معضلات الهلال والخُلع والإرث.. هل ثمة فهم قاصر للدين..؟ دعوة إلى تدارس ثلاثة جوانب ابتلائية في حياة المكلفين
المهندس ناجي العيثان
في البداية أود التوضيح أني لست متخصصاً، ولكني أرى الواقع ومعاناة المكلفين وأحاول تحديد المشكلة مع أسبابها لتسهل الحلول وأنا الى الخطأ أقرب.
فبدأت بموضوع الهلال، وفي المقالين السابقين كانت الفئة المستهدفة الحوزيين والفلكيين أو من لهم معرفة بالمباني الفقهية لرؤية الهلال وبعض المصطلحات الفلكية. وبعد طلب بعض الأقارب والأصدقاء بتبسيط الموضوع وبالتحديد فيما يخص مبنى وحدة الأفق عند السيد الخوئي قدس سره ليكون متاحاً لشريحة أكبر، اخترت التناقضات والإشكالات (العقلية/ المنطقية)، وبسّطت بعضها وأخرجت بعضها من بين السطور لتتضح أكثر. كذلك أضفت إلى هذا المقال جانبين آخرين محل اهتمامي من قبل وسوف أسلط الضوء عليهما.
الهلال- التناقضات والاشكالات على مبنى وحدة الأفق
- ذَكَرَ أن الهلال يتكون ويتشكل من دون مدخل للكرة الارضية وفَرَضَ خلو الفضاء من الكرة الأرضية، وهو في نفس الوقت يشترط الرؤية بالعين المجردة في أول بلد يُرَى فيه الهلال وهذا لايمكن إلا بوجود الأرض.
- سؤال البارجة: وهو تحديد يوم العيد في البارجة التي يقع جزء منها شرق خط التاريخ الدولي والجزء الآخر غربه، لايمكن الإجابة عنه لأن الإجابة مضحكة ومخجلة في نفس الوقت.
- الاشكال حول ثبوت العيد (في منطقتنا) برؤية الهلال في أمريكا وعدم وجوب صلاة الآيات برؤية الخسوف الكلي في أمريكا.
- مبنى وحدة الأفق يمكن تطبيقه في البلدان المشتركة في الليل فقط (على رأي القائلين به) وأما في البلدان الأخرى فبداية الشهر تكون في اليوم التالي أي اشترط رؤية هلال آخر (نسبي) وهذا مخالف لمبناه وأصبح القمر نسبياً. هذا بعد التنبه للمحذور لاحقا وإلا في السابق، يبدأ الشهر نهارا أي على المكلفين أن يكونوا فاطرين جزء من النهار ثم يمسكوا لبداية الصوم لشهر رمضان، ويكونوا صائمين جزء من النهار ثم يفطروا للعيد.
وأعتقد أن هذا بسبب الافراط في الاجتهاد والتحليق بالفكرإلى ماوراء البحار في فهم النصوص الشرعية وتحميلها فوق ما تحتمل، وكذلك عدم الرجوع إلى ذوي الاختصاص وأقصد الفلكيين.
الخلع
في هذا الجانب، دق ناقوس الخطر ودفع المكلفين الى التمرد ولم يعبروا بالقول فقط بل بالفعل أيضا ومثال ذلك ترك قاضي الأوقاف والمواريث (بعد أن أعياهم الأمر) من قبل بعض الزوجات واللجوء الى المحاكم غير الجعفرية لإجراءات الخلع، وتوجد حالات لاقى الخلع إقراراً من قبل وكلاء مراجع، والطامة الكبرى عندما لا تجد إقراراً فما هو حكمها؟ هل ما زالت زوجة أم لا؟
الإرث
في هذا الجانب، اضطر بعض الورثة الفقراء الى بيع منزلهم الوحيد لإخراج ثلث تركة المتوفى، لأن المتوفى لا يملك تركة إلا المنزل، وقد تصل قيمة ثلث المنزل أحياناً الى أكثر من مئة ألف ريال والمنزل لا تتجاوز مساحته 80 متراً مربعاً.
وأحيانا تكون الوصية بالثلث للمشاركة في بناء مسجد في قرية نصف مساجدها مغلقة أو شبه فارغة من المصلين. وينفذون الوصية لأنها تأخذ بأعناقهم على حسب قولهم، ولا يلتفتون الى أن بقاء المنزل أكثر ثواباً للمتوفى.
وفي هذين الجانبين، أعرف حالات سبب المشكلة فيها هو قصور دائرة الأوقاف والمواريث وبعض وكلاء المراجع في تشخيص الأحكام الثانوية، أو في تقديم الأهم على المهم، أو في منطقة الفراغ وعلى هذا فَقِس على الجوانب الأخرى.
وفي الختام، أجدد الدعوة إلى أساتذة الحوزة العلمية بالرجوع إلى الفلكيين ويتداركوا الأمر لأن قبول مبنى وحدة الأفق مخجل لما فيه من تناقضات واشكالات، وهم يتحملون مسؤولية سكوتهم الى هذا الوقت، وإلا اعتماد المبنى الآخر.
قال تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، فهل ما نراه من الدين أو من فهم الدين؟
اقرأ أيضاً
محاولة جيده لتسليط الضوء على واقع مؤلم ومتداخل مجتمعيا بين الفهم والقصد والتطبيق . وقد أختصر الكاتب وأصاب عين الحقيقة فمع كل الأسف لم نستفيد من فقه اهل البيت الا القليل القليل وأعتقد أن أصدق قول ينطبق هنا قول الحسين ع ( النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون). وفق الله الكاتب وسدد خطاه. كما كنت أتمنى أن يتطرق أيضا لقضية الاوقاف المهملة ومدى تأثيرها ومساهمتها في تضيع موارد وأصول أقتصاديه مهمه لو مكن منها المجتمع لغيرت واقع إقتصادي مؤلم