[تعقيب 4] وقعة الشربة.. روايات السويدان وآل شيف والصباح.. وأصل شرارة الحرب أنياب الخيال الشعبي في أوردة التراث

سوق الخميس

سوق البضائع ومعترك المعامع

عدنان السيد محمد العوامي

(4)

أنياب الخيال الشعبي في أوردة التراث

أجلت رواية الصديق الكاتب الحاج مهدي محمد السويدان (رحمه الله)، لالتصاقها بهذا الخيال، فقد كتب مقالاً في مجلة المنهل استجابة لطلبها تحت عنوان: (ما دبَّر محمد بن نمر) أنقله بتمامه وكماله؛ لكي نرى كيف استحوذ الخيال حتى على حملة القلم من طبقة المثقفين، وتغلغل في تراثنا وأصبح جزءًا من تاريخنا.

افتتح الصديق العزيز الحاج مهدي (رحمه الله) مقاله بالبيت المشهور:

لكل داء دواءٌ يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

وتابع: (وليت شعري أيُّ دواء ينفع في نفوس تشرئب إلى الفتنة، ومن ثَمَّ تبعث شرارةً تشعل بها نار القتال مدة من الزمن من أجل “حدجٍ”\([1]) لا يساوي هللة واحدة، فتزهق فيها الأرواح، وتقتل الرجال؟! والأصل – في الحقيقة – حقد رجال الفريقين على الآخرين، ولو لاه لما وقع هذا، ولما تأصَّل الخلاف بينهما، وفيهما رجالٌ عقلاء، وأكثر من هذا أنهم أبناء مدينة واحدة ( ([2]))، ومصالحهم مشتركة، ولكن لا مردَّ لقضاء الله؛ فكان ما كان، ومع الأسف الشديد تراني أحدث بأول الواقعة – مع شعوري بمرارتها – استجابة لطلب المنهل الصادر في شهر صفر 1/1/1388هـ، بشرح ما دبَّر الشيخ محمد بن ناصر آل  نمر لأهل مدينة القطيف لصد الهجوم، وسأسرد القصة كما سمعتها من أفواه المعاصرين.

محمد مهدي السويدان

قالوا: كنا في السوق، والوقت صيف، والنهار خميس، ونحن نبتاع ونبيع، وليس عندنا للشيطان أيُّ طريق، حتى جاء رجل يبيع غنمًا له، فاستقى من رجل يلقَّب بالدبوس، كان يتسبب([3]) بسقاية الناس، فشرب منه ماءً باردًا بحَدَج([4])، وبعد ما شرب طالبه بقيمة ما شرب، فامتنع، فحصل – من جرَّاء ذلك – التشاتم بينهما، وأخذ الضرب يأخذ طريقه بينهما، ولما رأى كل فريق مِنَّا صاحبَه مضروبًا تدخل، لا ليدفع “قيمة الشربة”، أو يُسكِت هياج الفتنة، وإنما ليضاعف من وقودها، ومن ثَمَّ استُعمل السلاح بطلقة أطلقها حضري عندما رأى يد أخيه مجروحة بسكين، وبهذا بدأ القتال الحقيقي، وتدرَّج في التوسع حتى صار حربًا أهلية لا يستطيع أحدٌ أن يوقف اندلاعها، وهكذا استمرت هذه الحرب الأهلية إلى أن دخل جلالة المغفور له الملك عبد العزيز “رحمه الله” القطيف، فأخمد الفتنة الموقدة، وبرَّد لهيبَها، مما أعاد المياه إلى مجاريها، والوطنية الصادقة إلى النفوس بأحسنَ مما كانت عليه من قبل الهجوم الذي جمعت له البدو جموعها.

كان هؤلاء البدو قد جاءوا بعد بضعة أيام من نشوب الفتنة لأول أيامها، وجاءوا بجمع كثير، وعسكروا في الجهة الغربية، وفي النخيل المجاورة للدبَّابية التي اعتبروها مصدر الفتنة بإطلاق أحد رجالها النار، فكانت هدفَهم الأول، ثم بعدها واصلوا الزحف إلى [باقي بلدات]([5])  مدينة القطيف للانتقام، وكانت هذه المدينة – يومئذٍ – تتكون من الشويكة، والدبابية والكويكب، والشريعة، وميَّاس والمدارس، وباب الشمال، والجراري، والقلعة، وكانت القلعة أكثر تحصينًا ومنعة لما فيها من البروج، والسور المشيد من قبل الأتراك([6]). ولذلك أدخلت فيها – أي القلعة – النساء والأطفال والعجزة والشيوخ، وعاش الرجال في البلد في حذر، وفي حصار، وكان ضمن المحاصرين الشيخ محمد بن نمر الذي اتَّخذ له بيتًا ثانيًا في الدبابية، ففي يوم يقيم فيه، وآخر يقيم بالعوامية مسقط رأسه.

