الاستراتيجية

علي حسن الفردان

مصطلح يتردد علينا كثيرا وفي جوانب مختلفة، كان يعرف في مجالات التخطيط العسكري ثم انتقل لمستوى التخطيط العام للدول وتنفيذ سياساتها، حتى بات اليوم دارجا في عالم المال والأعمال كذلك. الاستراتيجية هذا المصطلح الذي يتردد علينا في كلمات مثل: موقع استراتيجي، خيار استراتيجي وغيرها الكثير…

فما هي ماهية الفكر الاستراتيجي؟

كيف نشأ وتطور؟

وماذا يدرس؟

مقدمة:

إن دراسة النظريات والدراسات المختلفة من بدايات عصر الفلسفة إلى الدراسات المختصة في السلوك الاجتماعي والسياسي، لها الدور الكبير في تشكيل الفكر الاستراتيجي، حيث أن التعاقبات الفكرية والتوسع في مجال الاستراتيجية ساهمت في نقل هذا المفهوم من التخطيط العسكري ليشمل تخطيط جوانب الدولة ككل.

وحيث تسعى الدولة لبلوغ أهدافها العليا بأفضل الطرق وتضمن للقادة دراسة الخيارات والبدائل، فهي تسير بخطى ثابتة لتحقيق السياسة العامة المعدة للوصول للتفوق الاستراتيجي، وتكوين قوة وسيطرة داخل النظام الدولي العالمي.

وتختلف طرق صياغة الاستراتيجية من زمان إلى زمان، حسب الظروف السياسية العالمية فعلى سبيل المثال نذكر الحرب الباردة. الصراع السياسي والاقتصادي الأهم في القرن العشرين الذي انتهى ببروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة مهيمنة داخل المنظومة العالمية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. ومن هنا كثرت الدراسات الاستراتيجية لتحديد تصورات جديدة في الفكر الاستراتيجي العالمي.

ماهية الفكر الاستراتيجي

لا شك أن الفكر الاستراتيجي مرتبط بالعلوم السياسية والتراكمات الفكرية والمعرفية التي تساعد صاحب القرار في فهم المصالح الحيوية والأهداف المراد تحقيقها، بأفضل الطرق بدراسة كافة الخيارات لتجاوز المخاطر والتهديدات.

أشارت أغلب الدراسات والمراجع أن انطلاقة مصطلح ومفهوم الاستراتيجية يعود إلى الإغريق وأن أصل مصطلح( (strategic يعود إلى اللغة اليونانية وعرفت الاستراتيجية (بخطة القائد) إذ ساد المفهوم السمة العسكرية. وعرًف كلاوفيتز الاستراتيجية بأنها: استخدام الاشتباك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب.

وتكثر تعاريف الاستراتيجية باختلاف الدارسين لها وطريقة فهمهم لهذا العلم الكبير:

حيث وصف ليدل هارت الاستراتيجية بكونها: فن توزيع واستخدام مختلف الوسائل العسكرية لتحقيق هدف السياسة.فهنا يستند هارت إلى مبدأ ذكره الباحثون في مجال العلوم السياسية بأن الحرب مواصلة للسياسة بطريقة مختلفة. ويشير هارت أن إدارة الحرب وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية وإعادة شكل التعامل مع الاستراتيجية لتنتقل إلى مجال إدارة الحرب بعد أن كانت تحصر في مجال العمليات العسكرية والاشتباك مع العدو.

كما أشار المؤرخ ادوارد ميدايرل بأن الاستراتيجية ليست مجرد مفهوم لأوقات الحرب بل هي عنصر متأصل في فن إدارة البلاد في جميع الأوقات. وهنا نلمح تطور الفكر الاستراتيجي الذي بات يشمل كافة الأوقات في عملية إدارة الدولة. 

ومن منطلق هذه الأفكار وغيرها الكثير.. ساد مفهوم الاستراتيجية بأنه منهجية متكاملة تتيح إدارة الدولة في زمن السلم والحرب بدراسة الموارد، الجغرافية السياسية، النفوذ السياسي، قوة الاقتصاد، الأسلوب الثقافي والاجتماعي والإعلامي لتكوين قوة ناعمة كل هذه العناصر وغيرها… تُوظف جميعا في خدمة مصالح الدولة و تصبح منهجا في التعامل مع القضايا الاستراتيجية في الداخل والخارج، مثل استراتيجيات الأمن القومي، الاستراتيجية الخارجية، الاستراتيجية العسكرية….

  في أي بحث من مجالات المعرفة تكون بدايته بالفكر فهذه العملية الإنسانية التي بها تنشأ الحضارات وتتشكل الثقافات.

 فالإنسان عندما يفكر يفهم ما يحيط به وقبل ذلك يكون الفهم لذاته. فمن هنا تكون انطلاقته للبحث والتطوير، فالاستراتيجية تتعامل مع التراكم المعرفي لإدارة الدولة ورسم خططها الاستراتيجية.

الاستراتيجية في المال والأعمال

مع التطور الكبير والمتسارع لعالم المال والأعمال حتَم على رواد الأعمال استخدام طرق وأساليب جديدة وصنع علامة تجارية بارزة بموجب دراسة عوامل المنافسة في السوق لتضمن لهم الاستمرارية وتحقيق الأرباح.

ويتم استخدام الفكر الاستراتيجي منذ بداية تأسيس المشروع التجاري وذلك بطرح أسئلة تتم فيها دراسة كل خطوة على حدى:

هل السوق يحتاج لمثل هذا المنتج؟

ما هي المزايا التي أوفرها؟

كيف سأجذب العملاء؟

هل هناك منافسين؟

إذا كان الجواب نعم كيف أستطيع الاستمرار في ظل المنافسة؟

ومن هنا تكمن الاستراتيجية في دراسة كافة الخيارات وأفضل الطرق لتنفيذها والوصول لأهداف الشركة في تحقيق الربح، تكوين علامة تجارية، قابلية التوسع في العمليات التجارية وتطوير بيئة العمل.

كل هذه الأفكار وغيرها الكثير لاستخدامات الفكر الاستراتيجي في عالم الأعمال التجارية.

باختصار تقوم فكرة الاستراتيجية على استخدام أفضل وسائل الإدارة في تحقيق الأهداف المرجوة بأفضل الطرق في كافة جوانب تطبيقاتها السياسية، الاقتصادية، العسكرية… وحتى في حياتنا اليومية نستطيع أن نكون استراتيجيين من خلال رسم أهدافنا ورحلة تحقيقها وإدارة أعمالنا اليومية. 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com