الشاعر العوامي مودّعاً السيدة بتول: ما نفع بيتي بلا ظلٍّ ولا عمد؟

في شبابه، وتحديداً في عام 1970، كتب في ابنة عمه زوجته “بتول” أجمل ما يمكن أن يكتبه شاعرٌ في خليلة. كتب لها قصيدة “حبيبتي والأرض”، ووصفها في القصيدة بأنها “أحدب من أمّ على ولد“. والقصيدة منشورة في ديوانه “شاطيء اليباب“..

وحين رحلت إلى بارئها ـ قبل أيام ـ شيّعها بعين أحبّتها لأكثر من خمسٍ وستين سنة.

وحين رثاها؛ استعاد الصورة التي رآها عليها قبل أكثر من خمس وخمسين  سنة “أحدب من أمٍّ على ولد“..

ذلك هو الشاعر الأستاذ عدنان العوامي؛ في موقف وفاء لشريكة عمره، وخليلة قلبه، وأم عياله..

عدنان السيد محمد العوامي

تمضين وحدك؟ هَدِّيْ الوَخْذَ، واتَّئدي
تَلَفَّتي؛ وانظري كفي على كبدي

وراء نعشك أشلاءً مُبَعْثَرَةً
وهيكلي طيفُ شُلْوٍ.. واهنٌ جَلَدي

هذي يدِي منكِ جَذَّا، والوريد خَلٍ
والعين عميا، وها ذاك الوَتيْنُ صَدِي

مدي يديك، خذيني، فالحياة سُدَىً
بعد انكسار جناحي، والتوا عضدي؟

ما نفع عيشي؟ بلا نجواك تؤنسني
ما نفع بيتي بلا ظلٍّ ولا عمد؟

خمس وستون عشناها مخبَّأةً
عن العيون، فما يدري بها رصدي

خمس وستون عشنا زَهْو فَرْحَتِها
ما إن أبوح بها حتى إلى خلدي

أخشى تقولين – يهواني – لجارتنا
فَيَنْتَشِي أمرُنا للسِّيْف، والوَهَد

وأنت لي عُوذةٌ في الصدر غافية
حرزٌ يقيني أذى الحساد والحسد

هذا مصلاك ينعى قدس ربته
هل لا أقمت به ما شاء من مُدَد؟

ألله يا خيمةً عاشت تظللني! 

في لهبة القيظ ألقى عندها رشدي

الله! يا حُضنَ أمٍّ كان ملتحفي
وكان دفئي، وريحاني، ومبتردي

يا ضَرْعَ غاديةٍ دامت على أفقي
فيها نراوح من سعد إلى رغد

الآن ترحل عني غير آبهةٍ
بمحنتي ومعاناتي.. ولا نكدي

الآن ترحل عني، أي فاجعةٍ
تؤزُّني؟ أي يوم فادحٍ، رَبِد

بتول؟ عمرك ما أبديت لي ضجراً
ولا تَبَرمت من طيشي، ولا حردي

قاسيت ناري كإبراهيم صابرةً
«وكنت أحدب من أم على ولد»

مدي يديك، فإني متخمٌ وجعًا
وليس يبرئ جرحي غير ملتحدي

ما كنت أحسب يومًا أن تمزقني
مُدَىْ رحيلك قبلي، دون أن تعدي

لكنه قدحٌ لا بد شاربه
ما في يديك به شأن، ولا بيدي

اقرأ أيضاً

“صُبرة” تعزّي السيد عدنان العوامي في وفاة عقيلته السيدة بتول

‫2 تعليقات

  1. عظم الله لك الأجر سيدنا وقد رحلت الى رب كريم ولكن الفراق واضح في معالم ما كتبتموه….رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته ويلهمكم الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون

  2. عظم الله اجرك يا شاعر القطيف..جبر الله مصاب قلبك المفجوع بالصبر…ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com