ابتسام الأسود.. معلمة احتضنت الطالبات بحنان أم.. وواجهت المرض بالابتسامة رحلت بعد عام من تقاعدها وبكتها طالبات الثانويتين الثالثة والثامنة في القطيف
القطيف: ليلى العوامي
اُستُقبلِت في الثانوية الثالثة بحفاوة، وحب، فضمتها في بداياتها معلمة لمادة الفيزياء، وَوِدعَت من الثانوية الثامنة في القطيف لتلحق بركب جهزتْ لهُ منذ أن وعت على هذه الحياة بإيمانها، وأعمالها الطيبة التي عَرفها بها كُلُ من بكاها، فقال «رحلت الطيبة الحنون المؤمنة».
ابتسام أحمد مهدي الأسود، غادرت دنيانا مساء أمس (الأحد). عانت بصبر لأكثر من سنتين مع مرضها. كانت تردد «الحمد لله على كل حال».
معلمة احتضنت طالباتها في المدرستين؛ الثالثة والثامنة، الأخت التي بكتها القلوب، وتوجعت قائلة «أه لفقدك يا بسمة الابتسام».
الثانوية الثالثة في القطيف بكتها بحرقة، والثامنة تجرعت مرارة الرحيل بغصة، لم تختلفا في الحزن.
احتار الحزن أين يمكث؟ في بيتها أم في حيها الذي تسكنه؟ أم في مدرستيها اللتين تركتهما؟
أختاها وأخوتها لم ينسوا أمهم الحاجة شيخة كاظم آل غريب، التي رحلت في 19 من شهر جمادى الأول، أي قبل 198 يوماً، اليوم يلبسون الحزن ثوباً، قائلين «الحمد لله على كل حال».
ألم عميق
ايمان الصايغ، تقاعدت معها في ذات السنة، لم تسعها العبارات لتتحدث. كان صوتها الشجي يعبر عما في قلبها من حزن، قالت «رحمة الله عليها رحمة الأبرار. المصاب مؤلم ويعتصر الفؤاد وتأن الكلمات، ولا تستطيع التعبير عن عمق الألم».
قدرية الغريافي، عرفتها منذ 18 عاماً، تقول «لا توجد في المدرسة روح كروحها. في كل موقف تراها حاضرة. تقول: انتهى الأمر خلاص، لا يوجد هناك مشكلة.. تحتوي المشاكل وتحاول أن تزرع البسمة في وجوه الجميع. خسرها التعليم».
وجع ثلاثي
صباح آل عيسى، المرشدة الأكاديمية في الثانوية الثالثة في القطيف، عبرت عن حزنها بثلاث توجعات «آه آه آه يا ليل». حدثتنا وصوتها المبحوح يحكي عنها بحزن ومرارة، لم تستطع الكلمات أن تعبر، قالت «الحبايب انفطر قلبهم اليوم. بسمة وهي بسمة اختارت هذه الليلة لتحرم وترحل إلى أفضل بقعة؛ الجنة. أصواتنا عبر الجوال تصرخ وتعزي. كنت أشعر بانقباض في قلبي منذ بداية اليوم. لم أكن أعلم بأنني سأسمع خبر رحيلها ليقع علي وقع الصاعقة. حدثتني الثلاثاء الماضي، لتطمئن على صحتي، قالت «الله ينصرك على كورونا». صوتها مازال في أذني إلى اليوم، وهي تضحك معي. صحتها كانت ممتازة، ما كنت أعلم بأنه تبقى لها أربعة أيام لترحل».
تضيف «ابتسام كانت قوية جدًا. تصارع الألم رغم تمكنه منها، بارة بأمها (رحمة الله عليها)، وبأولاد أخوتها، صبورة تخاف الله في كل شيء».
