يوم تاروتي حزين.. عبدالله العبدالمحسن في مثواه الأخير المسرحيون يؤبّنون رائداً في المسرح الخليجي

تاروت: جمال أبو الرحي

شيعت جموع غفيرة، اليوم الاثنين، جثمان الكاتب والمسرحي عبدالله العبد المحسن، الذي توفي أمس الأحد، عن عمر ناهز الـ 72 عاماً.

ملامح الحزن كانت واضحة، على وجوه المشيعين، الذين آلمهم نبأ رحيل العبد المحسن، تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً وفنياً ومسرحياً كبيراً.

شيع الجثمان إلى مقابر جزيرة تاروت، وودعه الأهالي، كما ودعته شخصيات عامة حضرت التشييع.

مثقفون ومسرحيون ينعون الدكتور عبدالله العبدالمحسن

القطيف: صُبرة

نعى كتاب ومسرحيون وفنانون، رائد مسرح الطفل في السعودية والخليج، الكاتب والروائي المسرحي عبدالله العبدالمحسن، الذي توفي اليوم الأحد، عن عمر ناهز الـ 72 عاماً.

من جانبه قال المسرحي ماهر الغانم “فقدنا أباً قبل أن نفقد فناناً، كنا كأسرة واحدة نتواصل دائماً في منازلنا، والأفراح والأتراح، نحن كفرقة مواهب عملنا معه في تنفيذ نصوصه المسرحية المميزة لعدة سنوات طويلة في التمثيل والإخراج، من بداية التسعينيات الميلادية”.

ماهر الغانم

وأضاف “له الفضل بعد الله أن أخرج أول عمل رسمي مسرحي لي سنة 1996م، مع رعاية الشباب آنذاك -وزارة الرياضة اليوم-، وقد مثلنا المنطقة الشرقية، الأمر لله رحمة الله عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وألهم الله ذويه ومحبيه الصبر والسلوان”.

المخرج محمد آل إسماعيل

ونعاه المخرج المسرحي محمد آل إسماعيل، قائلاً “إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون، رحمك الله أبا فراس آلمنا بسماع خبر وفاته، الدكتور المربي الفاضل خلال تعاملي معه ومع أبناءه الأعزاء المهندس حسين و حسن، كان يتعامل مع الجميع بروح بشوشة، و ثقافة واسعة سواء في المسرح أو بعدة مجالات فنيه وثقافية، لا يرد من طلب العون أو استشاره فنياً، الله يرحمك أبا فراس وجعل قبره روضة من رياض الجنة”.

المخرج علي الغراب

فيما نعاه المخرج علي الغراب قائلاً “رحل أبا فراس، وترجل عن قلمه تاركًا فينا حبًا وشغفاً لموطن مخلد، رحل الأدب رحل المسرح، رحلت المودة، كان يبجل الجميع ويحفز الصغير والكبير، ويدعم كل إبداع، لم تغره المناصب ولا الشهرة، ولكنه كان وسط المجتمع يأكل من طعامهم ويحتفل معهم ويواسيهم، كان أبًا لنا في المسرح، وقائداً في المدرسة، وصديقاً في الطريق، رحمك الله أبا فراس”.

الشاعر علي المحسن

وقال الفنان والشاعر علي المحسن “الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن -رحمه الله-، أخ عزيز وغالي، وهو من رواد الثقافة والفنون والتراث والإعلام منذ أكثر من 60 سنة، وله العديد من المؤلفات الثقافية المتنوعة، وأيضاً له مؤلفات لم تر النور حتى هذه الرسالة”.

وأضاف “رحمه الله تعالى بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته مع النبي الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

الممثل سامي الزهراني

فيما نعاه الممثل سامي الزهراني، من الطائف قائلاً “في لحظة من لحظات الفقدان الأليم، يغادرنا الدكتور عبدالله آل عبد المحسن، ذلك الرائد الذي أضاء دروب الطفولة في الخليج بأضواء المسرح الساحر، تاركًا إرثًا يفيض بالإبداع والتراث.”

وأضاف “أول من ألف مسرحيّة موجهة للأطفال على مستوى الخليج عام 1390 هـ بعنوان حكايات جدتي، أعقبها عمله حرام حرام عام 1390 هـ ثم الكريكشون عام 1395 هـ، مؤرخ وكاتب ورائد مسرحي، كرس حياته لصياغة عالم يليق ببراءة الأطفال، من خلال عشرات المسرحيات التي مثلت في كل مناطق المملكة، ومن خلال العديد من الفرق المسرحية كما كرم في العديد من المهرجانات، وحصل على جائزة أدب الطفل للدولة وهذا صميم تخصصه، أكثر من 33 نصًا مسرحيًا للأطفال، مليئة بالكوميديا الرشيقة والتشويق الإيجابي، كما أصبحت منارة تضيء طريق الأجيال.”

