موسم الهجرة من “واتساب” المُتطفل.. إلى “سيغنال” المجهول شركات تطبيقات التواصل تتاجر في البيانات الشخصية "ثروة".. والخصوصية "كذبة"
القطيف: معصومة الزاهر
قبل الثامن من فبراير المقبل، عليك أن تختار؛ إما الموافقة على سياسة الخصوصية الجديدة لتطبيق “واتساب” بالحصول على بياناتك الشخصية واستثمارها في إعلانات وغيرها، وإما أن تغادر التطبيق الأشهر في العالم، وتبحث عن تطبيق آخر أكثر أماناً، يضمن استمرار تواصلك مع محيطك الاجتماعي..
أوجدت السياسة الجديدة لتطبيق “واتساب” حال من القلق والتوجس، وربما الخوف بين مستخدميه، الذين يرفض معظمهم شروط السياسة الجديدة، ويأملون أن يتراجع التطبيق عنها، ويبقى على ما هو عليه، ليبقي على العلاقة القديمة والراسخة بينه وبين ملايين المستخدمين.. فيما يوصي آخرون بألا يوافق المستخدمون على شروط “واتساب”، وينصحون بالبحث عن تطبيقات أخرى لا تفرض شروطها عليهم كما ينوي “واتساب” فعله..
من البيانات التي سيحصل عليها “واتساب” ممن يوافقون على سياسته الجديدة، معلومات عن الجوال، عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بالمستخدم، ببيانات الأجهزة ومكوناتها، البطارية وقوة إشارة الاتصال بالإنترنت، إصدار التطبيق والمتصفحات وشبكة الهاتف ومعلومات الاتصال بما فيها، رقم الهاتف ومشغل شبكة الاتصال ومزوّد خدمة الإنترنت، كما سيتم جمع بيانات مثل اللغة والتوقيت وعنوان خادم الإنترنت، وأي ارتباطات سابقة للجهاز أو حساب المستخدم بأي من خدمات “فيسبوك”.
خطورة هذا الأمر، ورغم عدم الوصول للبيانات الفعلية، تكمن في رصد تحركات المستخدم وربطها بهويتك التعريفية في الخدمة، مثل رقم هاتفك وبريدك والـ IP.. ومثل هذه البيانات في ظل تطور برمجيات الذكاء الاصطناعي، قد تكون كنزاً لا يقدر بثمن لهذه الشركات، لتوجيه الاعلانات وتخصيص المنتجات وأكثر من ذلك.
استثمار الحدث
سياسة الخصوصية الجديدة في “واتساب”، ستربك العالم، وهو ما حاول ايلون ماسك مؤسس شركة “سبيس إكس” ورئيسها التنفيذي استثماره، فغرد ينصح المعترضين باستخدام “سيغنال”، في إشارة إلى أحد التطبيقات التابعة لشركة “أبل”. وكانت هذه النصيحة كفيلة بإحداث ضجة في العالم، وعلى الفور احتل هذا التطبيق المرتبة الأولى في متجر أبل.
ردة الفعل
رصدت “صُبرة” من خلال تغريدات على منصة “تويتر” ردات الفعل بعد تغريدة “ايلون ماسك”، التي كانت داعمة لقراره من خبراء تقنيين، ومن مهتمين بمجالات التقنية، وأمن المعلومات. وذكر البعض أنه “لا يوجد خصوصية أبداً في عالم التطبيقات”.
غرد محمد الكواري، الحاصل على بكالوريوس علوم الحاسب، وماجستير في إدارة الأعمال عن ذلك مدوناً “تحديث اتفاقية الخصوصية في واتساب طبيعي بعد الخسائر الي تعرضت لها شركة فيسبوك من الملاحقات القضائية والاستجوابات ومشكلتها المستمرة مع شركة “أبل” حول موضوع الخصوصية”.
بدأت مشاكل “فيسبوك” بعد فضيحة استخدام بيانات مستخدمين من شركة Cambridge Analytica التي أثرت بشكل مباشر على سير الحملات الانتخابية في أمريكا سنة 2016، والاتهامات بأنها ساهمت في ترجيح كفة الرئيس الأميركي المُغادر قريباً دونالد ترامب، وعلى إثرها تم استجواب الرئيس التنفيذي لـ”فيسبوك”.
