الجارودية.. كورونا يخطف حياة صانع استراتيجية “المحيط” وعاشق الرقم 15 البلدة حزينة برحيل شاب خلوق وناشط متعدد العطاء والتضحية
القطيف: شذى المرزوق
قبل يومين؛ نشر رسالة إلى أصدقائه، مُخبراً إياهم بنقله إلى العناية المركزة، وطالباً منهم براءة الذمة. واليوم؛ استيقظت بلدة الجارودية على نبأ رحيله إلى العالم الآخر.. علي حيدر، عضو مجلس إدارة نادي المحيط، ومسؤول المركز الإعلامي في النادي والناشط الاجتماعي الذي اتسعت خارطة خدماته في البلدة.
صمد أمام أعراض وباء كورونا إلى آخر لحظة. لكن حالته مرت بعدم استقرار، وتوفي وهو في أوج نشاطه، عن عمر 44 سنة فقط.. نبأ صادم في الوسط الاجتماعي والرياضي.
منذ بداية عمل “صُبرة” في توثيق إنجازات أندية القطيف الرياضية، الشهرية مع بداية عام ٢٠٢٠ كان مدير مركز إعلام نادي المحيط علي حيدر المصدر الأول والمنبع الملم بكل مجريات الألعاب المختلفة في نادي المحيط بنتائجها وتعاقداتها، وكل ما يخص الشأن الرياضي والاجتماعي في المحيط الجارودي.
رئيس نادي المحيط الحالي عبدالله الجارودي وصفه بأنه “من خيرة رجال الجارودية، صاحب أيادٍ بيضاء، له عدة أنشطة ثقافية واجتماعية في البلدة.. فقده يؤلمنا.. ورحيله سيخلق فجوة في كيان نادي المحيط والمجتمع الجارودي”.
وأكمل “كان نشطاً في كل المجالات، يضحي بوقته من أجل العمل الاجتماعي، مبتسماً متفائلاً رغم كل الظروف. من عرفه سيفقد البشاشة والابتسامة التي تسبق كلامه، يصغي ولا يقاطع، يفكر بصمت ويُوجد حلولاً لمعظم الأمور بطريقة احترافية.. كما أنه كان أفضل الطلاب تفوقاً دارسياً وأحسنهم علماً وأدباً”.
وقال الجارودي عن الراحل “منذ صغره مولع بكرة القدم، تدرج في اللعبة تحت الفئات السنية، وتدرب على يد أغلب المدربين الوطنيين، منهم مهدي رضا البوري وإبراهيم حسن المدن. كان عاشقاً للرقم ١٥.. كما أنه كان عاشقاً للكيان المحيطي وخدمته، فشرع في العمل الإداري لمدة لا تقل عن ١٥ سنة، عضواً في مجلس الإدارة، ومشرفاً على كرة القدم ومسؤولها الأول والأخير. وهو من يتصدى لكل أخبار النادي في كل الألعاب وينشرها بصفته المسؤول عن اللجنة الإعلامية”.
وأكد الجارودي أن للراحل “الفضل الأول ـ بعد الله ـ في عمل استراتيجية النادي والحصول على الدعم الذي طرحته وزارة الرياضة، ولذلك فهو المسؤول عن الاستراتيجية، وهو من خطط لها، وبقي حتى آخر يوم له قبل انقطاعه ودخوله في التخدير الكلي يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ يونيو ٢٠٢١ م يوصينا ببعض التعديلات وإضافة ألعاب الى الاستراتيجية والاهتمام بالفئات السنية حتى وهو في العناية المركزة”.
الرئيس السابق لنادي المحيط أنس الطويلب بكاه طويلاً قبل أن يحكي لـ “صُبرة” بدايات انضمام السيد علي علوي جواد آل كاظم إلى مجلس الإدارة، ومن ثم مشرفاً على كافة الألعاب، وبعدها مسؤولاً عن لعبة كرة القدم، وصولاً إلى إدارته المركز الإعلامي للنادي.
