[القطيف] «العطاء النسائية» تصطاد عصفورين بحجر «الاستهلاك الذكي» مشروع يحافظ على البيئة ويوفر عوائد لمشاريع الجمعية
القطيف: زكية الأسعد
هل يمكن القول ان جمعية العطاء النسائية في القطيف «اصطادت عصفورين بحجر»؟
ليس من مهام هذه الجمعية التي تأسست قبل 12 عاماَ، اصطياد العصافير، بل المساهمة في تنمية مجتمع القطيف، خصوصاً أنها أول جمعية نسائية في هذه المحافظة.
فضلاً عن الطبيعة الأنثوية لقيادات الجمعية والعاملات فيها، والتي تجعلن بعيدات عن اصطياد العصافير «المسكينة».
بيد ان الجمعية اطلقت أخيراً، مشروع «الاستهلاك الذكي»، والذي يمكنها من تحقيق هدفين «تنمويين»، هما تقليص كمية النفايات، والإفادة من المواد المستعملة الفائضة عن الحاجة، وعرضها في محل للبيع بأسعار مناسبة، يعود ريعها لصالح مشاريع الجمعية.
أحلام القطري.
هدف بيئي وآخر مالي
شرحت رئيسة جمعية العطاء الدكتورة أحلام القطري، فكرة «الاستهلاك الذكي»، في حديث إلى «صُبرة»، قائلة «المشروع عبارة عن محل لبيع الادوات المستعملة من أجهزة منزلية وملابس وأوان منزليه وألعاب وأدوات أطفال وإكسسوارات.. الخ، والتي تباع مُخفضة، لدعم الجمعية بالعائد».
وأوضحت أن الهدف الأول لـ«الاستهلاك الذكي»، الذي ينفذه قسم البيئة والصحة في الجمعية، هو «التدوير والحفاظ على البيئة، عن طريق إعادة استعمال ما يمكن استعماله من أدوات وغيرها، وجعلها صالحة للاستعمال، وأيضاً نشر ثقافة إعادة الاستعمال، وتدوير المنتجات، كما يحصل في الكثير من دول العالم، وهي رسالة حضارية».
أما الهدف الثاني؛ فهو – بحسب القطري – «دعم الجمعية بالمال، لتغذية مشاريعها».
هكذا ولدت الفكرة
بدورها، قالت عضو مجلس إدارة الجمعية، المسؤولة عن برنامج البيئي دلال العوامي لـ«صُبرة»، «اهتمت جمعية العطاء بالبيئة، من خلال مبادرات متعددة، منها حملة تنظيف الكورنيش، ووضع لافتات توعية، كذلك نفذت الجمعية ثلاثة مهرجانات، عُقد آخرها عام 2017».
أضافت العوامي، أن «الفكرة ولدت في المهرجان الثالث للجمعية، الذي أقيم في الكورنيش، بعنوان «قطيفنا جميلة»، وكان تحت شعار «بيدي أحسن بيئتي»، وحضرته جماهير غفيرة، مضيفة أنه «لم يكن في حسباننا هذا الحضور الكبير، ما أشعر الفريق بحماس كبير».
فكرت الجمعية حينها في جس نبض المجتمع، بوضع ركن صغير للأدوات المستعملة في المهرجان. كانت الفكرة الأساس هي بيع كتب الأطفال وألعابهم. أضافت العوامي «لاحظنا أن هناك مبيعات جيدة، حيث نفذت المعروضات خلال الأيام الثلاثة التي عُقد فيها المهرجان».
آثار الجائحة
من هنا؛ فكرت مسؤولات الجمعية في طريقة جدية لترقية الفكرة، واشتغلن عليها، توضحها دلال العوامي «كنا في كل مرة نقيم فيها مهرجاناً؛ نعرض أشياء مختلفة ومتنوعة تخص الأسرة، خصوصاً الأسر المحتاجة، وبأسعار زهيدة في متناول الجميع، مثل الأشياء الفائضة عن الحاجة، أو التي يقدمها المتبرعون للجمعية، ويكون ريعها لصالح الجمعية، من هنا ولدت فكرة المستودع».
انطلق المشروع عام 2019، واستمر لمدة سنة على الأقل، ثم اغلق لمده 6 أشهر، بسبب القيود التي فرضتها جائحة كورونا. وأشارت العوامي إلى أنه بعد رجوع الحياة إلى طبيعتها؛ كان الدخل «بسيطاً» لا يتجاوز 200 ريال في الأسبوع.
