هوندا راس.. صنعها اليابانيون للورش واقتناها مراهقو القطيف لـ “الدلع” شاحنة صغيرة انتشرت في الثمانينيات

القطيف: صُبرة

كانت قيادتها حلماً ممتعاً للمراهقين، وحلّا عملياً للآباء في نقل الأشياء في “الزرانيق” الضيقة. وساعد حجمها ورخص سعرها على الانتشار منذ أواخر السبعينيات إلى أواسط التسعينيات.

زاحمت الشاحنة الصغيرة جداً السيارات والمركبات الكبيرة. وسمّاها الناس في القطيف “هوندا راس”؛ تشبيهاً برأس الشاحنة، لكن اسمها المصنعي كان “هوندا تي إن 360”..!

هي سيارة شحن صغيرة؛ إلا أن كثيراً من صغار الشباب اقتنوها كسيارة نزهة، وفي الوقت نفسه؛ شاحنة للبيت، خاصة أبناء الطبقة الأقل من متوسطة، ولم يكن سعرها ـ في القطيف ـ يتجاوز 3 آلاف ريال.

وأصل انتشارها في القطيف لم يكن الاستيراد التقليدي، بل وصلت إلى أيدي الناس كرجيع ضخم من السيارات باعته أرامكو في مزادات.. كان لدى شركة النفط الكبرى ومقاوليها أسطول ضخم من هذه الشاحنات الصغيرة جداً، ثم بيعت الكميات بأسعار رخيصة جداً..

وبحسب ما كان متداولاً بين الناس؛ لم يتجاوز سعر الشاحنة الواحدة  في المزاد 1000 ريال..!

هنا “طاح” الناس في شرائها لأبنائهم ولنقل أشياء منازلهم الصغيرة، من أسطوانات الغاز، إلى قرب الماء، إلى “جواني العيش” والسكر، وسائر “مقاضي” البيوت..!

صغيرة

في الأصل كانت الشاحنة الصغيرة الحجم، كبيرة الأثر في سوق السيارات، على الرغم من أن هوندا TN360. لا يتجاوز طولها بضعة أمتار، وفي موطن صناعتها، اليابان، تحوّلت في زمنها إلى رفيق يومي للفلاحين والتجار وأصحاب الورش، لتصبح رمزاً لفئة المركبات الاقتصادية المعروفة في اليابان باسم “Kei Truck”.

عملية

قدّمتها شركة هوندا عام 1970م كخليفة لأول شاحنة صغيرة لها Honda T360. وقد جاء الموديل الجديد استجابةً لاحتياجات السوق المحلية التي فرضت قوانين صارمة على حجم المحركات وأبعاد المركبات، ليتوافق مع نظام سيارات “كي” الصغيرة.

اعتمدت الشاحنة على محرك ثنائي الأسطوانات بسعة 354 سي سي مبرد بالهواء، وبقوة تقارب 30 حصاناً فقط. لكنها مع ذلك أثبتت قدرتها على حمل البضائع والتنقل بخفة في شوارع ضيقة ومزدحمة.

متينة

تميزت TN360 بتصميم عملي: مقصورة أمامية تتسع لشخصين فقط، وصندوق تحميل خلفي مفتوح. وزُوّدت بناقل حركة يدوي من 4 سرعات، ووزن خفيف لم يتجاوز 600 كيلوجرام. هذه المواصفات جعلتها سهلة القيادة، واقتصادية للغاية في استهلاك الوقود.

في المزارع والورش

لم تكن مجرد وسيلة نقل؛ بل كانت أداة عمل يعتمد عليها. فقد استُخدمت بكثرة في المزارع لنقل المحاصيل والمعدات، كما انتشرت بين أصحاب الورش والمتاجر الصغيرة. ومع مرور السنوات أصبحت جزءاً من مشهد الحياة اليومية اليابانية.

إرث متواصل

في عام 1977م توقّف إنتاج TN360، لتحلّ محلها سلسلة Honda Acty التي واصلت المسيرة بمحركات أكبر وتقنيات أكثر تطوراً. ورغم توقفها، بقيت TN360 جزءاً من ذاكرة الصناعة اليابانية، شاهدة على فترة ازدهار شاحنات “كي” التي لا تزال تُصنّع حتى اليوم.

ذراع

في موطنها وفي دول آسيوية كثيرة؛ جمعت هذه الشاحنة بين بساطة التصميم وكفاءة الأداء، وتركت هوندا TN360 أثراً لا يُمحى في تاريخ المركبات التجارية الصغيرة. فهي لم تكن مجرد شاحنة، بل كانت “ذراعاً اقتصادية” ساعدت على تحريك عجلة التجارة والحياة اليومية في اليابان خلال سبعينيات القرن الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×