وقالت عنها أفراح الفرج «ابتسام شخصية خلوقة مرحة خدومة جداً، دائما ابتسامتها تسبق محياها، ولها من اسمها نصيب. كتومة رغم معاناتها مع المرض، إلا أن ذلك لم يؤثر في أسلوبها. تحب عملها كثيراً، ودودة مع الجميع؛ إدارة، معلمات وطالبات. كانت أختاً عزيزة لزميلاتها، وأماً حنونة لطالباتها، شغوفة بما تقدمه، لا تبخل على أي كان بتقديم المساعدة. طيبة لأبعد الحدود. من بين الزميلات التي تدخل القلب بسرعة. هي معلمة ابنتي حوراء، احبتها كثيراً، كما احبتها جميع الطالبات. فجميع من يعرف ابتسام يتذكر تلك المعلمة الخلوقة الحنونة، ذات المواقف الإنسانية مع الجميع. تفاجئنا بخبر تقاعدها منذ سنتين. واليوم نفجع بخبر رحيلها عن هذه الدنيا. الله يرحمها ويحشرها مع محمد وآل محمد».
الشيخ عادل الأسود شقيق الراحلة
زارعة الأمل
تصفها فاطمة الزاير بـ«الكتف الذي سندني لأكثر من 20 سنة. ما عاشت عمرها لنفسها، تفكيرها كان منشغلاً في الآخرين أكثر من نفسها. أخت وصديقة وزميلة. وجودها بجانبي أعطاني إحساساً بالأمان وأنني بخير. مرضها كسرني وأحزنني، عشته معها لحظة بلحظة. ومع ذلك كانت دائماً هي من يزرع فينا التفاؤل، وإن كل شيء سيكون بخير، وفي قمة تعبها حينما تبتسم أشعر بأن الدنيا بخير».
تختصر الزاير، شخصية الراحلة قائلة «ابتسام مؤمنة، راضية، محتسبة، قنوعة، تسارع إلى الخير وقضاء حاجات الناس».
ضحى آل قرنات، عرفتَها في الفصل الدراسي الصيفي، حينما ذهبت ضحى إلى الثانوية الثامنة، لتدريس الطالبات. تقول «التقيتها منذ ثلاث سنوات، بعد عودتي من البعثة. كانت ثلاثة أشهر فقط، لكن حصصنا كانت سوية. مخلصة، متفانية، مكافحة، ومنظمة. قلبها طيب. كانت طويلة بال مع البنات، مسبحتُها دوماً في يدها، ولا تترك الأعمال والأدعية اليومية».
أم للطالبات
سوسن أوخيك، التقتها بعد عام من قدومها إلى المدرسة الثامنة، عام 1431هـ. كانت من أوائل من قدموا إلى الثانوية الثامنة، حينما افتتحت. تقول «ابتسام احتضنت الطالبات كأم. إنسانة بمعنى الكلمة، درست جميع المراحل في الثانوية، خرجت طالباتها ومازالوا يذكرونها، واليوم بكين عليها بحرقة وآلم. عام 1439هـ كانت في إجازة مرضية بحكم مرضها. و1441هـ تقاعدت لترحل في 1442هـ».
زينب شعبان، قالت مخاطبة الراحلة، والحزن واجمٌ على صدرها «غابت شمسك المضيئة بالعلم، والثقافة، والأدب بعدما تخرج على يديك أجيال وأجيال. رحلت وتركت وراءك علماً نافعاً، ودمعاً جارحاً، غابت الكلمات وتسمرت العبارات، وتاهت الآهات على فراقك يا ابتسام، اسم تستحقينه فعلاً، ابتسامتك الجميلة لم ولن تفارقنا أبد الدهر».
أضافت «ملئت حياتنا علماً، وذكرى لا تنسى. رحيلك ترك لنا فراغاً؛ كنت نعم المربية، نعم المعلمة، تُذكرِين بأخلاقكِ الحميدة وتواضعكِ. فلم تترفعِ يوماً على طالباتكِ. تمكنتِ من مادة الفيزياء، فأعطتِ لنا كل ما تعرفه. لم تبخلِ علينا بشيء. مازلت أتذكر المتعة التي كنا نعيشها في صحبتكِ، وكيف كانت مادة الفيزياء على جمودها متحركة وفعالة. كل ذلك بسبب تمكنكِ من المادة وبراعتكِ في توصيل المعلومة. ولكن بالدعاء، والصبر دائماً نحتسب كل من رحلوا عنا على أمل اللقاء بهم في جنة عرضها السموات، والأرض أُعدت للمتقين».
