[أزياء] فساتين جميلات القطيف.. بلمسات بناتها خطوط الموضة تتقاطع مع الأذواق في تصاميم الخميس والزهيري والقصّاب

القطيف: نداء آل سعيد

من تحت عباءة فيروس كورونا، خرجت إلى ساحة القطيف نماذج تصاميم لفساتين هادئة وبسيطة ذات كلفة أقل. ويختلف هذا المشهد عن مشهد التصاميم قبل ظهور الجائحة، عندما انتشرت تصاميم معقدة وفاخرة، تحتاج إلى ميزانيات مرتفعة، وجهد خاص في التنفيذ.

هذا المضمون جاء على لسان 3 مُصممات في القطيف، أثبتن أنفسهن في تصميم فساتين الزفاف والسهرة وليالي الحناء التي تسبق الزفاف، ونجحن في رسم ملامح موضة تخص نساء المحافظة دون سواهن.

وقد حرصت “صُبرة” على استضافة المصممات وهن مها الخميس، مي الزهيري، وسارة القصاب، والتعرف على تجربة كل واحدة منهن، وكيف بدأن “هاويات”، وكيف أصبحت “محترفات”..

مها الخميس:

الخياطة من أساسيات المرأة “الشاطرة”

البداية كانت مع المصممة مها الخميس، التي عبرت عن شغفها المتواصل بتصميم الأزياء وتتبعها منذ نعومة أظافرها. وتقول مها متذكرة مشاهد من الماضي “أمي كانت تهوى خياطة الملابس، كما هي الحال في المجتمع القطيفي بشكل عام، حيث لا يخلو منزل من ماكينة خياطة، التي كانت من أساسيات المرأة “الشاطرة” والمهتمة ببيتها وأولادها وملابسهم، وأستطيع أن أؤكد أن لماكينة الخياطة اليدوية ذكريات جميلة لا تنسى، في كل بيت قطيفي”.

عن البدايات

تخرجت مها في كلية العلوم (قسم نبات)، ودرست دبلومة خياطة وتصميم أزياء، وحصلت على دورات عن بُعد في تصميم الأزياء. وتقول “بدأ شغفي بالأزياء والفن والأعمال اليدوية منذ وقت مبكر، وبرزت موهبتي في إعادة تدوير الأقمشة وتفصيلها في شكل قطع ملابس تستخدم، مع القدرة على دمج الأقمشة المختلفة ومزج الألوان”.

وتستحضر مها بداياتها في التصميم. وتقول “بدأت بفساتين البنات الصغيرة، وابتكار قصات خاصة، وألوان مميزة، وبما أنّني من محبي التراث والألوان، فاتجهت إلى تصميم بذل الجلوات، وليالي الحنة، وذلك قبل 5 سنوات”.

ولم يخل طريق مها من تحديات وعقبات واجهتها. وفي هذا الشأن تقول “التحديات كانت كثيرة، منها تقبل الناس في البداية لعمل امرأة سعودية في هذا المجال، إلى  جانب التغير المستمر في مجال تصميم الأزياء الشعبية، وكذلك عدم توفر أقمشة تتناسب مع تصاميمي المختلفة”.

ووسط زحمة التصاميم العالمية المختلفة، وجدت مها نفسها متأثرة بالطابع القطيفي دون سواه. وتقول “ألهمني الطابع القطيفي تصاميم بألوان خاصة وتطريزات مميزة، إضافة إلى فخامة التفاصيل، هذه الفخامة اكتسبتها التصاميم من الذهب والمجوهرات، ما ساعدني على تنوع أعمالي بين عمل فساتين زفاف، وأخرى للسهرة، وثالثة كثر عليها الطلب لليالي الحنة”.

تأثيرات كورونا

ولم يكن لجائحة كورونا تأثير على الشأن الاقتصادي والاجتماعي فحسب، وإنما كان لها تأثير أيضاً على اختيار تصاميم دون سواها. وتقول مها “في بداية الجائحة، تغيرت مفاهيم الكثير من العرائس، واتجه أغلبهن للتصاميم الناعمة، وحالياً عرائس القطيف يقبلن على التصاميم البسيطة وأيضاً الثقيلة، حسب ذوق كل عروسة ونوع المناسبة”.

وقالت “تصاميم أعراس هذا العام 2021 ترفع شعار البساطة والأنوثة في زمن الكورونا، إذ تعتمد على القصات الأساسية الكلاسكية دون تكلف، ويكثر الطلب على اختيار ألوان الكريمي و”الأوف وايت” لأن فيها بعض التطريزات البيضاء بلون الفستان، مع إضافة قماش الدانتيلا الراقية عليها”.