وقد رأى أنَّ أهل القطيف، إن لم يهزموا البداة في هجومهم، فإنهم سيظلون عاجزين عن مقاومتهم، فقال لهم – أي الشيخ محمد بن نمر – اجعلوا الرجال على طول محيط السور وفي البرج، وكان سورها يومئذٍ حائطًا بالبيوت إلا البروج، وقال للمواطنين: فإذا رموكم فلا ترموهم، وانتظروا حتى ينفد بعض ما عندهم، ثم ابتدِئوا بالرمي، ولكن بصورة متقطعة، وقبل كل شيء ضعوا “قلال” التمر  على امتداد الجدار الأمامي من الداخل، وبقدر الإمكان اجمعوا التراب والرماد، فإذا اشتدت الرماية من قِبَلهم عليكم، فألقوا به من أعلى من جهتي الغرب والشمال، وعندئذ يظنون أن الحاجز الأمامي قد انهار، فيتقدمون إليكم بجمعهم يريدون دخول البلدة من هذا المكان، وهم لا يبصرونكم من شدة الغبار، وكثافة التراب، وأنتم لهم مبصرون، باطلاعكم عليهم، وإياكم أن تتعجَّلوا، بل تريَّثوا، حتى إذا اقتربوا منكم؛ فعندئذ ارموهم رمية رجل واحد، وبهذه الخطة سينهزمون إن شاء الله تعالى. وبالفعل نفَّذ أهل القطيف هذا المخطط البارع، الذي اختطه لهم الشيخ محمد بن نمر (رحمه الله)، وبالفعل كانت نتيجتها المباشرة انهزام البادية عن القطيف، ولكن الاصطدامات معهم ظلت متتابعة حتى أذن الله بإطفاء هذه الفتنة دفعة واحدة بدخول الملك الراحل عبد العزيز آل سعود (رحمه الله) مدينة القطيف، فنال الأهلون من ذلك الاطمئنان والراحة والاستقرار والأمن الشامل من عبث العابثين.

هذا، وعسى أن أوفق في القريب العاجل لأجمع بعض وصفات الشيخ محمد بن نمر الطبية فأقدمها للقارئ العزيز علَّه يجد فيها فائدة([7])، مع تقديري لأستاذنا الكبير عبد القدوس الأنصاري الذي يُعنى بإبراز مآثر المواطنين، ويحرص على الاحتفاظ بتاريخ أعمالهم القيمة لئلا تضيع أدراج الزمن)([8]).

بين الأستاذ مهدي السويدان (رحمه الله) وبيني من الخِلطة ما يفوق الصداقة بكثير. فقد صحبته عمرًا مديدًا، خبرته  خلاله خبرة أكيدة، فعرفت في الرجل نبل السجايا، وصفاء السريرة، ونقاء الطوية، لكنه – كغيره من ذوي الضمائر الطيبة والنوايا الخيرة – عيبهم يكمن في هذه الطيبة، فهم يرون الناس كل الناس صورة طبق الأصل منهم، لذلك يثقون بكل من يحدثهم ثقةً مطلقة، ويصدقون كل ما يقولون، وليس عندي أدنى ريب في أنه سمع هذه الحكاية من صديق فصدقها بحسن نية، فنقل ما سمعه مع إجراء بعض التعديل لكي يقربها من المعقول، فأبدل جرار الماء بجلال التمر والتراب والرماد كي يقرب الخرافة من المعقول.

