كفوفها سنابل حب
كسحاب يتراءى من بعيد حتى قرب كوريد، فانهمر هتاناً من أعلى الحب إلى أخمص الود. كسنابل فرح حبلى بالأمنيات المحققه بإذن خالقها.
كانت ابنتنا “فاطمة” تسير في طرقات العلم ودهاليزه، مسطحاته وتضاريسه الوعرة جداً الخشنة أكثر الأحيان، الطويلة كأمد في كل حين.
اختارت الأصعب نحو المجد، نحو كل خير ذي مشقة لتسهل عليها الحياة ولتهبنا نعمة لا تقدر بثمن. حملت على ظهرها ثقلاً كجبل، لا لأجلها بل لنصعد نحن و ضحكاتنا نحو السعادة.
كانت في سنوات الدراسة الخمس كامرأة في مخاضها الموجع المؤلم جداً، وهي البنت الصبية التي لم تتجاوز الثامنة عشر ربيعاً.
لا تنام كما يحلو للصبايا، ولا تنحني للهو واللعب والترفيه كما كل البنات.
كانت تحرم على قلبها أعذب اللحظات العائلية، كي تجعلنا أسعد عائلة بعد حين من الزمن، كانت كتبها وأوراقها مرافقين لها حتى في أصغر لحظة راحة تتبعها.
لم تكل ولم تمل ولم تيأس بأن أمامها هدية من الله لها على كل هذا الجهد. هي تعلم في صدرها بأن ما تتحمله من أجل ابويها سيبهج ضلوعها ولو بعد حين.
لم تكن تتطلع إلى شيء من جماليات الحياة، كما هن أترابها، بل كانت تركن نحو الهدوء والسكينة، حتى في نظرتها إلى ما تراه من حولها، فتصد كل متعة لا تخدم ما تصبو إليه من مستقبل يسعد وطنها وعائلتها بالدرجة الأولى قبلها حتى.
لم أكتب مبالغاً ولا مجاملاً لما كانت هي عليه، بل أكون مقصراً في حقها وحق وقتها التي قضته طيلة خمس سنوات لم تنم فيها دون قلق.
وقليل ما يقال في حق الدرجات العليا التي تتوج شهورها وسنواتها، فلم يهبط مستواها عن +A البتة فكانت في الصفوف الأعلى دوما مع مرتبة الشرف.
اللهم ارضَ عنها كما رضينا قبل وبعد عنها. اللهم اجعلها ذخراً وأطل في عمرها وهي بصحة ومال وفرح.
وهنيئا لنا بها وأعيذها برب الفلق ومن شر حاسد إذا حسد ومن شر عيني وعين كل أحد.
وألف مليون ترليون زليون مبارك لابنتنا التي تحملت كل هذه المسؤولية فوق عاتقها، وتخرجت بمرتبة الشرف من كلية الصيدلية بتقدير “ممتاز”، وهطلت بمزنها على قلوبنا، وكانت خيراً أنبتت واعشوشبت أفئدتنا بما أتت به.
نبارك لها هذا المجهود الجبار، أنا ووالدتها هبة قريش ونتمنى لها مستقبلاً كنور لا يخبو.
والدها حسين علي خليل