عاشق سرّي يوثّق حياة طلال مداح بأكثر من 30 ألف مادة صوتية وبصرية وصحفية حفظها من تجميعات والده وبحثه المستمرّ عن كلّ شيء يخص الفنان الراحل
القطيف: ليلى العوامي
أكثر من 30 ألف صورة وأسطوانة ومجلة ومادة لها علاقة بالفنان الراحل طلال مداح. جمعها عاشق سري للفنان الكبير، منذ طفولته، وما زال يجمعها حتى الآن؛ رغم مشارفته على الخمسين. وبسبب العشق العارم؛ أسس حساباً في “تويتر” سمّاه “صور طلال مداح، @tlal_mddah ليكون منصّة فنية جمالية تاريخية للفنان.
ومنذ 2018؛ تزايد أعداد المتابعين ليزيدوا على 18 ألف متابع، بينهم فنانون كبار، وصحافيون، وعشاق لفن طلال.
وعلى الرغم من الثروية البصرية والصوتية التي جمعها العاشق؛ حافظ على سرية شخصيته، ولم يكشف عنها، ولا يفكر في الكشف عنها.
وحين تواصلت معه “صُبرة”؛ فتح قلبه وأطلق العنان للسانه ليتحدث عما يكنّه لطلال، وما يفعله لطلال، في هذا اللقاء.
قرابة 6 آلاف تغريدة نشرها العاشق السري عن طلال مداح في حسابه
عاشق في “تويرتر”
“أجاذبك الهوى واطرب وأغني وأبادلك الغرام بكل فني”.. بكلمات عذبة خرجت من فمه وبصوت حنون يحتضنك شدا قيثارة الشرق طلال مداح، ليسمعه عاشقه المجهول في المرحلة الابتدائية، ويتأثر بفنه الذي كبر معه حتى قارب عامه الخمسين.
وجد هذا العاشق في وسائل التواصل الاجتماعي “ملاذاً”، مبتعداً عن أضواء الإعلام، ليوثق حياة زرياب – مثلما أطلق عليه عبدالوهاب -، على منصة “تويتر” بصفحة تحمل اسم “صور طلال مداح”، ويكشف لنا عن هويته.
هكذا ظل عاشق الصوت الخليجي والسعودي الأول مجهولاً رغبةً منه في ذلك، باقياً على عهد المحبة، رغم رحيل مداح منذ 19 عاماً.
“بسمة أمل”.. “تويتر” مبتهجاً بمداح
”هنا نسرد لكم أجمل الحكايا مع صور نادرة للراحل طلال مداح رحمه الله”، بهذه الجملة أسس العاشق الطلالي، حساباً في “تويتر” منذ عام 2018، لنشر كل ما يتعلق بالنشاط الفني للمداح.
قال لـ”صُبرة” “أرى الكثير من الجيل الجديد معجباً بطلال رغم مرور سنوات على رحيله، إلا أن التقارب والمحبة له مازالا موجودين ومستمرين وينموان يوماً بعد آخر”.
أضاف “حتى تكون منصة تويتر موثقة وقانونية تحدثت مع ابنه عبدالله، واستأذنته؛ فقال لي: لك كامل الحرية”.
محبة مداح لم تكن حصرية على قلب عاشقه، بل هي ملك لجمهوره من بسطاء إلى إعلاميين، حاولوا جذب هذا العاشق إلى شاشتهم للتحدث معه “بدأ الحساب يلقى قبولاً قوياً، وتواصلت معي صحف خليجية وسعودية، وقنوات تلفزيونية يريدون الحصول على بعض الصور من الحساب فنقول لهم: لكم كامل الحرية فيما تريدون وحتى من دون الإشارة للحساب”.
الدقة على رأس أولويات الصفحة “حتى يكون الحساب دقيقاً؛ قمنا باستبعاد الكثير من اللقاءات، التي أجريت في بعض الصحف منعدمة المصداقية، لأن معظمها مفبرك وبخبرتنا اكتشفنا ذلك”.
لكن لم يسلم العاشق الطلالي من بعض المضايقات، قائلاً “غرضنا هو نشر حياة هذه الشخصية وليس الهدف منها الكسب المادي رغم المضايقات والتهكير الذي تعرض له الحساب”، ربما هذا ما يجعله مُصراً على أن تكون الصفحة طلالية الهوى وحسب “علينا الاستمرار في نشر كل ماهو مهم لهذا الفنان”.
محبة المداح ألانت قلب عاشقه للفن واحترام مقدميه “دائماً نشير إلى الأسماء التي في الصور مع الفنان بألقابها المعروفة، على سبيل المثل نكتب: رفيق دربه الفنان محمد عبده، ونشير إلى عبدالكريم عبدالقادر بصديقه، والفنان عبدالله الرويشد بالفنان”.
كنزٌ ثمين
أسس صاحب حساب “تويتر”، مكتباً في مسقط رأسه الطائف، ليجمع مقتنيات ثمينة ومتنوعة وصلت إلى 30 ألف صورة نادرة، أغلبها مجمع من 27 ألف مجلة، بعضها منذ عام 1954، وأكثر من 18 ألف صحيفة.