مي الزهيري:

الرسم بداية الأزياء.. ونساء أسرتي

وبالإصرار نفسه الذي أبدته مها الخميس في تصميم الفساتين، كان لزميلتها مي الزهيري باع طويل مماثل في المجال ذاته. وتقول “أعمل في تصميم الملابس منذ قرابة 19 سنة، وتأثرت بنساء من أسرتي، كانت لهن هوايات مختلفة، مثل بيع الأقمشة والخياطة، ساعدني على ذلك أن هوايتي الأولى هي فن الرسم الذي جرني لتصميم الأزياء، وعززته بالتدريب والممارسة”.

وبدأت مي مشوارها بتصميم الموديلات أولاً، ثم بمرحلة التطبيق باستخدام أقمشة ملابس قديمة. وتقول “صنعت دميتين  وصممت لهما الملابس، إلى أن حان تخرجي في الجامعة، وتزامن هذا مع حفل زواج أخي، حيث صممت فستاني وفساتين طفلتي لأول مرة، وهذا كان بمثابة دعاية وإعلان لأعمالي؛ وإنطلاقة مشروعي، وطلب مني الأهل والصديقات تصاميم فساتين لهن، وهنا انطلقت، وعززت هوايتي في الرسم وتصميم الأزياء بالدراسة في مجال رسم المانيكان، والممارسة في آن واحد”.

الداعم الأول

وتُقر مي بأن أول الداعمين لها، هم أفراد عائلتها. وقالت “أخص بالذكر أمي وشقيقتي وخالاتي”. وتقول “نشأت بين جدة تبيع الأقمشة، ووالدة وخالات يبدعن في فن الخياطة والتطريز والأشغال اليدوية، فقد كنت أتابعهن وهن يفصلن الأقمشة بإنبهار بالغ، ما شجعني  على جمع ما تبقى من قصاصات الأقمشة، وأصنع منها فساتين لدميتي الصغيرة، كما كنت أرسم الموديلات في دفاتر، وألونها وأحتفظ بها في شنطة المدرسة، وأعرضها على زميلاتي اللاتى لم يكن يترددن في دعمي وتشجيعي”.

 

وترى مي أن الطلب يزداد أكثر في هذه الفترة على فساتين الزفاف والسهرة. وتقول “غالباً ما تكون فساتين فاخرة مشغولة بالكامل ومتلألئة؛ لدرجة أن كل فستان يظهر وكأنه تحفة أو عمل فني متكامل، سواء في الفكرة أو الجسد، أو أنواع الأقمشة المطرزة باللؤلؤ والزركون”.

 وتُكمل “من حيث الألوان المطلوبة هذا العام، نجد أن الاقبال يكثر  على ألوان السماء بتدرجاتها من وقت الشروق إلى الغروب منها، والسماوي الفضي، والسماوي المخضر، وصولاً إلى الوردي الأرجواني، والبرتقالي، والأحمر البركاني، وألوان الذهب والفضة، وهي ألوان مرنة، تتناسب مع أكثر الموديلات وألوان البشرة”.

وتضيف “أصمم فساتين السهرة والزفاف بطريقة عصرية، مع الاحتفاظ بخصوصية المجتمع، وأميل لتعزيز الخصوصية في تصميم للموديل، بحيث يكون لكل عميلة ما يليق بها من القصات والألوان، تبرز جمالها وشخصيتها مطبوع ببصمتي وهذا ما يميزني”.

 

سوق الأزياء

وكان لفيروس كورونا تأثير مباشر على سوق الأزياء، بحسب مي، التي ترى أن الجائحة دفعت النساء إلى العدول عن اختيار التصاميم الفخمة، والتركيز إلى التصاميم الناعمة الأقل تكلفة. وتقول “هذا راجع إلى قلة عدد الضيوف والمدعوين في الحفلات، وإقامتها في المنازل أو الاستراحات بدلاً من في القاعات الكبيرة، أضف إلى ذلك أن الفساتين المكلفة تقيد حركة المرأة، وتحد من راحتها، لذا تفضل النساء هذه الأيام الفساتين البسيطة التي تمنحهن مزيداً من الحرية”.

وترى مي أن هناك إنفراجة ملموسة حالياً في أسواق الأزياء بفعل تأثيرات الجائحة، وتقول “النساء بدأن يتحررن من قيود كورونا، وبدأنا العودة إلى اختيار الفساتين الفخمة المشغولة بالكامل، وذات الذيل الطويل، التي هي حلم كل عروس في ليلة العمر”.