قبل أن يدفع بمقالته إلى النشر عرضها عليَّ، فقلت له إن  الحكاية التي يتداولها العامة هي أن الشيخ طلب جرار ماء وقرأ عليها بعض التعاويذ والأذكار، وأمرهم برشها على السور، وليس رمادًا ولا ترابا. فقال: (نحن في عصر لا يقبل هذه الترهات). فقلت له: لكن هذا ما يتداوله الناس، والتاريخ لا يكتب بالتحريف، وأنت إذا دونتها هكذا فستكون تاريخًا يؤخذ عنك؛ فأقترح أن تأتي بالرواية الشعبية كما هي، ثمَّ تفنِّدُها، وتأتي برؤيتك هذه بحسبانها افتراضًا منك أن الشيخ ربما صنع هذا المخطط، ولكن الناس – بمرور الزمن – حرفوه، وهذا هو الأوفق، لكنه لم يقتنع برأيي، ونشر الحكاية، وبالفعل حدث ما كنت توقعته؛ إذ تناقلها الكتاب، فعلى حد ما أعلم أن أول من نقلها عن الأستاذ السويدان الباحث المؤرخ الأستاذ عبد العلي السيف في كتابه: (القطيف وأضواء على شعرها المعاصر)([9])، وبعده نشَر الشيخ حسين ناصر الصباح كتابه (الشيخ محمد آل نمر العوامي – فيوضات وجوده، وإشراقات حياته)، وأضاف رواية ثانية، حاصلها (أن البدو حاصروا الدبابية، وتحصن أهلها داخل القرية، ولم يستطيعوا مقاومتهم وصد هجومهم، وفي أيام من الحصار ارتأى البدو أن ينصبوا مدفعًا لنسفها بالكامل، وكان الشيخ – أعلى الله مقامه – عند زوجته الثانية في الدبَّابية، فحار أهل الدبابية في أمرهم، وفزعوا فزعًا شديدًا فطمأنهم الشيخ وسأل أين البندقية، فأشاروا لجهة وجودها، فطلب أن يناولوه إياها فمسح عليها، ووجهها جهة المدفع، فصارت طلقات المدفع تتجمد مكانها)([10])، وممن نقل الحادثة أيضًا، الشيخ عبد العظيم المشيخص في كتابه (القطيف وملحقاتها – أبعاد وتطلعات([11]))، وآخر من جدد حديثها هو المؤرخ الأستاذ حسن مكي آل سلهام في كتابه (القطيف والصراع)([12])

يعد هؤلاء صب الكاتب زكي إبراهيم آل شيف من الخويلدية زخاتٍ أخرى إلى هذا الخضم المتلاطم من الروايات المتضاربة قال: (أما موضوع وقعة الشربة فينقل الحاج علي سهوان المذكور في مقابلة معه بتاريخ 9/11/1414هـ، ما يلي: سبب المشكلة شربة ماء، أحدهم كان يدور بالماء، ويعطى مقابله حجد والحدج لا يسوى شيئًا، وهو أقل من البيزة، وتطور الوضع إلى المشادات الكلامية، فقام سيد إبراهيم المشكاب يشتكي عند سيد مكي أخيه، فتحزم الأخير بالرصاص وكان كلما مر ببدوي ضربه وتطور الأمر فقام من في السوق يتضاربون مع البداة. وبعدئذٍ تطور الصراع فحوصرت القطيف، ووصل الأمر إلى صرم النخيل، والحكومة التركية كانت ضعيفة، في حين إن مشايخ القطيف لا يستطيعون مواجهة ابن جمعة لأنه هو الذي حرضهم على أهل القطيف)([13]).

هكذا صارت الحكاية تاريخًا، فحجبت حقائق، وغيب أبطال أبدال كمرجع التقليد في القطيف الشيخ علي بن حسن علي الخنيزي، قائد المدافعين عن القلعة، وبجانبه أبوه وأخواه جعفر وأحمد، فاستشهد جعفر (رحمه الله)، وأصيب أحمد إصابة بليغة تركته مشلول اليد طيلة حياته([14]). ومن المنسيين الحاج سعود بن محمد ابن الشيخ حسن  أبو السعود([15])، وهؤلاء هم شهداء وجرحى القلعة فقط، ناهيك عن غيرهم من ضواحي القطيف وبلداتها وقراها، كما سأبينه لاحقًا، بل حتى الشيخ النمر نفسه ضرب ناسجو الحكاية صفحًا عن اجتهاده وشجاعته، وطووا ذكر حوزتيه العلميتين في العوامية والدبابية ومن درس فيهما وتخرج منهما، وانشغلوا بالترهات، والخرافات، وحتى بعد أن نشرت الوثائق المعاصرة للحادثة لم يكن لها أثر، وصارت الخرافة هي التاريخ الحقيقي المتداول.