العبد المحسن مع ابنه فراس

وتابع “رحل الدكتور عبدالله رحمه الله، تاركًا فراغًا يعجز عن ملئه الزمن، لكنه زرع بذورًا تنبت في قلوب المسرحيين والأطفال على حد سواء، إرثه ليس مجرد نصوص، بل هو جسر بين التراث الشعبي للخليج والفن الحديث الذي يبني الهوية الثقافية، في رحيله يتجدد العهد بأن نتابع مسيرته، ليظل مسرح الطفل نبعًا لا يجف في الخليج والعالم العربي.”

وأكمل “رحمه الله رحمة واسعة، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء، خالص العزاء والمواساة لأسرته الكريمة، ولذويه ومحبيه، ولكافة المسرحيين في السعودية والخليج والعالم العربي، إنا لله وإنا إليه راجعون.”

الكاتب المسرحي عباس الحايك

كما نعاه الكاتب المسرحي عباس الحايك قائلاً “بالنسبة لي شخصياً، لم يكن الراحل الدكتور عبد الله آل عبد المحسن، مجرد كاتب مسرحي وزميل، ولكنه صديق امتدت معرفتي به منذ صغري، تعرفت عليه أولاً من كتاباته البحثية في تراث المنطقة، ثم كمدير لمدرسة القديح الثانوية التي كنت أدرس فيها، ولم يكن مديراً ككل مدراء المدارس، كان مختلفاً في كل شيء، كسر الصورة النمطية لمدير المدرسة، فقد كان صديق كل الطلاب، يشاركهم لعبهم، يشاركهم طعامهم، ويشاركهم أيضا طموحاتهم، كان ناصحا لطيف المعشر.”

وأضاف “زاملته كمسرحي، تشاركنا نفس الاهتمام والمجال، فنحن الاثنان امتهنا الكتابة، هو اختار الكتابة للطفل حتى عد رائداً لمسرح الطفل في الخليج، تحاورنا وتناقشنا، اختلفنا واتفقنا، أصبح الصديق بعد أن كان المدير، ولا يمكن أن يتحقق الأمر دون أن يكون المدير صاحب شخصية متواضعة.”

وتابع “وفاته خسارة حقيقية للمسرح في المملكة، فهو الرائد الذي قدم لمسرح الطفل منذ تسعينيات القرن الماضي الهجري، العديد من النصوص التي انشغلت بتراث المنطقة، التي ستكون إرثاً معرفياً وأدبياً للمسرح السعودي. وخسارة على المستوى الشخصي، فقد خسرت شخصية ذات حضور وجاذبية، شخصية عارفة ومثقف نوعي.”

عاطف آل غانم

وقال المخرج والممثل عاطف آل غانم “إنتقل إلى جوار ربّه الكاتب المسرحي والأديب المربي عبدالله بن حسن آل عبد المحسن ترجَّل عن صهوةِ القلمِ فارسٌ أرهقَ السطورَ شوقاً، أشبعَ الورقَ حبّاً وأنبتهُ حياةً ومعاني، نثرَ حروفَه كما ينثرُ المطرُ سِرّاً على صحراءٍ عطشى، ورحلَ تاركاً خلفهُ حدائقَ من نورٍ وكلماتٍ لا تموت”.

وأضاف “غادرَ ميادينَ الحبرِ شاهِقاً، كأنَّهُ البطلُ الأخيرُ في المعركةِ، وخَلَّفَ في قلوبِ العاشقينَ صدىً لا يَخبو، وفي أعينِ الباحثينَ عن المَعنَى منارةً لا تنطفئ، فارسٌ كان إذا حملَ القلمَ، حملَ معهُ الروحَ والزمان، وإذا تنفَّسَ الورقُ من أنفاسهِ، تفتَّحت أزهارٌ في قلوبٍ يابسة، غائبٌ بالجسد، ساكنٌ في أرواحٍ لا تَغيب، يُعلّمنا أنَّ الكلماتِ قد تكونُ حياةً بعدَ الموت، وأنَّ الحُبَّ إذا صيغَ مداداً لا يفنى.”

المسرحي البحريني علي سلمان

فيما قال المسرحي البحريني علي سلمان عبدالله سلمان “الدكتور عبدالله العبد المحسن هذا الرجل الإنسان الذي جمعتني به الذكريات الطيبة واللقاء المحمود المشحون بالمحبة وذكريات العطاء المسرحي المميز، لي معه ذكريات لا يمكن أن يغيبها الزمن، ولا يمحيها الموت، لأنه إنسان ذو قلب صادق ونية ومشاعر صافية”.

