القطيف تبدأ حدادها السنوي في ذكرى استشهاد الإمام علي
القطيف: صُبرة
بدءاً من مغرب هذه الليلة؛ وحتى مغرب يوم الـ 21 من شهر رمضان الجاري؛ تُعلن المظاهر العامة في محافظة القطيف حدادها السنوي في ذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام.
الحداد يستمرّ 3 أيام بلياليها، وفيها يُحيى المواطنون الشيعة الذكرى التي تُقسَّم على 3 ليالٍ. وتُسمّى هذه الليلة “ليلة الضربة” التي تعني ـ في الموروث الشيعي ـ الليلة التي ضُرب فيها الإمام علي بسيف عبدالرحمن بن ملجم المرادي أثناء أدائه صلاة الصبح في مسجد الكوفة، في العراق.
فيما تُسمّى ليلة الغد “ليلة المرض” التي بقي فيها الإمام ينازع إصابته البليغة، ويُقدّم وصاياه لأهله، بما فيها وصيّته لأبنائه في الطريقة التي يتعاملون بها مع “ابن ملجم”، الرجل الذي تورّط بضربه. وقد أوصى الإمام بألّا يعامل أبناؤه القاتل إلا “ضربة بضربة”، وحذّرهم من التمثيل بجثته، أو الإساءة إليه أثناء مكوثه في السجن.
والليلة التي تتلو ليلة الغد هي ليلة “الوفاة” التي تُوفي فيها الإمام متأثراً بما لحق به من ضربة السيف العميقة التي أصابته في رأسه.
وتُستغَلُّ الليالي الثلاث في طرح وتكريس القيم التي عاش عليها الإمام ومات، بدءاً من نشأته إلى جانب النبي، صلّى الله عليه وآله وسلم، قبل البعثة وبعدها، ودوره المحوري في دعم رسالة النبي، والمنافحة عن النبي، مروراً بأدواره الإيجابية المساندة لـ “بيضة الإسلام”، في مرحلة الخلفاء، وصولاً إلى تولّيه الخلافة والأزمات التي واجهها ملتزماً المباديء التي ربّاه عليها النبي.
وينشط الخطباء في إقامة ما يُعرف بـ “المجالس”، متّخذين من شخصية الإمام وسيرته محاورَ أساسية لمناقشة كثير من القضايا الاجتماعية والأخلاقية والدينية. ويوظَّف التاريخ والأدب والفكر عند قائمة من الخطباء ذوي الرؤية الحديثة، فيما يحافظ الخطباء الكلاسيكيون على الموضوعات التاريخية والأدبية التي تدور حول سيرة الإمام ومواقف حياته التي استمرّت قرابة 63 سنة.
ويتعامل الشيعة في العالم الإسلامي مع الليالي الثلاث باهتمام بالغ، وتتباين وسائل التعبير عن هذا الاهتمام، مراوحةً بين إظهار الحزن العميق ونشر النوائح واللطم من جهة، ومن جهة يتركز الاهتمام الثقافي بشخصية الإمام بوصفها نموذجاً إسلامياً نقيّاً في التاريخ البشري.
وتُلقي المناسبة بظلالها على النشاط الاجتماعي والتجاري في الحواضر التي يسكنها الشيعة، وفي القطيف يتدرج تأثير المناسبة ليلة بعد ليلة، حتى تتوقف كل أنشطة البيع والشراء في “ليلة الوفاة” بتركز أكبر، من الليلتين 19 و 20 من شهر رمضان.