تحليل الروايات

1 – رواية السويدان.

(وليت شعري أيُّ دواء ينفع في نفوس تشرئب إلى الفتنة، ومن ثَمَّ تبعث شرارةً تشعل بها نار القتال مدة من الزمن من أجل “حدجٍ”\([16]) لا يساوي هللة واحدة، فتزهق فيها الأرواح، وتقتل الرجال؟!).

هذا تلميح إلى نفوس تتطلع إلى الفتن، وتترقب الفرص كي تثب إلى تحقيق غاياتها.

(والأصل – في الحقيقة – حقد رجال الفريقين على الآخرين)

حقد من على من؟ إن كان المقصود البدو، ففيه نظر، فالبدو هم بنو خالد وهؤلاء ليسوا طارئين على البلد، ولهم فيها أملاك، ومساكن وهذه ليست حال الحاقدين المتنافرين.

(حتى جاء رجل يبيع غنمًا له، فاستقى من رجل يلقَّب بالدبوس)

الرجل السقاء عند غيره طفل، ولأن رواية الشيخ فرج استقاها من فم السقاء نفسه، فلا ريب في اشتباه السويدان.

(ومن ثَمَّ استُعمل السلاح بطلقة أطلقها حضري عندما رأى يد أخيه مجروحة بسكين، وبهذا بدأ القتال الحقيقي).

هذا قريب من المعقول، لكن من هما هذان الأخوان؟ الجريح والثائر المنتقم؟ لم يفصح عنهما السويدان، فلننظر غيره.

2 – رواية زكي إبراهيم آل شيف

(وتطور الوضع إلى المشادات الكلامية، فقام سيد إبراهيم المشكاب يشتكي عند سيد مكي أخيه، فتحزم الأخير بالرصاص وكان كلما مر ببدوي ضربه وتطور الأمر فقام من في السوق يتضاربون مع البداة).

عجيب! تطور الوضع إلى المشادات الكلامية، ففم يشتكي السيد إبراهيم لأخيه؟ وهل هذه المشادات الكلامية توجب أن يتحزم أحد بالرصاص، ويقتل كل من يمر به؟ هذا ارتباك في التعبير لكنه يلقي بصيص ضوء على حقيقة.

3 – رواية حسين ناصر الصباح

(ارتأى البدو أن ينصبوا مدفعًا لنسفها بالكامل، وكان الشيخ – أعلى الله مقامه – عند زوجته الثانية في الدبَّابية، فحار أهل الدبابية في أمرهم، وفزعوا فزعًا شديدًا فطمأنهم الشيخ وسأل أين البندقية، فأشاروا لجهة وجودها، فطلب أن يناولوه إياها فمسح عليها، ووجهها جهة المدفع، فصارت طلقات المدفع تتجمد مكانها)

المتوقع يدل على أن الشيخ لا يريد أن يؤذي المهاجمين، وإلا لأمر المدفع أن يوجه طلقاته إلى الخلف فيفتك بالبدو.

الحقيقة أين؟

رواية معاصري الواقعة

أغلب الظن أن الحقيقة ستبقى بعيدة المنال، لكنني سأعرض روايتين أحسب أنهما الأقرب من الصحة.

الأولى: 

ما سمعته من والدي (رحمه الله)، عن الواقعة. وهو مولده عام 1312هـ، فعمره – زمن الحادثة – كان 14 عامًا، هذا يجعل اعتبارَه معاصرًا مدركًا أمرًا مقبولاً على الأقل. وملخص ما قال: إن المضاربة انتهت كأي مضاربة معتادة في الأسواق، لكن أحد المتسرعين اندفع وأبلغ السيد مكي المشقاب بأن أخاه قد قتله البدو، فخرج مع رجاله، وتتبع البدو فأدركهم في الطريق، وقتل اثنين منهم، وفر الباقون.