الشهر الماضي
الشهر الماضي، كان صعباً على “فيسبوك” أيضاً، خصوصاً بعد أن أطلقت “أبل” نظام IOS 14، الذي يطلب موافقة المستخدم على مشاركة بيانات التتبع (وليس المعلومات الفعلية المستخدمة في التطبيق)، ورفضت “فيسبوك” هذا الأمر، وأطلقت حملة اعلانية كبيرة جداً لانتقاد “أبل” في جميع الصحف الأميركية.
دافعت “فيسبوك” عن نفسها بأنها تتيح إمكانية إيقاف خاصية التتبع وجمع البيانات للعملاء بمبدأ الـ Opt-out الي تعني ان التتبع موجود بشكل افتراضي، إلى أن تقوم باغلاقه.. بينما “أبل” تعمل بآلية الـ Opt-In التي تعني انه يجب الموافقة على بدء مشاركة البيانات، وهذا ما تسبب في خسائر كبيرة لـ”فيسبوك”.
مشكلات “فيسبوك”
مشكلة “أبل” مع “فيسبوك” ليست الوحيدة التي واجهتها الأخيرة، فقد واجهت دعاوى قضائية من لجنة التجارة الفيديرالية الأميركية بخصوص إضرارها بالتنافسية، واستحواذها بالقوة على الشركات الصغيرة التي تهدد هيمنتها.. فيما “فيسبوك” تتهم في اعلاناتها “أبل” بان نظامها الجديد هو الذي أضر بمصالح الشركات الصغيرة.
بيانات التسوق
الشروط الجديدة، تتيح لـ”فيسبوك” المالكة لـ”واتساب”، استخدام بيانات المستخدم في الأخير لغرض الاعلان وتحسين الخدمة، مع التأكيد على أنه لن يتم الوصول لبيانات المستخدم الفعلية، لأنها مشفرة، لكن سيتم استخدام البيانات التوصيفية metadata مثل بيانات التسوق، والمكان، وجهات الاتصال وغيرها من تحركاتك وأنت تستخدم “واتساب”.
إخفاء الهوية
يضيف الكواري “هنا يأتي السؤال: هل من الممكن اخفاء هويتك عبر الشبكة؟ الإجابة “نعم، ولا”، فبالامكان فنياً استخدام عناوين وهمية وبرمجيات تمنع التتبع، لكن في الوقت نفسه يمكن أن تصطدم بشروط خدمات تجبرك على السماح بالتتبع أو الغاء حسابك من الخدمة، مثل “واتساب”، الذي يكمن جوهر أهميته للمستخدم التعبير عن هوية المستخدم الحقيقية.
اخيراً .. لا تتوقع أن هناك خدمة مجانية من دون مقابل. المقابل إذا لم يكن مالاً؛ فهو في هذه الحال سيكون بيانات. هذه الشركات تكلفتها التشغيلية بالملايين، لذلك لا بد أن تسأل نفسك: من سيكون القادم من عمالقة التكنولوجيا في الطريق ويتبع الخطى نفسها؟.
يغرد الكواري عن تطبيق “سيغنال”.. الخيار الذي طرحه “ايلون ماسك” قائلاً “إذا كان موضوع الخصوصية ومشاركة البيانات يهمك، اقرأ اتفاقات الخصوصية في أي خدمة بنفسك، ولا تسلم عقلك لأحد. مثلاً: تطبيق “سيغنال” الذي يُروج له حالياً بديلاً لـ”واتساب”، فقد لا يستخدم بياناتك لغرض الإعلانات، لكنه يحدد حالات عدة تمكنه من معالجة بياناتك، وبالتالي هو لا يفرق كثيراً عن البقية.
الصورة الرمزية
بدوره، يعلق طارق الجاسر، على البيانات والمعلومات التي يجمعها تطبيق “واتساب” عن المستخدم، ويعرضها في انفوغرافيك، يقول “هذه المعلومات عبارة عن طراز الهاتف، نظام التشغيل، حال البطارية، قوة الإشارة، وحدة زمنية، استخدام واتساب، الدفع والمعاملات، تحديث الحالة، تفاصيل المجموعة، الصورة الرمزية، عنوان IP، ومعلومات الاتصال”.