وقال “هناك آلاف من الصور نسخناها باستخدام الماسح الضوئي، ووصل عددها إلى 15 ألف ألف صورة متنوعة. هذه هي حصيلتي مما أقتنيه عن الراحل طلال مداح”، ويتابع الحساب ما يزيد على 18 ألف متابع هذا الفيض اليومي من المنشورات والصور الفنية بتفاعل بين إبداء الإعجاب وإعادة التغريد أو التعليق.
قصة البداية
تلك الإسطوانات التي سميت بالذهبية فقط لامتلائها بصوت وعزف مداح على عوده، ألقت على صديقنا وأهله سحراً أسلمهم إلى أبواب عشقه، قال العاشق الطلالي “وأنا صغير؛ كان وقتها الكثير من الناس معجبين به ويتشوقون لسماع أغانيه”.
قصة الإعجاب الأولى بحياته تبدأ من الوالدين اللذين احتفظا بالأشرطة والإسطوانات الغنائية القديمة لقيثارة الخليج.
وأضاف “كنت أستمع لوالدي وهو يتحدث عن طلال ويبحث عنه ويحرص على الاستماع لأغانيه في المنزل والسيارة ويأتي بالصحف والمجلات، فنما حبه فينا، وأصبح وكأنه فردٌ من العائلة نتعامل معه كأنه واحد منا نحبه ونسأل عنه ونتابع أخباره في الصحف، ونحاول أن نتصل به هاتفياً فحبنا له مازال ممتداً كل هذه السنوات”.
“حنا حماة أرض.. فهداً أمامها”
عام 1990 غنى طلال مداح “حنا حماة أرض”، من كلمات الشاعر سعود سالم، في أجواء حرب الخليج الأولى، تأثر العاشق بموقف زرياب الوطني، ليقول “رغم حبي السابق له.. لكن هذا الوقت تعلقت بفنه أكثر، نظراً لسفره إلى مصر لإصدار أغاني وطنية كثيرة للمملكة والكويت”.
وعن تلك الأيام يتذكر “حينها كنت في المرحلة المتوسطة، وكلما أصبح عندي مبلغ من المال أذهب للأستديو لشراء الأشرطة”.
محبة لا تنقطع
يستزيد العاشق بحضور حبيبه الدائم، بهذه الطريقة أجرى العاشق الطلالي مكالمة هاتفية قبل وفاة الفنان بعام واحد، عبر برنامج “المملكة هذا الصباح” المتخصص في الصحة، ليروي لنا “قلت لهم لدي مشاركة فأحالوني على البث المباشر، فرد عليَّ المذيع يسألني هل تريد التواصل مع دكتور؟ ولكنهم فوجئوا بما قلته ولم يقطعوا البث، بل استمعوا إلي فقد عاتبتهم على تقصيرهم مع الفنان الراحل طلال مداح”.
كان الجواب غير متوقع بالنسبة إليه، “قالوا لي أبشر ولا يهمك.. وبعدها بأسبوع أعلن الإعلامي ماجد السبيعي عن لقاء تلفزيوني مباشر مع الراحل طلال مداح في برنامج أحلى الليالي”، حتى أنه يتذكر عن ظهر قلب موعد البرنامج إلى يومنا هذا “الذي عرض مساء الخميس، لثلاث ساعات وكانت في عام 1418هـ 2000 ميلادية”.
من أين لك هذا؟
شب الطفل على حب أبيه، الذي كان يسافر إلى الدول العربية بحكم عمله، ويبحث في المجلات عن طلال مداح، “بحكم أنه كان يقيم حفلات في السبعينيات والثمانينيات في سوريا ولبنان ومصر، وكانت هناك مجلات لا تأتي إلى المملكة”. يعتاد المسافر مهاداة أهله بعد عودته، وكذلك اعتاد والد العاشق المجهول، بجلب “عشرات المجلات وأغلبها يحتوي على أخبار عن الفنان طلال مداح”.
مفاجآت
يعد العاشق السري متابعي حسابه بالمزيد من المفاجآت، قائلاً “كنا سابقاً نقوم بإدراج الموضوعات في الحساب ثلاث إلى أربع مرات يومياً.. مع طلب الناس أصبحنا نرفق لقاءات كل خميس، من مجلة أو صحيفة وفي وسط الأسبوع صور نادرة أو جديدة وأخبار مقتطفة”.
شكراً
يشعر عاشق المداح بالامتنان تّجاه داعميه، قائلاً “وجدنا الدعم من الإعلاميين والصحافيين والعاشقين لطلال مداح”، موجهاً رسالة للمعجبين بفن زرياب “الحساب لا إعلانات فيه.. وجميع المواد مهداة للراحل، هو منكم وإليكم ونهتم كثيراً إذا كان لدينا صور لفنانين آخرين، لمن يريد الصحف والمجلات نرسلها إليه”.