الثانية:

على ضوء هذه المعلومة، سألت أخي الدكتور محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ منصور المرهون، ووالدته هي السيدة ابنة السيد إبراهيم بن علوي المشكاب أخي السيد مكي، (ولا ينبئك مثلُ خبير)، فأفادني بأن حاصل القضية أن السيد إبراهيم كان حاضرًا الشجار بين البدوي والطفل الدبوس، فبادر لفض النزاع، عارضًا أن يدفع للصبي قيمة الماء، لكنه رفض، فاستل البدوي خنجره وأهوى به على الصبي، فحاول السيد إبراهيم منعه، فأصاب الخنجر رأسه خطأً، فشجَّه، فخرَّ مغشيًّا عليه، فظن أحد الواقفين أنه مات، فاندفع مسرعًا إلى أخيه السيد مكي وأبلغه بأن أخاه قد قتله بدوي، وكان السيد مكي عمدة الدبيبية، ومن الوجهاء ذوي النفوذ والسلطة، فنادى حراسه بحمل السلاح، وتوجه بهم إلى سوق الخميس للأخذ بثار أخيه دون أن يتحقق من مقتل أخيه. فقُتِل بعض البدو، وهرب الباقون من السوق بسرعة، تاركين بضائعهم وقتلاهم، وفي أثناء فرار البدو خارج القطيف قابلوا أربعة أشخاص من قرى القطيف لا علم لهم بالحادثة، فقتلوهم. هذه هي الشرارة.

نهاية الحصار  

وأما نهاية الحصار فتتضح حقيقتها من خلال الرسائل المتبادلة بين قباطنة السفن البريطانية المرابطة في خليج القطيف وحواليها، وهي منشورة في العدد الأول من مجلة الواحة، ويستفاد من تلك المراسلات أن الأتراك – تحت ضغط البريطانيين عليهم بالتهديد – خشوا من تدخلهم وانتزاع البلد منهم، واضطروا لأن يرسلوا كتيبة من “علي الغربي” والعمارة بالعراق عدتها 320 جنديًا تركيًّا ومدفعان، وصلت القطيف يوم 28 أغسطس، فأُجبِر البدو على الاستسلام، وتوقيع اتفاقية سلام مع الأهالي يوم الجمعة 18/9/1908م، 22/8/1326هـ([17]). فلا دور – في هزيمة البدو- للشيخ الجليل الشيخ محمد بن نمر ولا كراماته، ولا خططه، وإن كان كريم القدر رفيع المنزلة. لا شك في ذلك.

عدد القتلى

لم يشر أحد ممن كتب عن وقعة الشربة، إلى من استشهد في الواقعة باستثناء جعفر ابن الحاج حسن علي الخنيزي، أخي الشيخ علي (أبو عبد الكريم)، وكذلك الجرحى لم يُذكر منهم إلا أخوه أحمد الذي أصيب برصاصة في يده، وأنقذه أحد مشائخ قبيلة الخزور، أحد فروع قبيلة بني خالد، وحمله إلى مخيمه وعالجه، وبعد أن تماثل إلى الشفاء أعاده إلى أبيه، لكن إحدى يديه قد شلت.

دفتر وفيات يوضح القتلى

من دفتر وفيات تفضل عليَّ الأخ عبد العظيم ابن الحاج مبارك أبو السعود بصورة لبعض الصفحات منه مدوَّنٍ بها وفيات بعض أعيان القطيف، ومنهم قتلى واقعة الشربة، بخط والده (رحمه الله)، في ما يلي أسماؤهم:

  • من أهل القديح يوم 27/ 6/1326هـ: 24 نفر.
  • في باب السباب بسيحة البحاري، يوم الاثنين 5/7/ 1326هـ: 12 نفر.
  • من البحاري يوم 5/7/1326هـ: 3 أنفار.
  • من الخويلدية يوم 5/ 7/1326هـ، 2 نفران.
  • من سيهات في 9/7/1326هـ، 10 أنفار بينهم امرأة.
  • من الشويكة في 13/7/1326هـ، 4 أنفار.
  • من القلعة في 1/8/1326هـ، واحد، هو جعفر بن الحاج حسن علي الخنيزي. (أرخ الشيخ فرج العمران مقتله في 18/7/1326هـ)([18]).
  • يوم 3/8/1326هـ نفر واحد هو الحاج سعود بن محمد ابن الشيح حسن أبو السعود، ودفن في مقبرة القلعة المقابلة لبيت آل أبي السعود.

