مضامير المشي تزدان

المهندس علي أحمد الرضي*

كما جرت العادة مع إطلالة شهر رمضان المبارك تزدحم المضامير بالمشاة من كل الأطياف؛ حيث يشارك الصغير والكبير والمحترف والهاوي والطفل والشاب والمرأة والرجل بمختلف ثقافاتهم وقدراتهم وإن اختلفت أهدافهم، وتتحول بوجودهم هذه المضامير إلى مهرجانات رياضية ولقاءات ممتعة تتجدّد عصر كل يوم.

هذه المشاركة الجميلة والرائعة تترجم مدى الوعي الرياضي والصحي المنتشر في المجتمع عبر المؤسسات واللجان الرياضية والصحية والمدربين والأطباء للحصول على أجسام سليمة قادرة على مقاومة الأمراض المزمنة ومواجهة جمعاً من العلل الأخرى.

ما نلمسه من اهتمام واسع برياضة المشي والازدحام في كل مكان، بمثابة رسائل ذات مغزى في كل الاتجاهات الرسمية والأهلية وأهمها تهيئة أماكن في الحدائق والشواطئ لتكون رافداً مناسباً وجذّاباً للعامة، يتوفر بها إضافة إلى مسارات المشي والجري المطّاطية أجهزة التمارين الحديدية والخشبية المتنوّعة وساحات اللعب المفتوحة والخدمات والمرافق الضرورية وبما يضمن المحافظة على جودة المكان وشموليّة منافعه وجماله.

 وحتى لا يكون المشي والرياضة وبالاً، لا سمح الله، نوصي ممارسي الرياضة المجتمعية أن يضع كل فرد له هدفاً متغيّراً ومتطوّراً يسعى إلى تحقيقه بين فترة وأخرى مما يخلق تنافساً ذاتياً أو جماعياً، داعماً ومحفّزاً على الاستمرارية بإذن الله.

ممارسة رياضة المشي نهار شهر رمضان من الموضوعات المتجدّدة كل عام، ونرى عدم توفّر جواباً قاطعاً للجميع بسبب اختلاف المكان من الجودة والظلال إلى المسار الصلب والطوب الغير متّزن، واختلاف القدرة فلا يمكن مقارنة أبطال المشاة والهمم العالية الذي يتدرّبون ويمشون عشرات الكيلومترات بشكل يومي طوال العام؛ فهؤلاء لا يختلف عليهم الوضع سواءً تدربوا صباحاً أو عصراً، ومجموعة مؤقتة يستغلّون فراغهم في شهر رمضان دون لياقة وبعضهم من البدناء ومعهم أمراض مزمنة، لا يستوون. وفي الوقت الذي نوصي المرضى بعدم ممارسة الرياضة خلال فترة الصيام، نؤكد أنه لا جدال أن كل فرد هو ذاته أعلم بقدراته وحالته الصحيّة فلا يمكن تعميم مفهوم المشي للصحة على كلّ الناس المرضى والأصحاء.

ويشير تقرير نشر في موقع البي بي سي عام 2018 أن أكثر من ربع سكان العالم لا يمارسون الرياضة وبالأخص في الدول الغنية مما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري والسرطانات. ومع أننا نلحظ تفشي مرض السمنة في مجتمعنا ولكن لا يمكن أن نغفل العمل الجاد من هذه الفئة المصابة بالسمنة في البحث عن وسيلة للتخلّص من الوزن الزائد، وكما نثمّن  الجهود الكبيرة من وزارة الصحة بالمقام الأول ومعها الهيئة العامة للرياضة والاتحادات الرياضية المختلفة التي عملت معاً على تحفيز وجذب عامة الشباب إلى ممارسة الرياضة والمشاركة بشكل واسع في فعاليات الرياضة المجتمعية التي تقام في مختلف مناطق المملكة، حتى أمست ممارسة الرياضة بشكل عام والمشي بشكل خاص من أولى وصفات العلاج عند مجموعة من الأطباء.

إن نشر رسالة المشي للصحة في المجتمع والوطن يجب أن تكون نبراساً صحيّاً أمام كل فرد يمارس المشي في أي مكان حلّ، وهذه هي الرسالة التي أنصتنا لها من كبار المسؤولين ورؤساء الشركات في الوطن والعالم الذين يخصصون أوّل ساعات نهارهم اليومية لممارسة المشي لما فيه من منافع عديدة، منها الصحة والسعادة والنشاط والحضور الفكري والنشاط الذهني المرتفع، مما أدى إلى قيام بعض الشركات الرائدة على توفير صالات رياضية تفتح للموظفين قبل وقت الدوام. ومن البديهي القول أن الرياضة أخلاقية وإنسانية  فالمضامير والصالات الرياضية لا تخضع إلى أي تصنيف للأفراد فهي تجمع المسؤول والموظف ورجل الدين والمراهق والمتقاعد والطالب وجميع فئات المجتمع.

قبل الختام ، أودّ أن أذكّر نفسي وكل ممارسي رياضة المشي في هذا الشهر المبارك أن الصحّة لا تتجزّأ فلا يمكن أن نؤدي بعض مقوماتها في فترة ونتركها فترة أخرى، فالفائدة في اليقين والاستمرارية والبحث عن كل محفّزات المشاركة المستمرة، والأمر متاح مع برامج المشي والجري الجماعية والفردية، كما المشاركة في المنافسات الوطنية الرقمية عبر المنصّات والتطبيقات المتخصّصة، كما أودّ أن بعث رسالة عبر صحيفة صبرة المباركة إلى معالي أمين مدينة الدمام ورئيس بلدية القطيف أبدؤها بالشكر والتقدير على الشروع في تطوير بعض مضامير الشواطئ والحدائق بالمنطقة والتي نأمل أن يستمر العمل بها وإنجازها بجودة وجمال وأن يتم تحديد مسار رياضي ترفيهي متكامل بمسمى “مسار القطيف الرياضي”، بطول لا يقل عن 10 كيلومتر يكون معلماً شامخاً في المحافظة.

__________

*مؤسس مجموعة مشاة سيهات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com