زهراء آل جميع.. هدّد “باركنسون” حياتها 12 سنة.. واكتشفته في مستشفى صفوى تحوّلت من فتاة "مرتعشة" إلى ناشطة اجتماعية على مستوى العالم العربي
الأوجام: شذى المرزوق
تلخص قصة الشابة زهراء آل جميع مع مرض غامض، تجربة ثرية دفعتها للانتقال من عالم اليأس والاحباط والاستسلام التام للأمر الواقع، إلى عالم من التفاؤل والشهرة ومساعدة الآخرين.
زهراء قررت تطوير إمكانياتها واستثمار قصتها مع المرض لدعم المصابين به، ليس على مستوى القطيف أو المملكة، وإنما على مستوى الدول العربية.
زهراء، وهي ابنة الـ29 عاماً، أصيبت بالمرض قبل 12 عاماً، وأقعدها عن الحركة، وسعى أهلها للبحث عن تشخيص طبي لما تعانيه، وبعد رحلة استمرت 5 سنوات، تنقلت فيها من مستشفى إلى آخر، وجدت ضالتها في مستشفى القطيف المركزي.
وإلى أن شُفيت تماماً من المرض، لم تكن تعرف أن مرضها هو “الباركنسون” أو الشلل الرعاش، الذي نادراً ما يصيب النساء أو الشباب، وفي هذه اللحظة تجسدت الصدمة، التي امتزجت بالصبر وقوة العزيمة والرغبة في تجاوز المشكلة، ومن ثم الانطلاق في عالم آخر لم يكن في الحسبان.
بداية القصة
وبحسب زهراء، فالبداية كانت في عمر الـ17 عاماً، وهو عمرٌ من النادر أن يُصاب فيه يافعٌ فيه بمرض الشلل الرعاش، الذي لم يتوصل الطب حتى الآن لمسبباته. وداهم المرض جسد زهراء، وهي طالبة في السنة الأخيرة من دراستها الجامعية، وعُرِفت بين زميلاتها ومعلماتها بمثابرتها واجتهادها في التحصيل العلمي.
لطالما تساءلت زهراء بدهشة عما يحمله الغد لها مع وجود هذا المرض الغامض، وكيف ستعيش وهي لا تقدر على الحركة، وكيف ستبني مستقبلها؟، هذه الأسئلة ظلت تبحث عن إجابة لها، وهي تتنقل من مستشفى إلى آخر، بحثاً عن إجابات حول ما هية المرض الذي سبب لها كل هذا الألم.
المرض المجهول
بتنهيدة من الأعماق، بدأت زهراء، التي تسكن في الأوجام، تروي لـ”صبرة” حكايتها مع المرض. وقالت: “وجدتني تدريجياً أعاني ارتجافاً في أطرافي، وبطئاً في الحركة، ما جعل حتى أبسط المهام بالنسبة لي صعبة، وتستغرق وقتاً طويلاً لتنفيذها، ومع الوقت فقد جسمي الاتزان، وداهمتني أعراض صحية، أثارت في داخلي وعائلتي رهبة من إصابتي بمرضٍ ما، ومع هذا لم أتوقف عن الدراسة الجامعية حتى أنهيتُها بنجاح”.
وتُكمل “بذلت محاولات للوصول إلى تشخيص طبي واحد للمرض، وذهبت إلى مستشفيات عديدة، لم أجد فيها تشخيصاً حاسماً لحالتي، فهناك مِن الأطباء مَن اعتقد أنه “ماء في الرأس”، وفسره آخرون بأنه “النقرس”، واعتقد فريق ثالث أنه مرض “الرهاب الاجتماعي” ونقص في الفيتامينات، وانتهى فريق خامس بوجود مشكلات في الغدة الدرقية”.
