الخوف
خديجة بابكر
لماذا نخاف؟ ومن ماذا نخاف؟
ماهو تعريف الخوف بالنسبة لنا؟ وهل الخوف من الممكن أن يكون حاجزاً بيننا وبين رغباتنا؟
الخوف شعور طبيعي يصيب البشر من كافة الأعمار ولا يميز بين قوي أو ضعيف، يتسلل داخلنا دون إدراك منا ليسيطر على حواسنا ويشل تفكيرنا ويمنحنا شعوراً بعدم الأمان، نخاف في معظم الأحيان من أمور مستقبلية تشغل عقولنا وتؤرق منامنا ونخشى تأثيرها السلبي وكونها مجهولة بالنسبة لنا، وقد نخاف من ظلم وجور شخص ظالم؛ له ولاية علينا.
نحن كبشر نخاف من أمور قد تظهر لدى البعض كأمور تافهة ولكن الخوف شعور ملازم للطبيعة البشرية، ويختلف باختلاف الشخصيات والمواقف، والتصرف المطلوب للسيطرة على مخاوفنا ومحاولة التخلص منها لابد أن نقاوم خوفنا ولا نترك مجال للضعف والاستسلام.
الخوف شعور ومن الممكن أن يتحول لمرض إذا ما استحوذ علينا وتمكن منا، فهو يتفشى ببطىء دون إدراك ويقضي علينا أو قد يجد مقاومة وانتزاع، يعود هذا القرار لقوة الشخص وعزمه على أن يقاوم مخاوفه ويلقي بها خلفه دون اكتراث أو أن يغرق في دوامة الخوف والقلق إلى ما لا نهاية.
يمكننا أن نتحرر من مخاوفنا بمواجهتها والتغلب عليها وعدم السماح لها بأن تصبح هاجسًا مقلقًا لراحاتنا، ولنعلم أن الخوف هو العدو الحقيقي لأنفسنا والحاجز بيننا وبين أمنياتنا التي نسعى خلفها، فبإمكانه أن يصورنا بصورة العاجزين قليلي الحيلة ويحبطنا بأفكارٍ لا صحة لها ويصور لعقولنا أوهامٍ من العدم فقط لتكبل أيدينا ونبقى تحت تحكم الخوف.
نخاف من الماضي ونخشى أن يلاحقنا ويفسد علينا المستقبل ويحد من إبداعنا، فالخوف بمثابة السيطرة التامة على عقولنا ومشاعرنا وإذا ما سمحنا بذلك واستسلمنا لأن يقودنا الخوف سنعيش ما تبقى لنا من العمر دون إنجازٍ يذكر، وسنشعر بأننا مكبلين بالأقفال التي يفرضها خوفنا من أمرٍ ما، ليس من الطبيعي أن نكون شجعان دائمًا ولا نخاف بل الطبيعي أن يزورنا الخوف ولا نسمح له بالبقاء، ونوصد الأبواب أمام سطوته ونقطع عليه الطريق المؤدي لحواسنا وعقولنا، فنحن أقوى وأدهى من مكر الخوف وأساليبه ونقدر على إيقافه إذا ما أردنا وتجاهلنا صوته الذي يندد بوجوب التوقف عند حدٍ معين وأن التسلق والصعود لدرجاتٍ أعلى فيه مخاطرة وصعوبة لا ينبغي علينا الخوض فيها، فتجاهل ذلك الصوت خير دواء ونفض الشعور بالمسؤولية التي يفرضه علينا الخوف من أنجح الحلول لعيش حياةٍ ببالٍ صافٍ لا يعكره شعور.
قد يفرض الخوف حلولاً نشعر بأنها منطقية وننقاد خلفها ولكن حين يأتي الوقت المناسب لرؤية حقيقتها الخادعة لا يجب أن نتجاهلها ونمضي، بل أن ننصت لصوت عقولنا الراجح ونعيد التفكير في جميع قرارتنا التي تم أخذها تحت وطأة الخوف ونتجاهل كل تبعات الخوف، والمضي خلف ما نؤمن به ونرغبه في حياتنا مهما كلف الأمر وبلغ الثمن، مجرد الإحساس ببلوغ الهدف والغاية يضفي راحةً واطمئنان لا حدود لهما.