المدرسة الثانوية الثالثة حيث كانت تعمل المعلمة ابتسام الأسود قبل سنوات.
ليست مجرد معلمة
زهراء كلالة كانت زميلة لها، لخمس سنوات في الثانوية الثامنة، تقول عنها «حنانها الجميع يلمسه، سواءً المعلمات أو الطالبات. لا تستغيب، ولا تتدمر من أحد أبداً. أكثر شيء ميزها احتضانها البنات طول اليوم وحينما تشكرهن تحتضنهن، وتناديهن هكذا: زهور، دلول، فطوم. وإذا عادت طالبة إلى الغرفة متضايقة من شيء، سواءً من معلمة، أو درجة، فيستحيل أن تتركها، إذ تلحق بها تواسيها».
تضيف كلالة «هي ليست معلمة مادة فقط، ففي كل فعالية لمساتها حاضرة، سواءً تنظيماً أو تجهيزاً. وطبعاً عملها يستمر خارج الدوام، فهي تحتضن كل شخص غريب يدخل المدرسة. كنت شريكة معها في ذات المنهج. وأثناء تصحيح الاختبارات كنت ألمس حبها، وخوفها على الطالبات. دائماً تقول «البنات يتعبن لا تثقلوا عليهن»، حتى في مواد زميلاتنا في التخصص. شعبيتها كانت كبيرة جداً. الله يرحمها».
منذ إن نادتني أمي يا أبنتي فلتشربي
الماء ولو بالقليل ولتسمعي
قلت يا أمي ماخطبك ماذا أردتِ القول
ماذا استمع
ماذا بها عيناك قد اغرورقت بالدموع
ياأماه قولي ماذا بك لا احتمل
صاحت بوجهي من اعماقها
معلمتك إبتسام قد رحلت
قلت ماذا اسمع
قلت ماهذا الخبر لربما إسم يشابه إسمها
قالت لا بل هي والله إبتسام اللتي رحلت
فيا له من خبر قد أحزن وألّم قلب كل محبوب لها
وياله من وجع قد اقبل منذ إن رحلت
ليستقر قلوبنا اللتي دفنتْ بها احباب من قبل قد رحلوا
هي الدنيا لايدوم بها فرح ولا حزن
هي الدنيا لا أمان لها
لكنما الحزن وإن أتى بفقد أحِبةً
نلقاه بالعزاء أيام وان انقضى
يبقى العزاء بقلوبنا لفقدهم مابقى الدهر
هو الحزن لفقد أحِبةً لاينطفىء
بل يبقى مشتعل بقلب الفاقد المحب
احزاننا لتخف لابد لنا بذكر آل البيت
وذكر العقيلة زينب
فلهم من المصائب مافاق كل مصيبة
ولنا منهم أجمل الصبر
أستاذتي الغالية إبتسام حملتِ إسم كان معناه في مُحَياك أنتِ أسم على مسمى
رحمك الله وجعل طريقك إلى خير أنتِ ومن سبقوك من أهلنا وجميع المؤمنين والمومنات ورحم الله من يقرأ سورة الفاتحه لروحها وارواحهم
بقلمي. تلميذتك ماريه اخضر
رحمك الله رحمة الابرار وحشرك مع محمد واله الاطهار
سبحانه القائل في محكم كتابه ﴿ يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ ، ونعم المعلمة ، رغم اني متخرجة من سنوات لكن ما انساها ماحييت 😔😔 وقفاتها مع الطالبات اعجز عن كتابته في سطور .. أفنت حياتها للعلم ولكل شيء تلامسه الانسانية رغم كل ماصابها ، رحمكِ الله يامعلمتنا الغالية وأسكنكِ فسيح جناته مع محمد وآله 🤲🏻🤲🏻
ونعم المعلم والمربي ، اللهم أرحمها وأغفر لها وأكرم منزلتها و أوسع مدخلها وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة .
الله يرحمها برحمته الواسعة و اسكنها الله فسيح جناته