عباس الشمّاسي.. الأربعون لو انها تتكلمُ منبر تأبين استعاد سيرة النبل والعطاء

القطيف: ليلى العوامي

الأربعون لوَ اْنّها تتكلمُ

لروَتْ لنا قصص العظائمِ عنكمُ

هكذا كان لسان المجتمعين في حسينية السنان، مساء البارحة، مستعيرين بيت الشاعر إيليا أبو ماضي، في تأبين الرائد الاجتماعي عباس رضي الشماسي، رحمة الله عليه، الذي انتقل إلى رحمة الله في الـ 21 من شوال الماضي.

وفي ليلة تبارى فيها الشعر مع النثر، انثالت عبارات الحزن والأسى على لسان كتّاب وشعراء ومثقفين وشخصيات عامة، حرصوا على المشاركة في حفل أربعينية الفقيد المهندس عباس رضي الشماسي، ولم تقتصر المشاركة على من عاصروا الفقيد في مجتمع القطيف، وإنما كانت هناك مشاركة عابرة للحدود، جاءت من الولايات المتحدة الأميركية.

واستحضر الموجودون عطاءات الشماسي ومزاياه الإنسانية، واتفقوا جمعياًً على أنه “رجل الإنسانية” بلا منازع، وتطرقوا إلى مراحل سيرته العطرة، وذلك في حفل تأبين أقيم مساء أمس (السبت) أداره إياد فؤاد الجشي.

البداية شعراً

والبداية كانت مع الشعر، ممثلاً في علي المادح، الذي ألقى قصيدة بعنوان “دهشة القرطاس” قال فيها:

لازال يعبث بالردى إحساسي

فيراكم الأوجاع في أنفاسي

قد قيل لي أن (لا مساس) إلى الردى

فمن الذي جعل الممات يقاسي

مجال الإحسان

وبعبارات نابعة من القلب، تحدث السيد منير الخباز  عن عطاء الشماسي قائلاً “الأخ العزيز أبو فاضل، رمز وطني في مجال الإحسان والعطاء، فهو الصادق والمعطاء والمتواضع والضمير والإنسان، فما كان يعطي لأجل لون أو لقب أو شهرة أو بروز، كان عطاؤه صادقاً فقط لكي يتحقق العطاء لمجتمعه، لا لشيء آخر، سواء برز بإسمه أو باسم آخر، فقط أراد أن يتحقق العطاء والإحسان”.

وأكمل “أبو فاضل كان متواضعاً، يعطي ويبذل ويسخر وقته وطاقته وتفكيره في سبيل خدمة مجتمعه، ولا يتعامل مع كل ذلك العطاء بكلمة “أنا”، كان التواضع سمة تجسدت في كل خدماته ومشاريعه”.

وتابع “هو رجل الإنسانية، خدم الإنسان باعتباره إنساناً، وأعطى روحاً إنسانية صرفة، وضميراً إنسانياً حياً، لم يكن يخطر في ذهنه وخارطة تفكيرة إلا خدمة الإنسان، لأنه إنسان، وهذا الأمر يخلده في مجال العطاء والإنسانية”.

واختتم الخباز كلمته قائلاً “الشماسي مواكب للتطور والإبداع، فليس المهم أن يعمل، بل كان يبدع في عمله ويحسنه، وهذه النظرة التكاملية التطورية أضافت لشخصيته شخصية رمزية في مجال التكامل والنظرة للأعمال”.

الجب والآسى

وكان للدكتور علي الجزير وقفة وفاء، يغمرها الأسى والحب قال فيها “أبو فاضل ورحيله خسارة لا تُعوض، وأثقل فقده القطيف، فقد كان رجلها بامتياز، بارًا بها وبأهلها، عمل بجد وإخلاص وتفانٍ، لكل أمة رجل ولكل زمان فارس، ذلك المجد والخلود لا ينال بالتمني والرغبة، وإنما بالعمل والجد والإخلاص والعطاء اللامحدود، الإخلاص والصدق كانا من صميم خلقه، رجل توافقي كان يذوب في العطاء بلا منّ ولا أذى، متواضاً لا تجد في نفسه رفعة، استقر في قلوب الناس فخلدته أعماله، خسره وطنه وكل من حوله، كان سباقاً للخيرات، رجلاً ستظل القطيف تذكره وتخلد في ذاكرة الأوطان والوجدان”.

بعدها قدمت جمعية القطيف الخيرية فيلماً وثائقياً بعنوان “مهندس الخير”، استحضرت فيه خدمات الشماسي في العمل الخيري، وتفانيه من أجل القطيف وأهلها ووطنه.

الصديق الصدوق

وكان لمحمد رضا نصر الله كلمة أبّن فيها الفقيد واصفاً إياه بـ”الصديق الصدوق”، ومتذكراً مواقفه معه قائلاً “لم يستثمر الشماسي في العقارات، بل استثمر تخصصه الهندسي وخبرته الإدارية، مركِزاً جهده في العمل التطوعي وخدمة الطبقة الفقيرة بنفسية متفاعلة بطبعها، متفاعلاً مع أي مبادرة تعزز من قيم المجتمع المدني، فكان الورع سجيته، والكرم طبيعته، والحلم خلته، لهذا كثر محبوه وشاع الثناء العطر عليه”.

الوجوه الكثيرة

قصيدة أخرى بعنوان “ما يتدلى من الغيم”، شارك بها المهندس أيمن فؤاد الجشي، الذي أرسلها من الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة بها في تأبين الشماسي، قال فيها:

أتملى الشذا وهو يطفو

أرى اللحظات تعود رويدا إلى لونها ونصاعتها

عندما تتوهج روحك بين الوجوه الكثيرة ناصعة آسرة

أتملى تأنق آناء ذاك المساء الذي زرته وأرى ضحكة الأصفياء

معانقة الغيم للغيم،

دفء الشغاف إذا اختلجت

في عراها الندية دفقة عشق.

أفزعت أهلك

وبعد هذا المديح والثناء، ألقى عصام الشماسي كلمة الأسرة، شكر فيها القطيف وأهلها والوطن، جاء في بعضها “أبا فاضل لقد أفزعت أهلك ومحبيك وفزع فيك بأماله”.

وتابع “كلمة الشكر لا تفي حق هذا المجتمع الكريم، فبإسم عائلات الشماسي والزائر والخنيزي وكل من له صلة بهم، نحن في ايمان عميق أن هذا العزاء لايخصنا نحن كأسرة، فهو فقيد المجتمع والوطن، نقدم شكرنا وإمتنانا لجميع من واسى وقدم وغمرنا بهذه المشاعر الفياضة التي لا نستطيع أن نقابلها بأي كلمة وعرفان، وأخص المشاركين المهندس سمير الناصر وأبي فراس، والعلامة الجليل السيد منير الخباز، والشاعر أيمن فؤاد الجشي، وعلي المادح، والدكتور علي الجزير، وحيدر العوامي، وإياد فؤاد الجشي عريف الحفل، وكادر حسينية السنان، جميعهم بلا استثاء، وجمعية القطيف الخيرية لإنتاجها الفيلم الوثائقي وإدارتها والمخرج السيد فاضل الشعلة، وجميع من عمل خلف الكواليس، كما أشكر لجنة التنمية الاجتماعية لتسمية مسرحها باسم الراحل الفقيد،  ولكل المجتمع الكريم.

وكان ختام المجلس بصوت السيد حيدر العوامي، الذي ترحم على الفقيد الراحل، ودعا له بالمغفرة ولأهله بالصبر.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×