السرطان اختطف «الحنون» عبدالله.. من سيلعب مع الـ«قمر»؟ الصغير الشويخات عانى لعامين من المرض.. وكان قلبه يتألم على معاناة والديه
سيهات: شذى المرزوق
رغم مرور ساعات؛ لم تستوعب الصغيرة قمر علي الشويخات أن شقيقها عبدالله رحل في أول أيام العام الهجري الجديد.
الرحيل لم يكن مفاجئاً، فطوال سنوات عانى هذا الصغير من آلام مُزمنة، ألزمته السرير الأبيض، لهجت سيهات برمتها وآخرون بالدعاء خلال الشهر الماضي، أن ينجو من آلامه، لكن مشيئة الله أرادت أن يكون الصغير في الفردوس الأعلى مساء أمس.
نعم؛ رحل عبدالله الشويخات مساء أمس (الثلاثاء)، عن سبعة أعوام، قضى آخر عامين منها في المستشفيات، أو متنقلاً بينها، إثر إصابته بـ«سرطان الرأس»، بعدما أنهكه المرض وجلسات العلاج، برفقة والدته؛ زهراء الفضل، التي قاست ألم رؤية ابنها الصغير، وهو يذوي ويذبل أمامها.
مرض في ظل الجائحة
ماهر خريدة، أحد أقارب الطفل، واكب مرضه ومراحل علاجه، قال لـ«صبرة» «إن عبدالله خضع لفحوصات وتحاليل قبل أزمة كورونا بأشهر قليلة، وتبين منها أنه مصاب بالسرطان، وكان وقتها في الروضة، فتم نقله لتلقي العلاج في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، كان ذلك مع بداية مرحلة الحجر الصحي إثر ظهور جائحة كورونا، حيث بقي هنالك لفترة».
وأشار إلى أنه بسبب استمرار جلسات العلاج المتفاوتة، وصعوبة التنقل في فترة الحجر؛ استأجرت العائلة شقة صغيرة قريبة من المستشفى، مكث فيها مع والدته، لتسهيل انتقاله من وإلى المستشفى، لمتابعة جلسات العلاج.
عبدالله كان طوال فترة العلاج يهمس بحنان لوالده علي الشويخات «تعبتك بابا، أنا أدري تعبت وأنت تشوفني مريض»، ويتلمس خد والدته بلطف، وكأنه يواسي حزنها عليه.
يلفت خريدة «كنا نتعجب من حجم صبر والديه، ونرجو أن يتحقق أملهما وتفاؤلهما الكبير بأن عبدالله سيشفى قريباً، ويعاود اللعب مع اخته قمر، التي تكبره بعامين».
مضاعفات وانتكاسة
مرت سنة على هذا الحال، وفيما كانت الأمور مستقرة في فترة التجربة الأولى، باتت أسوأ بعد أن لم يستجب جسد الصغير للعلاج، حتى بعد مرور السنة وبداية عودة الحياة إلى طبيعتها، إذ أصبح عبدالله مع الوقت «لا يكاد يتحرك من مضاعفات المرض».
يقول خريدة «كنا نتواصل مع المستشفى باستمرار، ويأتون لزيارته في المنزل، لمتابعة الحالة. وبعد أن انتكس قبل حوالى شهرين؛ تم استدعاء الطاقم الطبي المشرف عليه للزيارة المنزلية والكشف، وتبين أنه يعاني نقصاً في الأوكسجين، وطالب الطاقم بسرعة نقله إلى المستشفى».
أردف «أثناء الطريق إلى المستشفى أفرغ عبدالله ما في معدته، بعد شعوره بالغثيان، ليدخل بعدها في حال اغماء، كادت توقف قلب والديه، اللذان أسرعا إلى طوارئ المستشفى، في محاولة لإنعاشه قبل فوات الأوان».
من مرض إلى آخر مختلف
كانت الخشية عليه من مضاعفات السرطان، والتي تسببت بصعوبة في التنفس، ولكن الأسرة واجهت معضلة أخرى، بعد أن تسبب أنبوب الأوكسجين الذي أًدخل من طريق فمه بكسر أحد أضراسه، ليدخل من مجرى التنفس إلى الرئة، ودخل الصغير في غيبوبة لمدة يومين.
بعد أن صحى عبدالله من الغيبوبة؛ أخبر الطبيب المعالج أسرته بما حدث أثناء محاولة إنعاشه، وقصة الضرس الذي يستوجب عملية جراحية لإخراجه.
أًلغيت عملية المنظار في المرتين التي حاول فيها الأطباء إجراءها، بسبب انخفاض الأوكسجين. وكان الحل وقتها الاكتفاء بالأدوية إلى حين تحسن صحة عبدالله، ولو جزئياً. علق خريدة «كنا في السرطان؛ طلعنا بضرس في الرئة، ما زاد الأمر سوءاً، ودخل في غيبوبة مدتها 21 يوماً».
حنون وحساس
أضاف خريدة «قمت مع ابني بزيارته يوم الجمعة الماضي، وقد بدأ وقتها بفتح عينيه، من دون أن يصدر منه كلام، ولا حركة، فقط عيناه تنظر إلينا. ساعة فقط وأغمض عينه، وكانت آخر ما شهدته منه».
ينقل عن والده أنه عاد مساء البارحة من زيارته، وفي غضون ساعة من وصولهم إلى المنزل؛ تلقى والده اتصالاً من المستشفى أخبروه بوفاة الصغير، واصفا الطفل بـ«المرهف الحس الذي كانت حنيته إلى درجة أنه لا يقبل أن يرى في عيني والديه حزناً، فكان كثيراً ما يردد: اتعبتك يا أبي.. اتعبتك يا أمي».
رحل تاركاً لوالديه تعباً وألماً من نوع آخر؛ ألم الفقد.. فيما ترك فراغاً كبيراً وسؤالاً عريضاً مرتسماً على وجه شقيقته قمر: «من سيلعب معي؟».
عظم الله لكم الاجر وجعله الله شفيعاً لوالديه
انا لله وانا اليه راجعون