الأعراض تزداد
وبحسب زهراء، “بقيت على هذا الوضع حتى سن الـ23 عاماً، لا أعرف تشخيصاً طبياً للمرض وأسبابه والسبيل إلى علاجه، وزادت حدة الأعراض، وفقدت القدرة على الممارسة الطبيعية للحياة اليومية، وأخيراً توجهت إلى أحد المستشفيات في مدينة صفوى، وهناك تلقيت وعائلتي صدمة، بعد أن انفعل الطبيب بشدة، موجهاً حديثه لوالدي مُحذراً من أنني على وشك فقدان حياتي، إذا لم يتم علاجي في أسرع وقت، وبادر الطبيب بتحويلي عاجلاً لمستشفى القطيف المركزي، الذي تلقيت فيه العناية اللازمة لحين موعد عرضي مع الطبيب المختص”.
3 أشهر
وفي عيادة الدكتور محمد عبد العزيز القديحي في مستشفى القطيف المركزي، تم التشخيص الطبي الصحيح لمرض زهراء. وتقول “يرجع إلى هذا الطبيب الفضل في تشخيص حالتي المرضية خلال الزيارات الأولى لعيادته، بعدما أجرى فحوصات استمرت 3 أشهر”.
وتقول “نجح الدكتور القديحي في تشخيص المرض، إلا أنه لم يشأ أن يخبرني بأنني مضابة بمرض الشلل الرعاش، الذي لا علاج له حتى اللحظة، وقدم لي علاج “ليفودبا” دون أن يطلعني على اسم المرض صراحة، وطلب مني أن أبلغه بأي تحسن أو مضاعفات أشعر بها”.
وهم الشفاء
وتواصل زهراء سرد باقي قصتها “عدتُ إلى المنزل، وتناولت العلاج، واستسلمت لقيلولة استمرت نصف ساعة فقط، بعدها حدثت المعجزة غير المتوقعة، إذ خرجت من غرفتي وأنا أسير علي قدمي، وسط دهشة والدي، الذي صرخ فرحاً وقال لي “أنتِ تقفين بثبات على الأرض دون رعشات في جسدك، أنتِ تمشين باعتدال يا زهراء”.
وتقول “من فرط سعادتي، لم استوعب الأمر، واعتقدت أنني أعيش حلماً جميلاً لم استيقظ منه بعد، لم أصدق أن سنوات الشقاء والتعب والألم انتهت في هذه اللحظة”.
وتُكمل “في هذه اللحظات، أصبحت أخشى شعور الصدمة بعد الفرح، قمت بالبحث في الانترنت عن اسم العلاج، واستخداماته، فكانت المفاجأة التي عكرت صفو سعادتي، بأن العلاج هو خاص بمرض الشلل الرعاش”.
وقالت “أكملت البحث عن المرض، وجمعت كل المعلومات عنه، وأصابني إحباط شديد، إذ عرفت أنه ليس بالمرض المعروف، وأنه لا يصيب النساء أو صغار السن من الشباب إلا نادراً، ولا علاج له، وهذا ما أكده لي الدكتور القديحي في زيارتي التالية له”.
الصمود بعد الانتكاسة
حالة من الاضطراب أصابت زهراء، التي أقرت بأن نفسيتها ساءت كثيراً بعد معرفة نوع المرض. وتقول “رغم أنني مهتمة بتلقي العلاج، إلا أن معنوياتي كانت محطمة، والاحساس بالإنهيار الداخلي لازمني، وبعد شهر ونصف الشهر من هذه الحالة، قررت أن أتوقف عن التفكير في المرض على أنه سبب انهيار حياتي، وتوصلت إلى قناعة داخلية بأنني لست مالكة أمري، وأن من قدّر لي أن أُعاني المرض، قادرٌعلى أن يشفيني منه”.
وتابعت “بقوةٍ واصرار، استكملت حياتي، حاولت أن أعود لممارسة هواياتي، لعل أجد فيها ما يشغلني عن التفكير في “الغد” الذي أجهله، والتعامل مع “اليوم” الذي أعيشه، وانضممت إلى مدونة إلكترونية بها بعض الأصدقاء، يكتبون المقالات والقصص وبعض المشاركات، وفي هذه المدونة كتبت قصتي لأول مرة تحت اسم مستعار”.
