كورنيش القطيف.. معروضات التراث ذهبت مع الريح وأتلفها المطر أركان الأسر المنتجة تطايرت وخلّفت خسائر
القطيف: نداء آل سعيد
في الوقت الذي لاحت فيه تباشير الأمطار في أفق محافظة القطيف أمس (الأحد)، ودفعت الناس إلى إحكام غلق الأبواب والنوافذ كي لا تتسرب المياه إليهم، كانت أركان الأسر المنتجة ومعروضات التراث في الكورنيش تتطاير أجزاؤها يمنة ويسرة، وتتكسر على وقع الرياح الشديدة وأصوات البرق والرعد التي سيطرت على المكان بشكل مفاجئ.
وشملت الحالة الجوية محافظات أخرى في المنطقة الشرقية إلى جانب القطيف، وهي الأحساء، الجبيل، الخبر، الدمام، النعيرية، بقيق، ورأس تنورة.
وأكدت أسر منتجة وأصحاب مباسط خسائرهم، وأكدوا أنها كبيرة، وأعلنوا عزمهم العودة من جديدة وتعويض الخسائر.
حنة النساء
واعتادت صاحبة ركن الحناء إيمان الراشد على الحضور إلى كورنيش المشاري كل يوم، لتزين أيادي الفتيات بنقوش الحناء، ورغم الجهد الذي أتعب معصم يدها، إلا أنها أعلنت استقبال النساء في عيد الفطر، وعمل النقوش لهن لتعزيز فرحتهن بالعيد السعيد.
تحكي إيمان لـ”صبرة” تفاصيل الضرر الذي لحق بركنها الخاص في الكورنيش جراء الأمطار “اتصل بي أصحاب الأركان المجاورة يخبرونني بما حدث، وقالوا إن الهواء أطاح بأغراض الركن وكسر بعضها، ظننت في بادئ الأمر أن الضرر بسيط، ولكن عندما اتجهت إلى الموقع في الواحدة بعد منتصف الليل، رأيت حقيقة ما حدث، ولم أصدق نفسي، فالخسائر فادحة، والضرر كبير، وظننت أن زلزالاً ضرب المكان، وليس أمطار ورياح شديدة”.
وتصف الراشد تفاصيل ما شاهدت “رأيت كل شيء في المكان وقد تكسر، الحديد والأخشاب والطاولات والكراسي، والأغراض غير موجودة، أو بمعنى أدق كانت مبعثرة ومتطايرة في كل مكان، فأوجعني قلبي، خاصة أنني كنت أجهز نفسي للعمل في العيد، ولكن قدر الله وما شاء فعل”.
خسائر فادحة
ولم يقتصر الضرر على أركان الأسر المنتجة في الكورنيش، وإنما وصل إلى محتويات متحف الفريج في القرية التراثية وضربها في مقتل. وقال حسن محمد آل خيري القائم على المتحف، وهو عضو في مجموعة تراث القطيف “مع الأمطار الشديدة، تم نقل محتويات المتحف إلى خارج القرية التراثية، بعدما أصابها الكثير من الضرر، ونعمل حالياً على صيانتها وإصلاحها مما لحق بها، استعداداً للفعاليات القادمة”، مؤكداً أن “المقاول الذي قام بتركيب أركان المتحف لم يقم بتثبيتها بالطريقة الصحيحة”.
وعن نوعية الأضرار التي لحقت بمحتويات المتحف قال آل خيري “طال الدمار جميع التُحف، وتدمرت جميعها، والمؤلم أن البعض منها يعود الى ٨٠ سنة مضت، كما تحطمت الأرفف والطاولات، وخسرنا ركن العملات محتوياته بسبب المطر”. وقال “تقدر الخسائر بنحو ٤٠ ألف ريال، ولكن مازالت أعاني من الضرر النفسي، والتعب الجسماني، ولم نتلق أي مساعدات أو مساندة من أحد، إلا من المارة، الذين ساعدوننا في جمع شتات المتحف وما تبقى منه”.
العملات النادرة
وتلقى حسين الربح صاحب ركن العملات الورقية، اتصالاً من أحد العمال الذين يحرسون الركن، يخبره بوقوع أضرار جسيمة. وقال” في الساعة 9:30 مساء أمس؛ طلب العامل مني ضرورة الحضور فوراً، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقتنيات ركن العملات”.
وتابع “أستطيع أن أقدر حجم الخسائر بين 20 إلى 30 ألف ريال، بالنسبة لي أؤمن أن هذا الأمر قضاء وقدر، وأسأل الله أن يعوضنا خيراً”. ويتابع “من مقتنيات الركن النادرة أول عملة ورقية سعودية من فئة 10 ريالات، في عهد الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة، وقيمتها في السوق اليوم من 12 إلى 15 ألف ريال حسب جودة التخزين والحفظ، وهي أغلى عملة في المملكة”.
كما يضم الركن ـ والحديث كازال للربح ـ عملات سعودية وخليجية وأجنبية، وفضيات من جميع أنحاء العالم، فضلاً عن جميع العملات السعودية من عهد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – إلى عهد الملك سلمان – حفظه الله-“.
ويقول “أكثر هذه العملات أطاحت بها الرياح، وأتلفها المطر، وبقي فقط ما قد حفظته في حقيبة اعتدت على أن تكون في معيتي بصقة مستمرة. وقال “في يوم الأمطار والرياح، نسيت هذه الحقيبة في الركن، وعندما رجعت وجدتها مكانها دون أن يطالها الضرر”.