تحليل الدفتر

يلاحظ على السجل أنه لم يشمل إلا الذين استشهدوا في الفترة من 27 جمادى الثانية إلى الثالث من شعبان، وهذا لا يحسب تضاربًا مع ما ذكره المؤرخون من أن بدايتها كانت يوم الخميس 19 جمادى الأولى، 18 يونيو 1908م، فالفرق بين بدايتها وصعود الشهداء شهر وثمانية أيام تقريبًا، وهذا يمكن تفسيره بأنَّ هذه المدة هي التي استغرقتها القبائل البدوية في التجمع، وشنِّ الهجوم.

 

———–

([1])عملة كانت سائدة في ذلك الوقت.

([2])ليسوا أبناء مدينة، فالبدو ليسوا مساكني الحضر، ولكن أواصر أخرى كثيرة تقربهم من بعضهم البعض.

([3])التسبب: ما يتوصل به إلى المعيشة، كالتكسب. محيط المحيط.

([4])مر التعريف به في الهامش (1).

([5])تكملة لما أراد الكاتب يقتضيها السياق.

([6])من الأوهام الشائعة؛ الظنُّ أن سور القلعة بناه الأتراك، أو البرتغاليون، فهذا السور ذكره الأديب أبو الفداء أمير حماة (توفي سنة 732هـ) بالصفة التي رأيته بها، وأبناء جيلي، ما عدا الخندق الذي قال إنه يحيط بالسور. انظر: تقويم البلدان، تأليف إسماعيل بن محمد بن عمر المعروف بأبي الفداء، اعتنى بتصحيحه وطبعه رينود، مدرس العربية، والبارون ماك كوكين ديسلان، دار صادر، بيروت، مصورة عن طبعة باريس 1830م، ص: 99.

([7])لا أدري إن كان الأستاذ مهدي قد بر بوعده فكتب عن وصفات الشيخ النمر أم لا، لكن الشيخ حسين ناصر الصباح قد ضمن كتابه: (الشيخ محمد آل نمر العوامي – فيوضات وجوده، وإشراقات حياته) فصلاً عن تلك الوصفات.

([8])مجلة المنهل، الجزء الرابع، المجلد 29، ربيع الثاني، 1388هـ، ص: 582 – 582.

([9])مطابع الفرزدق، الرياض، الطبعة الأولى، 1406هـ، 1985م، ص: 43 – 45.

([10])دار المصطفى لإحياء التراث، مطبعة أمين، قم، الطبعة الأولى، 1418هـ، ص: 134 – 135.

([11])شركة الشيخ للتحقيق والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1423هـ، 2002م، جـ1/371.

([12])دار أطياف للنشر والتوزيع، القطيف، الطبعة الأولى، 1434هـ، 2013م، جـ2/426.

([13])مجلة الواحة، العدد الثالث، رجب، 1416هـ. ديسمبر 1995م، ص: 8.

([14])الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية، الشيخ فرج العمران، منشورات دار هجر، بيروت، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2008م، جـ13/487 – 488، و الحركة الوطنية السعودية، السيد علي ابن السيد باقر العوامي، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 2015، جـ1/27 – 28، و 42 – 43.

([15])دفتر وفَيَات بعض الأعيان بخط الحاج مبارك بن ضيف أبو السعود، بحوزة ولد عبد العظيم، ص: 9.

([16])انظر الهامش 01).

([17])انظر: مجلة الواحة، العدد الأول، محرم 1416هـ، يونيو 1995م، الملف – متابعة للدور البريطاني – وقعة الشربة وحصار القطيف 1908.

([18])الأزهار الأرَجية في الآثار الفرَجية، مطبعة النعمان، النجف، جـ13/330، ومنشورات دار هجر، بيروت، مجلد 5، جـ13/487.

تعليق واحد

  1. للمؤرخ السيد عدنان العوامي هناك خلط بين قلال التمر وجرار الماء
    1 قلال التمر هي خطة حربية من ايه الله الشيخ محمد بن نمر
    2 وجرار الماء هو الدعاء الذي قرء على الماء
    وحيث لم ليصب احدا بسوء من الدبابية اللهم رجل خرج من الدروازة غفلة من ايديهم قاصد التوبي فضرب برصاصة وتوفي رحمه الله
    3 كان دور الشيخ محمد بن نمر في هزيمة البدو في الدبابية

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×