معنويات مرتفعة
وجدت زهراء في ردة الفعل على قصتها المنشورة في المدونة، ما يدفعها على مواصلة الحياة بمعنويات مرتفعة. وتقول “الاقبال كان كبيراً على قراءة قصتي، وأجبت عن كل التساؤلات عن المرض وطرق علاجه، وركزت في مقالاتي على أهمية الاهتمام بالجانب النفسي وارتفاع المعنويات، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من العلاج”.
أكملت “وجدت راحة نفسية كبيرة من المشاركات التي قدمتها في المدونة، وزاد عدد المتابعين لها، وهذا كان حافزاً للاستمرار في هذا المجال، حتى وصلتني دعوة لحضور مؤتمر صحي في دولة الكويت في إبرايل 2019، وإلقاء كلمة لدعم مرضى الشلل الرعاش، وعدت من هناك بتكريم ودرع، لحقه درع آخر من مشرفي المدونة، التي ساهمت فيها بمشاركات صحية وتحفيزية لدعم مرضى الشلل الرعاش، وحصلت على تكريم ثالث من قناة أكاديمية التعليم الطبي الافتراضي، التي استضافتني عبر الكابتن عبدالله الزهراني”.
دعم الشعراء
وأكملت زهراء انطلاقتها كناشطة اجتماعية وصحية في عدد من الدول، تتحدث فيها عن تجربتها مع المرض، ووصلتها دعوات من دول الخليج والدول العربية، وقدمت مشاركات صحية واجتماعية تهدف إلى دعم المرضى في هذه الدول. وتقول “مع أني عاطلة عن العمل، إلا أن هذه المشاركات خلقت لي عالماً جديداً أعيشه بحب، وساعدني على ذلك معرفتي بهندسة الصوت وعمل المونتاج، الأمر الذي مكنني من تصميم “لوجهات المواقع”، وغيرها من المهارات التي عملت على اكتسابها وتطويرها”.
وأضافت “نجحت في مونتاج فيديو حول المرض، تعاونت فيه مع الدكتور أحمد الجفن، والشاعر علي الناصر، والشاعرتين إيمان الدعبل، وزهراء المتغوي، واستغرق العمل شهراً كاملاً، ودعمني فيه الكثيرون من داخل القطيف بالبرغم من ضيق وقتهم والتزاماتهم وارتباطاتهم، وكانوا لي بمثابة الظل والسند، وتمثل دعمهم في المراجعة والتصحيح، وإبداء المقترحات، بكل رحابة صدر”.
وعملت زهراء أيضاً على مونتاج القصائد الشعرية بعد استئذان أصحابها، مثل الشعراء هادي رسول، ومحمد الحمادي، ونهى فريد، وزهراء المتغوي، وايمان دعبل ، وغيرهم.
ورغم ما حققته زهراء من انتشار، إلا أنها تؤكد أنها لا تنوي الشهرة ولا تبحث عنها. وتقول “أقوم بهذه الأنشطة لأنني وجدت نفسي بين المرضى، وأحببت أن أدعمهم، كما وجدت نفسي وأنا أمارس هواياتي في عمل المونتاج والكتابة، وهي أسباب أعيش وأجتهد من أجلها، بل وأبدع أيضاً، فالشهرة ليست هدفاً في حد ذاتها، وهدفي أن أحفز المرضى، وهذا يجلب لي السعادة التي التي أبحث عنها”.
اتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمجلتكم أولا ثم للأستاذة شذى المرزوق؛ لإتاحة الفرصة لي وعرض هذا اللقاء المميز الذي ترك بصمة جميلة جدا في نفسي..
واشكر حكومتنا الرشيدة ووزارة الصحة لجهودهما المبذولة من أجل توفير سبل الراحة للمواطنين بشكل عام ومرضى الشلل الرعاش بشكل خاص وجميع من سعى لدعم مرضى الباركنسون
هذا و أتمنى لكم دوام الصحة والعافية
واتمنى ان اكون دائما عند حسن ظنكم
زهراء ال جميع
ورده من اجمل البساتين ،، دره نادره
عرفتها ب روح المساعده ،، و الرقي ،، و المثابره ب كل شي.
زهراء لن انسى ماقدمتيه?
زهراء ،، كلنا معك??
الصابرة المثابرة
قلوبنا معك ِ