العوامية.. “خُصبة البنّاوي” رطب “بُرحي”.. تقليد..!
العوامية: صُبرة
شكل الثمرة يُشبه شكل صنف “البُرحي” المشهور عالمياً. وطعمها سكري خفيف، وقوامها هش ولذيذ. لكنّ وقت نضوجها يسبق البرحي بكثير، ومواصفات النخلة تختلف عن مواصفات نخلة البرحي أيضاً. إنها صنف قليل الانتشار يحمل اسم “خُصبة البنّاوي”.
ومن الصعب جداً؛ حصر أصناف نخيل القطيف ـ وغير القطيف ـ التي نشأت بطريقة بذرية ثم تكاثرت بشكل نسبي. هناك العشرات من الأصناف؛ بعضها انقرض تماماً، وبعضها استمرّ، تحت مسمّى “خُصْبة” منسوبة إلى اسم آخر.
هناك: خصبة احسيّن، خصبة رزيز، خصبة، خصبة مربى، خصبة الحنا، خصبة روح وتعال، خصبة باب، خصبة حمّام، خصبة الرامس، خصبة الجعيلي.. أسماء كثيرة كلها خِصاب، نُسبت إلى مكان ما، بعد اكتشافها من نخلة بذرية، أي خرجت من الأرض وحدها من نواة تمرة مجهولة الصنف في الأصل.
إلا أن هناك خصاباً حملت أسماء عائلات، وأسماء أشخاص أيضاً، مثل خصبة العسيّف التي نشأت في التوبي، وخصبة بِن طامي، وهي نخلة نشأت في سيحة القديح، وخصبة علي بن سالم في الجش.
والخصبة المعروفة في العوامية حتى الآن باسم “خصبة البنّاوي” منسوبة إلى فلاح من أسرة البناوي المعروفة في العوامية. وانتشارها قليلٌ إلا أنها معروفة في البلدة. وقد حصلنا على عينة من ثمارها بواسطة سعيد صليلي، جلبها من نخل معروف باسم “أم شكيري”. وللعلم فإن كلمة “شكيري” ـ في القطيف تعني صنف رطب في القطيف.
مصير الخصاب المجهول..
تُشير أسماء نخيل “الخصبة” في القطيف إلى أسباب غير واضحة، غالباً، في إطلاق هذه الأسماء على أنواع جيدة نشأت من نوى نخيل. كانوا يركّبون الاسم من كلمة “خصبة” مضافةً إلى كلمة أُخرى، ولا يكتفون بكلمة “خصبة” أو “خصاب”، كما هو دارج في بلاد نخلٍ كثيرة، مثل الأحساء والعراق.
وقد اختلف الأمر في السنوات الأخيرة؛ فإذا وجدوا نخلة نواة طيبة، قالوا “خصبة” أو “خصاب” أو “خصيب”، وانتهى الأمر، على العكس من الزمن السابق.
ووسط شحّ المعلومات؛ فإن التخمين هو ما يقودنا إلى تفسير أسماء الخصاب القديمة، على أن بعض الأنواع مُفسّرٌ بحسب إفادات كبار في السنّ ووجود شواهد تدعم التفسير. وعلى سبيل التمثّل؛ فإن “خصاب العصفور” المعروف، أيضاً، بـ “الحجوب”؛ اكتسب اسمه من كثرة مكوث العصافير على عذوقه، حتى أنها تترك آثار سلحها عليه على نحو واضح..!
ولكن ما سبب تسمية “خصبة بن عبّاس” بهذا الاسم..؟ هل لأن صاحب النخلة الخصبة الأولى كان لقبه “ابن عباس”..؟ وأنه ناشر فسائلها..؟ ومن هو ابن عبّاس أصلاً..؟
ومن أي “ديرة”..؟ الأسئلة نفسها تنطبق على “خصبة حسيّن”. ويُقاس الأمر على أنواعٍ أخرى تشير إلى أماكن “الدشة، حمّام، باب”..!
وتأتي خصبة “روح وتعال”، بين الأسماء الأشدّ غرابة، فقد حصلت على اسمها من حال نضجها السريع، بحيث يمكن خرفها أكثر من مرةٍ في اليوم الواحد. وكأنّها تطلب الخرف تكراراً، قائلة للفلاح “روح وتعال واخرف”. هذا النوع من النخيل لا أعرف له وجوداً في القطيف حتى الآن. وقد سألتُ كثيراً من كبار السنّ الفلاحين؛ وأفضل الإجابات إفادةً لم تتجاوز الحديث عن مشاهدتها قبل زمن طويل، أو السماع عنها.
وبعيداً عن التفسيرات العاطفية؛ يجدر الانتباه إلى أن الخصاب، عموماً، من الأنواع قصيرة العمر من الناحية التاريخية. أي أنها تظهر في أجيالٍ محدودة ثم تختفي، ضمن ظاهرة الاصطفاء الطبيعي الذي يشمل حتى الأنواع الأصيلة.
وبالمحصّلة؛ فإن أهمّ نوعين صامدين من الخصاب حالياً هما: خصاب العصفور، وخصيب الرزيز. الأول ذو انتشار واسعٍ، وهو ينضج آخر الموسم. ويسبقه خصيب الرزيز الذي يستفيد منه المزارعون في إنتاج الدبس. وما عدا هذين النوعين؛ فإن مصير أنواع الخصاب الأخرى مجهولٌ، من ناحية انتشاره بمستوى من المستويات التجارية.