التطفل الالكتروني
من جهته، يذكر فهد الدريبي، المختص في الأمن السيبراني وإنترنت الأشياء، والمناصر للمصادر المفتوحة من برمجيات وأجهزة عن المقارنة بين التطبيقات “عند مقارنة المعلومات التي تجمعها تطبيقات المراسلات عن مستخدميها، نجد تفاوتاً كبيراً جداً بين ما يجمعه تطبيق Facebook Messenger وتطبيق Whatsapp حيث يعتبر واتساب أكثر أماناً وخصوصية”.
يستدرك الدريبي “إذا تمت المقارنة مع تطبيق Signal، فإن واتساب يعتبر متطفلاً، ويجمع معلومات كافية لتتبع مستخدميه”.
عمليات الشراء
يعلق محمد الدوب، المهندس والمدرب العالمي في أمن المعلومات، على تصريح “فيسبوك” عن السياسة الجديدة الذي قالت فيه “لن تؤثر أبداً في الاستخدامات الشخصية لواتساب، وفقط تؤثر في حسابات البزنس، وعمليات الشراء عبر واتساب” بقوله “لا تصدقوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة”.
يبدو أن خيار تطبيق “سيغنال” هو ما يدعمه محمد الدوب، ويغرد عنه “إذا كنت تريد أن تترك واتساب واستطعت اقناع ربعك، فانتقل إلى سيغنال”.
يكمل “الانتقال إلى تليغرام (خصوصاً القروبات)، يعني أنك قللت مستوى الأمان”، مضيفاً مميزات تليغرام جميلة، ولكن من ناحية الأمن والخصوصية، فهذا الشيء الوحيد الآمن فيه، هو خاصية Secret chat، وغيرها ضعيف أمنياً”.
احترام الخصوصية
من جانبه، قال الخبير التقني المهتم في أمن المعلومات، نضال آل مسيري لـ”صُبرة” “واتساب يواجه انتقادات كبيرة، ومما لا شك فيه أنه سيخسر الكثير من مستخدميه ممن يحترمون ويقدرون الخصوصية، إن لم تتراجع عن هذا الأمر”. وتابع “لطالما قال واتساب إنه يحترم خصوصية المستخدمين، وأنها مشفرة في حمضنا النووي”.
ويكمل “إذا قام واتساب فعلاً بمشاركة البيانات، كما أشار، وقام بتخزينها، فهذه كارثة، لأن ذلك يعني بقاءها في الانترنت، وربما تكون معرضة للإختراق في أي وقت من جهات أخرى، فلا ضمان في ذلك”.
نضال آل مسيري.
البيانات.. نفط
يعتبر آل مسيري الخصوصية في الانترنت وبرامج التواصل الاجتماعي “كذبة”، يقول “لا يوجد شيء اسمه خصوصية مُطلقة، ولكن يجب على المستخدمين ان يكونوا مدركين وأكثر وعياً بطريقة التعاطي مع التقنية وتطبيقاتها، وطرق نشر معلوماتنا الشخصية وتقديمها على طبق من ذهب للشركات التي تعتبرها بمثابة نفط يحقق لها طموحاتها المادية”.
وكنصيحة أولية ـ والحديث مازال للمسيري ـ يجب التقليل من المعلومات الشخصية المهمة المحفوظة في في وسائل التواصل الإجتماعي، وتطبيق “واتساب” تحديداً، ونقلها للنوت أو المفكرة الشخصية، كإجراء احتياط وتنظيف واتساب من الأمور الحساسة والمهمة، ومن ثم اختيار أحد البدائل المتوافرة مثل “سيغنال”، أو “تلبغرام”، أو “فايبر”، أو “هايك”، تلافياً لانقطاع التواصل مع الاخرين حال أستجد أي جديد مع السياسية التي لا تحترم فيها واتساب مستخدميها”. ويذكر أن خياره الشخصي سيكون بين “سيغنال” و”تليغرام”، عازياً ذلك إلى “قوة التشفير فيهما”.
المحزن اكثر هو اننا كأمة لاتستطيع حتى ان تؤمن نفسها في هذا العالم المعلوماتي ،،
ليتنا لنا تطبيق له قيمة كباقي الامم.