 

سارة القصاب:

كمبيوتر وتصميم.. وأخطائي الأولى.. كثيرة

ولعبت الصدفة دوراً كبيراً في دفع المصممة سارة عبدالله القصاب إلى الدخول في هذا المجال. وهي متزوجه وأم لوالدين.. تقول “دخلت عالم التصميم مصادفة  عام 2010، وعملت على تصميم فستان واحد فقط، عبر إرسال التصميم لمصنع خارج المملكة لخياطته، أعلنت عن ذلك بين الأهل و الأصدقاء رغبة في بيعه، وجاءت زبونه لشرائه، ما شجعني على الاستمرار في هذا المجال”.

 

ما زالت القصاب ـ المتخصصة في الحاسب الآلي ـ تتذكر أول زبائنها، وهي تحدثت عن تصميم الثوب التي ترتديه أمام الحاضرات. وقالت “كان هذا مصدر سعادة لي وحافزاً للبدء في فستان ثانٍ وثالث، فكانت بدايتي بشكل عفوي دون رأس مال أو تخطيط”.

 

لم تكتف سارة بالهواية، وإنما ظلت تبحث عن الخبرات اللازمة في التعامل المناسب مع عميلاتها. وتقول “أقر بأنني تعرضت للكثير من المشكلات والأخطاء بسبب عدم الخبرة، ونقص التجارب، وعندما توجد مشكلة مع إحدى العميلات، كنت أتعب نفسياً ولا أعرف كيف أتصرف لتدارك هذه المشكلة، وبعد هذه السنوات، أصبحت الآن أكثر عقلانية  وقدرة على حل المشكلات والتعامل الجيد مع العميلات، وإرضائهن، بطريقة لا تكبدني أي خسائر، وفي الوقت نفسه لا أخسر العميلة، وفي البدايات، كنت أحاول أن أرضي الزبونة دون أن أفكر في نفسي، الآن الحمد لله، تخطيت المرحلة وأنا فخورة بنفسي لتجاوز تلك المرحلة”.

 

فساتين القطيف

وترى سارة أن لنساء القطيف مواصفات خاصة في اختيار تصاميم الملابس. وتقول “لكل منطقة أسلوبها الخاص في اختيار الفساتين، وألاحظ أن بنات القطيف يفضلن الفساتين الناعمة، ويبدين إهتماماً كبيراً بليالي الحناء والجلوات والزفاف أكثر من المناطق الأخرى”. وتتابع “في البداية، كنت أصمم فستاين شعبية، بعدها لاحظت أن أهالي القطيف يهتمون بمناسبات الزواج والحناء، وهذا شجعني على عمل فساتين حناء وجلوات والحمد لله، أصبح لتصاميمي قبول أكبر”.

 

ولم يتحقق نجاح سارة دفعة واحدة، وإنما جاء على مراحل، وتقول “بدأت بتصمم فستاتين الزفاف فقط، بعدها كانت تأتي العروس مع أمها وأختها، فيسأولنني: لماذا لا تصممين فساتين للأم والإخوات بجانب العروس؟ فوجدتها فرصة لتصميم ثوب العروس وأهلها، وهذه كانت البداية لتصميم فستاين السهرة، إلى أن تطورت إلى تصميم فساتين وبدلات ناعمة للعيد أو زيارة الأصدقاء، وحالياً أعمل على افتتاح خط جديد في تصميم العباءات، لأنني وجدت أن التصميم للأعراس موسمي، أما العباءات فهي على مدار السنة”.

 

ورفضت سارة الرضوخ لتأثيرات كورونا وتداعياتها. وتقول “لا أنكر أنني مع بداية كورونا، كنت شعرت باحباط كبير، وتكبدت خسائر فادحة أنا وزميلاتي في المجال ذاته، وكانت هناك حركة بيع ولكنها متواضعة، وأصبحت العميلات يفضلن الفساتين ذات الأسعار المنخفضة بسبب ان حفلات الزواج عائلية وصغيرة بسبب دواعي الجائحة”.

وعن تصاميم أعراس 2021، تقول سارة “رجعت موضة الفستاتين الناعمة ذات الشغل الخفيف، على عكس الفترات السابقة، كانت الفساتين كبيرة والذيل طويل ومنفوش، والآن أصبحت الزواجات صغيرة، تُقام في البيوت أو الفنادق والمنتجعات الصغيرة، وتفضل العرائس الفساتين الناعمة التي ليس فيها شغل يدوي كبير.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×