مشروع «مبارك»
استدركت أن «الوضع تغير الآن؛ فقد نبيع بعشرة ريالات، وقد نبيع بـ500 ريال، البيع متذبذب، ولكن الحمد لله تغير المدخول بشكل ملحوظ جداً، وأصبح المحل معروف جداً، ويرتاده كثير من الناس، فهو في شارع معروف وحي في المنطقة، وهو شارع القدس».
انطلق المشروع من محل مساحته «صغيرة»، لكن الجمعية وسعته خلال السنتين الماضيتين. وأوضحت أن جميع من يعمل في المحل من متطوعات في جمعية العطاء، مؤكدة أنه «مشروع اجتماعي، غير ربحي».
ووصفت العوامي، «الاستهلاك الذكي» بأنه «مشروع مبارك»، لافتة إلى حصولهم على مقره من المتبرع المرحوم عبدالغني الشماسي، لمدة 3 سنوات مدفوعة الإيجار. وبعد انتقاله إلى رحمة الله؛ قرر الورثة السير على نهجه تقريباً، إذ طلبوا دفع رسوم زهيدة جداً للإيجار. وأشارت إلى الدعم الذي يتلقاه المشروع من المجتمع.
وأوضحت أن المشروع يستقبل المواد التي تكون بحال جيدة، ويقوم الفريق بتنظيفها، وتسعيرها، حتى تصل إلى الناس بطريقة جيدة، مبينة أن الاسعار تبدأ من ريال واحد، وتصل إلى 300 ريال، ومهما علت؛ تكون أقل من سعرها في السوق.
الكل مستفيد
المترددون على المشروع من جميع الفئات، المحتاجون وغيرهم. ويوجد أيضاً من يأتي إلى المحل وتعجبه بعض من الأدوات المنزلية، ويقوم بشرائها بغرض التوفير، بحسب العوامي.
ولفتت إلى أن البعض يشتري من أجل الحاجة، أما البعض الأخر فيشتري من أجل دعم الجمعية ومساعدتها، حيث ينفق ريع المبيعات على الفقراء والمشاريع التي تنفذها الجمعية عموماً.
وأشارت إلى أن الفكرة “جديدة نسبياً” على مجتمع القطيف، وقالت «نحن الوحيدون الذين تبنينا هذه الفكرة. نعم هي موجودة في كثير من دول العالم، وأيضاً في جدة، حيث ذهبنا إلى هناك، واستفدنا من بعض الأفكار التي تُنفذ».
إعادة التدوير والتصنيع
نشاط الجمعية في مجال استخدام المواد المستعملة لا يقتصر على «الاستثمار الذكي»، إذ أشارت العوامي، إلى اتفاق بين الجمعية ومصنع «داز» للأجهزة الكهربائية في الجبيل، لتدوير الأجهزة، وإعادة تصنيعها، ومن ثم عرضها للبيع بسعر زهيد، للحفاظ على البيئة من النفايات.
كما عقدت جمعية العطاء اتفاقاً آخر مع جمعية «ارتقاء»، التابعة لشركة الفوزان القابضة، والتي تستقبل كل أنواع الحواسيب التالفة، لإعادة تصنيعها، وتوزيعها على الجمعيات الخيرية، بهدف حماية البيئة من هذه المواد التالفة، التي لها تأثير سيء على البيئة، كذلك تعتبر هدراً للمواد الأولية المصنوعة منها.
أضافت «ضربنا عصفورين بحجر، فلقد قلصنا كمية النفايات، وفي الوقت نفسه استفدنا من الحواسيب التالفة، بإعادة تصنيعها وتوزيعها مجاناً على المستفيدين من المحتاجين».
حاويات الورق والملابس
ولأن بعض المدارس تطلب من الجمعية وضع حاويات لرمي الورق والكتب فيها، قالت العوامي «قمنا بتوفيرها، والإفادة منها في إعادة التدوير، وحماية البيئة من التلوث المصاحب لكثرة النفايات. وضعنا 4 حاويات ووزعت على 4 أحياء في المدينة. واحدة للورق والكتب، وأخرى للملابس وغيرها من الأشياء المستهلكة في المنزل».
داعمون
عددت دلال العوامي، أبرز داعمي مشروع «الاستهلاك الذكي»، وهم: رواد الاعمار، ايديه ديزاين، القرية الحجرية، رواد الالمنيوم، سلام زكي الخنيزي ومؤسسة علوي الخباز، والشكر موصول لهم من رئيسة الجمعية الدكتورة أحلام القطري، ومن أعضاء جمعية العطاء كافة.