وديعة الحلال.. في اللحظة الحرجة.. تنقذ صغيرها “إلياس” من بركة الموت..! مشهد درامي اختلط بكاؤها فيه مع ضربات الصدر والظهر والتنفس الصناعي
سيهات: شذى المرزوق
“رأيت ابني يطفو أمام عيني”.. هكذا وصفت وديعة الحلال حين شاهدت طفلها ذا العامين يغرقُ أمام عينيها، في منتجع استأجرته العائلة في مدينة الدمام، قبل أيام.
وجدت “وديعة” نفسها في مواجهة مع الموت، الطفل المتشبّع بالماء غائبٌ عن الوعي، طافٍ على وجهه فوق الماء بلا حراك.. وبغريزة أمّ؛ فعلت كل ما تعرفه عن الإسعافات الأولية، ولم تترك جسد الصغير؛ إلا حين فتح عينيه، وبدأ يسعل ويبكي ويتحرك..!
يوم عصيب…!
لا تعرف وديعة الحلال كيف مرّ ذلك اليوم عليها وعلى عائلتها التي أرادت أن تقضي يوماً سعيداً في مكان جميل، حول بركة ماء بارد في صيف لاهب. الجميع منتعشون بالنزهة، الصغار والكبار تخلّوا عن العالم الخارجي ليروّحوا عن أنفسهم.
الصغير “إلياس” كان ضمن “شلة” الأطفال، لكنه قريباً من أمه جداً. ومع ذلك تسلّل الصغير في غفلة غير محسوبة إلى البركة المنعشة.. سقط الصغير، واجه الماء وحده، حرّكته غريزة البقاء لفعل شيءٍ يُنقذه مما هو فيه.. مضت الثواني طويلة في تلك المواجهة الخطيرة، تشرّب الصغير الماء، فقد سيطرته على الوضع.. فقد الوعي..!
وفي اللحظة الحرجة؛ انتبهت الأمّ إلى صغيرها.. شبح الموت سيطر على المشهد، فقدت صوابها، إلا من تصرُّف سريع جداً بادرت إليه.. سحبت الصغير من الماء على عجل، كان نفسه ضعيفاً جداً، وواضحٌ أن ماءً كثيراً دخل إلى جسده.. بدأت ـ فوراً ـ بتطبيق ما عرفته عن الإسعافات الأولية..
ضغطات متتالية على صدره، ضربات متتالية على ظهره.. تنفس اصطناعي عبر أنفاسها.. دموعها وشهقاتها مختلطة بما كان تفعل وتكرر مع الطفل الصغير.. إلى أن..
إلى أن شاهدت الماء يخرج من فمه وأنفسه.. وبدأ يسعل.. ثم أخذ يبكي.. وهي تبكي معه، ومن حولها متسمّرون، ما بين خائف مرتبك، ومتجمّد، وبين باكٍ.. الطفل نجا.. الطفل نجا.. عادت الأنفاس، عادت الحركة.. عادت الحياة.. عاد الصغير إلى حضن أمه..!
الدرس القاسي
القصة التي وصلت إلى نهاية سعيدة، حدثت في منتجع ترفيهي في حي الفرسان بمدينة الدمام، مرّ اليوم بسلام، لكنّ قلب الأم تلقّى ألماً شديداً، وتعلّم درساً جاداً.
وبحسب ما ذكرته الحلال لـ “صُبرة”؛ فإنها لم تقبل أن يهزمها الخوف رغم ارتعاشها وارتباكها وهي تسحب فلذة كبدها من البركة، صغيرها مصاب بالربو منذ صغره، وهو ما زاد مهمة الإنقاذ صعوبة، رئتاه لا تتحملان غبار الهواء؛ فكيف بكمية ماء كثيرة دخلت الى جسده لتسد مجرى التنفس لديه وتحوله إلى قطعة صغيرة تطفو على سطح الماء..؟
تعلّمت، أيضاً، درس الإسعافات الأولية الذي ساعدها في إعادة الطفل إلى الحياة، بعد إرادة الله. وقالت “لم اصدق عيني.. ما زال جسدي يرتعش لمجرد استرجاع صورته.. كنت سأفقده لولا لطف الله ورحمته”.
أضافت “شعرت بأن روحه غابت، ثم عادت اليه في لحظات كانت أشبه بساعات من المواجهة مع شبح الموت”.
إنه درس لكلّ أم، ولكل أب، ولكل من يصحب أطفالاً في مكان فيه خطورة.. كان يوم الخميس الـ 19 من شهر ذي الحجة الماضي عصيباً، وقد انتهى سعيداً، ومرّ بعد أسبوع كامل على ذكرى ميلاد الصغير “إلياس”.
درس مرّت قبله 4 دروس في محافظة القطيف وحدها، فقد فقدت 4 أطفال في برك السباحة، وتحولت نزه عائلية إلى مآسٍ لن ينساها أصحابها بسهولة.