[9] تأملات في جماليات سورة “الإنسان” إطعام الطعام
مدينة أحمد البوري
آية اليوم التاسع:
﷽ {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}.
ومن صفات عباد الله الأبرار أيضاً إطعام الطعام، و أي إطعام؟
إنه الإطعام المقترن بالأثرة على النفس، و الجود بالموجود عند الحاجة للطعام، و تقديمه لمن يحتاجه من المحتاجين حتى لو كانوا أسرى غير مسلمين ، فإطعامهم من أبرز صفات الابرار.
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ)
•مافضيلة الإطعام؟
إطعام الطعام من ابرز صفات الابرار التي استحقوا بسببها الجنة ، و ضدها منع الطعام التي هي ابرز صفات أهل النار و افعالهم التي استوجبوا بها النار ،فهم يحبسون الطعام عن المحتاجين
(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) (42) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ )(43)(ولم نَكُ نطعم المسكين)(44)
سورة المدثر
و لأهمية الإطعام دخلت في الكفارات مثل كفارةالجماع في نهار رمضان و الظهار …..الخ
من الكفارات ففيها إطعام ستين مسكين ، بالإضافه إلى ذلك إن الإطعام من أسباب النجاة من النار،حيث بذل الطعام للمحتاج (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)سورة البلد
و هذا نوع من أساليب الترغيب ، و هناك اسلوب الترهيب لمن يمنع الطعام و لايحض عليه (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) سورة الحاقه
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ)
إطعام الطعام من ابرز مصاديق الوفاء بالنذر
•لما استعمل كلمة (يُطْعِمُونَ)؟و لم يستعمل يتصدقون أو يعطون؟
حتى لايخص ذلك الصدقات أو يخص من تجب عليهم الصدقات أو تجب لهم الصدقات فليس كل المسلمين تجب عليهم الصدقة أو تجب لهم الصدقة ، فالإطعام إرادة لفعل الخير سواء كان الفاعل غنياً أو فقيراً و سواء كان المطعِم تجب عليه أو لا : ويشمل المتصدق عليهم . و التعبير بـِ (يُطْعِمُونَ) تعني الإطعام عن ارادة ، فالتخلي عن الطعام و هو مرغوب للنفس لإطعام الغير ، فإن قيمة الطعام تكون اعلى ، وإذا كان المعطي صائماً ولديه اطفال صائمون جوعى و بحاجة لهذا الغذاء يكون اغلى و اغلى ، و الإطعام بهذا الحال يدل على امتلاك المعطي نفساً و روحاً و قلباً و إنسانية لا نظير لها .
•(عَلَى حُبِّهِ)
الجمله هنا اعتراضيه تفيد الإيثار
على من يعود الضمير في كلمة (حُبِّهِ) ؟
ذكر فيه حالات:
١_يعود الضمير على حب الله ، و التي تعني ابتغاء مرضاة الله(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ)
٢_يعود الضمير على الطعام ، أي حب الطعام بمعنى رغم محبتهم للطعام وحاجتهم إليه ، إلاّ انهم اطعموه لغيرهم من باب الإيثار ،و محبتهم للطعام لا للإشتهاء بل لحفظ القدرة على القيام بالواجبات والتكاليف الآلهية .
عن مولانا الأمام الرضا “ع ” في قوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ ) قلت: حب الله أو حب الطعام ؟ قال: حب الطعام).
٣_يعود الضمير على حب الإطعام ، أي يطعمون الطعام حباً في الإطعام ،بطيب نفس من اطيب مايطعمون أنفسهم ، و ليس من فاضل الطعام.
و لكن لو لاحظنا لوجدنا إن الحقيقة تجمع الحالات كلها السابقة ، فالضمير يعود على الطعام من باب الإيثار و على الإطعام من باب الإحسان و على حب الله من باب الإعتراف لله بالعبودية و إخلاص العمل له .
(مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
•لماذا التنوين والتنكير فيهم؟؟
حتى نفهم بأن المقصود ليس خصوص المعروفين لديهم ، بل أنهم يطعمون أي مسكين وأي يتيم وأي أسير .
لماذا هذا الترتيب في الإطعام؟
-التقديم قد يكون كما اتى في رواية الحدث من قدوم المسكين أولاً و اليتيم ثانياً و الأسير ثالثاً
-التقديم قد يكون حسب الحاجة.