترى العلي، أن «الأمان موجود في هذا العمل، إذ أن كل رحلة تتلقاها الشابة اليافعة فاطمة، كما هو حال أي موظف يعمل بنظام العمل الجزئي في شركات التوصيل، تكون مقيدة في أنظمة الشركة، التي توفر الحماية للعاملين فيها، من خلال تتبع خط سير الرحلة، وربط اسم ورقم اتصال المتقدم بالخدمة مع نظام الشركة، إضافة إلى الأمان المجتمعي للمرأة بشكل عام، موظفة كانت أم لا، والذي فرضته قيادة المملكة الحازمة في مثل هذه الأمور»، مضيفة أن «حكومتنا حازمة، والدنيا أمن، والقطيف أمان إن شاء الله».

لا تخفي الأم فخرها بابنتها فاطمة «الفتاة القوية المتمكنة من ذاتها وعملها» على حد تعبيرها، وهي تراها «تسعى بجهد لتوفير قيمة تكاليف استكمالها الدراسية الجامعية، حيث تطمح إلى وظيفة في مجال صحي».

عزيمة وإصرار

تخرجت فاطمة من الثانوية العامة قبل 3 أعوام، تقدمت للعمل في إحدى الشركات، سعياً لتوفير قيمة الدراسة في أحد التخصصات الصحية التي تطمح لدراستها، نظراً لكثافة الإقبال على الجامعات في المنطقة الشرقية، واشتراطات المعدل الصعبة.

تقول «حتى اعمل بشكل جاد وغير مكلف من ناحية الذهاب إلى العمل بالاستعانة في أحد السائقين، وهذا مبلغ قد يأخذ مني قيمة نصف راتبي، إن لم يكن أكثر من راتبي، وجدت أن من الأفضل تعلم القيادة بنفسي. وبالفعل تعلمت ذاتياً، وتقدمت لنيل الرخصة التي نجحت في الحصول عليها مباشرة، ولله الحمد. بقي عليّ شراء السيارة التي اضطرتني للدخول في إحدى الجمعيات الشهرية، لاستكمال مبلغها، وهذا ما حصل فعلاً».

مع دفع المبلغ الشهري للجمعية، لا يتبقى لها الكثير من المال لمصاريفها واحتياجاتها، لذلك تقدمت للعمل في شركة التوصيل. علماً بأن أوقات عملها في الوظيفة الدائمة بالشركة يسمح لها باتخاذ عمل آخر.

التعامل مع السيدات

حول عملها في التوصيل؛ قالت «عند ظهور طلب توصيل؛ أبادر لقبول توصيل السيدات لمشاوريهن، وأرفض توصيل الرجال، فأنا مع السيدات أكثر أريحية في التعامل والحديث أثناء المشوار»، مضيفة «أقبل أي طلب، إلى أي مكان أكون منه قريبة، سواءً أكان في الدمام، أو القطيف أو سيهات».

تابعت «اصطحب والدتي معي أحياناً، لتسليتي وللترفيه عن نفسها، وأحياناً اصطحب صديقتي المقربة، التي تشجعني على عملي باستمرار. وغالباً تشجعنني السيدات اللواتي أقوم بتوصيلهن بأسلوب داعم ومحفز، فالركاب لطيفين، ومعاملتهم جداً لطيفة، وقد وجدت المديح والكثير من التشجيع».

حس المسؤولية

أشارت إلى أن الإحساس بالمسؤولية منذ الصغر «دافع لتقديم أفضل ما يمكنك للحصول على ما تريد من تميز ونجاح والتقدم للأعلى»، مبينة «أنا الأخت الكبرى لأخوين اثنين، يدرسان في المرحلة الثانوية، ولطبيعة عمل والديّ؛ كان علي أن التزم مسؤولية الاعتناء بهما إلى حين عودته من العمل. من هذا المنطلق؛ أشعر أنني املك روحاً محاربة لا تقبل الهزيمة».

وأضافت «بكل صدق؛ أسعى جاهدة لتحقيق طموحي، ولن أتوقف حتى احققه». وبابتسامة مازحة؛ قالت «ودي أكون شخص له مكانته في المجتمع».

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×