“عواصف الربيع” تتلاعب بأسعار الأسماك.. ورمضان يدفعها إلى الانخفاض الرياح والمطاعم تعصف بآمال باعة التجزئة.. والزبائن يشكون شُح المحلي

القطيف: ليلى العوامي

“تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”، هكذا أخبرنا المتنبي برعب السفن من الأمواج والعواصف، ورغم مرور ما يزيد عن ألف عام إلا أن سفن صغار الصيادين مازالت لا تشتهي ما تفعله بها التقلبات الجوية التي بدأت في مطلع يناير الماضي، حسب المركز الوطني للأرصاد.

الرياح المحملة بالأتربة والممتدة معهم حتى إبريل أرهقت سفن الصيادين، ومنعت آخرين من ركوب البحر والصيد، فأصبحوا مخيرين بين المخاطرة بحياتهم أو التخلي عن مصدر رزقهم؛ صيد السمك.

سعر السمك

ما إن تطأ قدماك سوق القطيف المركزي، حتى تكاد تشعر بشكوى مفاصلك ما يمنعك من استئناف ما بدأته، تترك المهمة لحواسك للبحث عن سمك سواحل الخليج الطازجة، تلف بعينك بين السمك في حين أنفك يشم الروائح لتميز بينها، وبعد عناء تجد السمك المستورد في انتظارك.

يقول بائع السمك، محمود العرادي، إن “السعر يعتمد على العرض والطلب، مثل بقية السلع. فإذا توفر في السوق رخص ثمنه”، مضيفاً بلهجته المحلية “هاليومين الكنعد مرتفع، سعره من 60 ريالاً للكيلو البلدي، إلى 70. أما الصافي فما بين 25 إلى 35 ريالاً، هذا سعر اليومين الماضيين”.

تنتظر العرادي، الذي يُكنيه زملاؤه في السوق “أبو علي”، أيام ثقيلة، حيث يقل الإقبال على السمك خلال شهر رمضان المقبل، مقارنةً في الأشهر العادية، حسبما قال.

ممنوع بأمر الموج

يؤثر المد والجزر في منسوب المياه وحركة الأمواج العاتية، فلم يحصل الصيادون خلال شهر مارس على تصريح إبحار لصيد السمك، ما أثر في أسعار السمك وعدم استقراره، حسب أقوال صيادين لـ”صُبرة”، فالصيد ممنوع هذه الأيام بأمر الموج والرياح، ففي 12 مارس بدأت الغبرة واستمرت حتى اليوم التالي، وفي 28 من نفس الشهر حدث هواء شديد وغبار، لكنه كان ناعماً غير ملحوظ. وأيضاً في 29 و31 كان فيه هواء.

فيمّا يقول بائع السمك، عباس الخباز إن “الرياح والعواصف تؤدي إلى توقف التصاريح من قِبل حرس الحدود، لما تقتضيه المصلحة العامة. ولكن توقف التصاريح يؤدي إلى شح عرض السمك البلدي في السوق،  فترتفع الأسعار بسبب قلته، وفي المقابل يرتفع سعر السمك المستورد”.

الغش يصل إلى السمك

أبوعلي يُشير على استحياء، إلى ظهور حالات غش في السمك، قائلاً “سيكون شح في السمك المحلي ويحل محله المستورد الذي يباع بسعر غال على أنه محلي، خصوصاً الشعري، الهامور والكنعد، إضافة إلى ما هو موجود من المحلي الذي يُباع أيضاً بسعر غال”.

آمال انكسار العواصف

ينتظر بائع السمك، حسين الدبيسي، المشترين رغم قلة بضاعته، يقول “رغم ارتفاع السعر وقلة المعروض، إلا أن الأسعار ستستقر بعد انكسار العواصف”.

الطقس و”جشع” المطاعم

تعلم الخباز في بيع السمك علم الاقتصاد، حيث يفسر الأزمة، موضحاً أن هناك سبباً آخر لهذا الارتفاع هو “ارتفاع سعر البنزين الذي يؤدي إلى ارتفاع سعر بيع السمك، إذ تجد السمك الذي يباع لأصحاب المحال في السوق غالياً، مما يجعل صاحب المحل يبيعه بسعر أعلى من سعره المعتاد، ليعوض ما دفعه لبائعي الجملة”.

يضيف “هناك سبب ثالث يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهم أصحاب المطاعم، فهم لا يمانعون من شرائه بسعر غال من بائعي الجملة، لأنهم يبيعونه في مطاعمهم بأضعاف سعره”.

أما السبب الثالث فالسمك يأتي من خارج منحافظة القطيف؛ كونها أكبر مصدر للسمك في دول الخليج ومناطق المملكة، فيؤدي العرض والطلب إلى ارتفاع السعر، وفقًا للخباز.

يتفق “أبو علي” مع زميله الخباز في هذه النقطة، قائلاً “هناك من يتحكم في السعر، وهم أصحاب الشركات والمطاعم والفنادق، فهم بسترون بأي سعر كان، فلا يردهم غلاء سعر الكيلو”.

انفراج الأزمة في رمضان

اتفق الصيادون على رأي واحد، بأنه في شهر رمضان ستنخفض أسعار السمك، والشراء سيقل أيضاَ، لسببين، فالناس لا تأكل السمك بكثرة في هذا الشهر، والمطاعم لا تبيع السمك أيضاً، لذا يصبح سعره زهيداً جداً”.

يذكر العرادي أن “أسعار السمك في شهر رمضان مناسبة، بسبب الصيام، حيث إن المطاعم في هذا الشهر لا تبيع السمك إلا في وجبة السحور”.

ويكمل “الشركات والفنادق التي تقدم وجبات السمك خلال هذا الشهر يكون عددها قليلاً جداً، فتقل الأسعار، بسبب قلة الطلب، لدرجة أن سعر الدجاجة يكون أغلى من السمك”.

“دلال محرج”

يصف ميثم مهدي المحروس، أزمة السمك بـ”المحرجة”، مضيفاً “بالنسبة لأسعار الأسماك في الوقت الحالي تعتبر غير ثابتة، خاصةً خلال الأشهر الماضية، ويرجع ذلك إلى قلة الصيد؛ لأن الأجواء تكون غير مستقرة في فصل الشتاء، فضلاً عن قلة العمال، وتوقف كثير من مراكب وزوارق الصيد، لذلك نلاحظ قلة العرض وكثرة الطلب في السوق المركزي، خصوصاً على الأسماك البلدية الطازجة”.

مع اشتداد الأزمة؛ تزداد الأسعار المبالغ فيها على أنواع معينة من السمك، مثل: الكنعد، الهامور الصغير، الشعري الوسط، البياض الوسط، ولكثرة الطلب عليهم، خصوصاً من المطاعم المتخصصة في تقديم الوجبات البحرية، وفقاً للمحروس.

وعن شهر رمضان وانخفاض سعر السمك خلاله، يقول المحروس “من الطبيعي انخفاض الأسعار، خاصةً في العشر الأوائل، وتعود الأسعار إلى المعقول مع اتجاه الناس لتناول السمك على وجبة السحور”.

متى تنتهي الأزمة فلكياً

من جانبه، يتوقع الفلكي سلمان آل رمضان، استمرار عصف الرياح مع تحولها إلى شمالية غربية معتدلة السرعة، فيما تشتد غالباً وتثير الأتربة والغبار ويهيج البحر، ودرجات حرارة ثلاثينية للعظمى وعشرينية للصغرى، ولا ملامح لحالات مطرية خلال الأسبوع المقبل وفقاً للمعطيات الحالية.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×