وقال “أروقة النادي كلها تعرفه منذ ما يقارب 16 عاماً”.. وأكمل “كل شيء هو في النادي.. هذا الشخص عظيم”، وأردف “كان يخجلنا بحضوره المستمر إلا في أوقات عمله، ويبقى هو ملازماً لديوانية النادي، يستمع للجميع، ويساعد الزملاء، ويبادر إلى متابعة كل التفاصيل، للدرجة التي تجده فيها يكاد لا يصدر قرار إلا ويكون له فيه رأي”.
أضاف “شاب خلوق، حلو الكلمات، لطيف المعاشرة، سليم البنية، يمارس الرياضة ومهتم بصحته ولا يدخن”.
سكرتير النادي محمد المعراج رثاه بقوله “ربطتني به زمالة علم وعمل، فعمر معرفتي به منذ ١٨ سنة، درسنا معاً، وهو بمثابة “أخ دنيا”. وأضاف “عملت معه في أكثر من نشاط اجتماعي وخدمة للبلد، عدا عملنا معاً في النادي”. وقال “عندما تعمل معه بروح فريق العمل، فتجده بهذه الروح والعطاء.. أعتبره الشريان الذي تعطل وتوقف الآن، حيث لم أكن أخطو خطوة في العمل بلا دعمه وتشجيعه ومتابعته.
كنا نسهر معاً في إعداد التقارير، حتى وقت الفجر، ثم ينصرف عني ليذهب لعمله، ونكمل العمل في اليوم التالي مثل الوقت السابق، فقط وفقط لسعادة وفرحة أبناء جارود”.
وعن تواصله معه قال “كان آخر ما تواصلت معه يوم الاثنين، يطلب مني بعدم نسيان متابعة نزول مبالغ دعم الاستراتيجية للنادي.. قال لي حينها: لازم نفرّح أهل الديرة”.
حكم كرة القدم بليغ الرمضان من المقربين للراحل.. وهو يصفه بـ “فقيد القطيف، لكونه ناشطاً اجتماعياً ومبادراً للعمل الخيري وداعماً للمجتمع”. وأضاف “طالما فتح لي ولزملائي من الحكام مجال التدريب في النادي ودعم تدريباتنا معنوياً بتحفيزه وتشجيعه، كما كان يطالب بالقدوم إليه باستمرار في أي حال يتطلب مساعدة.. الجميع في نادي المحيط يستشعرون ألم فقده.. حتى البراعم منهم”.
أضاف “كنت أتمنى لو تمكنت من تقبيل جبينه قبل دفنه ولكن احترازات كورونا حالت دون ذلك”.
مؤسسة كاملة
صديقه وجاره وقريبه السيد محمد آل طالب قال “رحيله لا يشبه أي رحيل.. لم يكن فقدنا له فقد شخص فقط بل هو فقد لمؤسسة كاملة، وخسارته ليست للجارودية فقط، بل للقطيف عامة.. فقدنا السخاء والكرم والعطاء والتضحية، سواء في النادي واللجان الخيرية والمؤسسات التطوعية.. ووقوفنا اليوم في المعزّى كان مؤثراً، فنحن لا نعرف من المعزَّى من المعزيْ”.
لم يكن رثاء الراحل قاصراً على مستوى بلدة الجارودية فحسب بل تعداها إلى خارجها. وتلقت إدارة نادي المحيط رسائل التعازي والمواساة من أندية المحافظة، وشخصيات رياضية.
وقال أمين عام نادي الترجي نادر الراهب لـ “صُبرة” إن “رحيل المرحوم السيد علي حيدر يمثل فقداً لمحافظة القطيف عامة.. خدم المرحوم وطنه ومجتمعه وبلدته من خلال نادي المحيط، وقدم أنموذجاً للتضحية والبذل والعطاء”.
وعن معرفته به قال “منذ ١٥ سنة عرفته متعاوناً محباً لا يحمل في قلبه إلا الحب لجميع الناس. قبل مرضه بأيام كان بيننا تواصل للتنسيق بين الناديين الترجي والمحيط”.
رحم الله الفقيد السيد علي حيدر وحشره مع محمد وآل محمد ، كان شابا خلوقاً طيباً معطاء صاحب الابتسامة الهادئة
الهم الله فاقديه الصبر والسلوان وربط ع قلوبهم