الظلم والسلام
صالح مكي المرهون
الظلم دخان يتصاعد من جمر ملتهب بالحقد والكراهية، يخنق المظلوم ويقطع أنفاس آملة، ولا يكتفي بذلك بل يتسلل بخبث إلى كينونته الطيبة ويحاول تلويثها.
أولئك الظالمون يعتقدون أن الطيبة ضرب من ضروب الغباء، ولا يعترفون بالسلام لأنهم ببساطة يرونه كالماء لا طعم له ولا رائحة، بينما حقيقته أنه يطهر النفوس ويزكيها من تلك الرواسب الميتة في القلوب، ويبعث فيها الحياة بزخات من ودق النقاء والشفافية، وبين ظلم وسلام تنسج حكايا وحكايا، في كل بقعة نجد لهما بصمات تدين الظلم وتثبت براءة السلام، وفي كل زمان تكون الحرب دائما قائمة بينهما.
تلك الحرب التي لا تميز بين كهولة وطفولة، تلك الحرب القائمة منذ الأزل بين الظلم والسلام تشترك فيها جميع الأعمار، لأن الجميع كالسحابة التي تنفصل عن أصلها لتتشعب وتمطر غيثا كالذي يمطره أصلها، وبين هذه التفاصيل. وفي شارع تجرد رصيفه من الرحمة وفي وقت سلطت فيه الشمس على الأرض حرارة أشعتها.. سلط فيه الظلم حرارته على بدن السلام، فبينما كان طفل السلام يخطو سالكا طريق الخير مسترشدا بخارطة العدالة، فإذا طفل مشرد تائه قد خلفه الظلم وراءه يسلب من جيوبه أوراق الحرية ويمزق رداءاً يحميه وبابتسامة سخرية بشعة.
نظر إلى تلك الملامح البريئة فأراد تشويه الوجنات المزدهرة بصفعة جائرة ولكنها لم تترك أثرا يرضي غروره، ولم يرض ذلك الغرور سوى لون قاتم من الكدمات تخربش ملامح السلام بوحشية ليترك أثرا كتلك الآثار التي تتركها بقع الشاي على خرقة قماش بيضاء.
ولكن كل هذا لم يكن سوى رذاذ مطر بدأت به الغيمة لتمطر بعدها بسيل من العدوانية القاتلة، وبدأت غيمة الظلم تهطل ركلات من الضرب المبرح على جسد السلام لتنبت الجروح المتقرحة عليه ويتهاوى كريشة تتلاعب فيها الرياح إلى أن يسقط متناثر الدموع مسلوب القوة، وحيدا على الثرى بلا أحضان رحمة تضمه إليها وبلا همس هادئ يواسيه.
هم البشر من جعلوا السلام ضعيفا حين تخلوا عنه رغم القوة التي يخبئها بين جنباته وتبعوا الظلم وسندوه وأصبحوا من أعوانه، وتركو السلام وحيدا يحارب أعداؤه بعدة معدودة ولو علموا ما يكنه السلام من عظمة لعمروا قلوبهم بالمحبة عوضا عن هدمها بالكراهية، فالظلم أقبح الكبائر، وهو ظلمات يوم القيامة كما قال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”، وقال “يقول الله عز وجل يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظلموا “،
ويقول الله في القرآن الكريم في سورة الفرقان “ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا”
ويقول “والظالمون مالهم من ولي ولا نصير” ،إذا الظلم شره عظيم وعاقبته وخيمة للغاية، اللهم لا تجعلنا من الظالمين واجعلنا من المسالمين إن الله سميع مجيب.
مقابل الظلم هو العدل
بينما مقابل السلام الحرب
السلام مفهوم محبب للنفوس الا ان العدل اكثر تحبيبا ومنفعة وفائدة
فالسلام يمكن ان يتحقق مع الظلم وهو غير مرضي لذى النفوس المستقيمة
نعم للعدل والانصاف
لا للظلم