وأضاف “خدم مسرح الطفل على حساب راحته، فخدم المملكة في سنا عطاءه المتواصل لدرجة أنه يأخذ من راحته في سبيل إنشاء جيل مسرحي للطفل السعودي، بل حتى الخليجي والعربي”.

وتابع “أنا أدين له بأفكاره وكتبه عن التراث الذي أهداني إياها، كانت بمثابة استلهام للتاريخ والتراث السعودي، فضلاً عن الخليجي، كتب قيمة أتمنى أن يستفيد منها هذا الجيل والأجيال القادمة، فهي ذخر وعطاء، ودراسات متواصلة، أتمنى إعادة طباعتها ونشرها”.

واختتم تصريحه قائلاً “دامت ذكراك يا دكتورنا الفاضل، استلهام لكل محبي مسرح الطفل في المملكة والخليج والوطن العربي، قلوبنا تنبض بدمك المسرحي والأخلاق الراقية، دمت عزيزاً حياً ومبتاً”.

الروائي المصري بهاء عبدالمجيد

أما الروائي المصري بهاء عبدالمجيد، فقال عنه “صديقي الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن من السعودية تعرفت عليه متأخراً، لم أكن أعرفه ولم يكن يعرفني، التقيت به في الجيزة ولاحظت أنه يدخل معنا في الحديث عن الرواية والمسرح والشعر ومعلوماته قيمة، فأخبرني أنه يكتب في المسرح وفي شعر الأطفال، وطلبت منه أن يريني بعض من شعره للأطفال وبعض من مسرحياته، وكنا نلتقي على الدوام، وصرت أعير اهتماماً كبيراً لما يكتب وما نشر عنه في الصحف وفي الفيسبوك والواتساب والانترنت.”

وأضاف “توصلت إلى أن هذا الإنسان الطيب ليس بالإنسان العادي، إنسان مثقف، أديب، شاعر كاتب بارع للأطفال، يبتكر دوماً أشكالاً جديدة لهم بأسلوب بسيط يقدمه رغيفاً لعقولهم، وأنه محبوباً من قبلهم، فكانوا مداومين على حضور مسرحياته.”

الدكتور العبد المحسن

وتابع “نجح في تحقيق مركز مرموق في أدب الأطفال عامة ومسرح الطفل خاصة، شق طريقه منذ العام 1970م، بأول مسرحية للطفل بعنوان حكاية جدتي، ثم أخذت شجرة كتاباته تزهر وذلك لعنايته واهتمامه بمسرح الطفل، كان يعني عناية كبيرة ومدروسة وبابتكارية خاصة حتى أصبح خبيراً في هذا المجال، وبدأ يضرب ضربات نشيطة في عالم الأطفال، كانت كتاباته تخلف أثراً عميقاً في نفوسهم، نفخ ببوقه في عقولهم وقلوبهم الحب والجمال والنقاء، فصار الأطفال مجموعة هادرة تتسابق لمشاهدة مسرحياته التي بلغت الثلاثين مسرحية، وحاز أغلبها المراكز الأولى في مسابقات الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالمملكة، وفي الأندية والمدارس انعقدت ألوية النصر في المسابقات المحلية والعربية”.

وأكمل “وإذا أردت أن تضفي عليه مصطلحاً على الانتصارات المتحققة ريادته لمسرح الطفل في دول الخليج العربية وأحد رواد مسرح الطفل العربي، وقد برز على منصات التتويج للريادة حيث كرم من قبل وزير الثقافة والإعلام السعودي إياد مدني، لريادة مسرح الطفل في الخليج، وكذا كرم من قبل وزير الثقافة والإعلام البحريني الشيخة مي الخليفة لريادة مسرح الطفل في الخليج العربي، وكرم في أم الدنيا مصر من قبل محافظ البحر الأحمر بمهرجان الغردقة لمسرح الطفل والشباب الدولي رائداً لمسرح الطفل في الخليج العربي، وأحد رواد مسرح الطفل العربي، وكرم من قبل جمعية الثقافة والفنون بالدمام، وجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، ومن قبل إدارة تعليم الدمام، ومن قبل محافظ القطيف.”

الدكتور العبد المحسن

وأضاف في مقاله “امتد قماش مائدة الأدب للصغار، كرس المزيد والمزيد من وقته في مجال أدب الطفل، مما جعله يتربع على عرش الكتابة الأدبية للصغار فحصل على جائزة الدولة لأدب الطفل على مستوى العالم العربي بدولة قطر عام 2008م، عن بحثه المعنون أساسيات أدب الأطفال. خطابات كثيرة ترد عليه من مصر، العراق، الإمارات، البحرين، الكويت، نيوزيلندا، البرازيل، المغرب للمشاركة في المهرجانات”.

وقال عبدالمجيد “طيلة الستة شهور التي قضاها معنا في الجيزة لاحظت ووجدت باب مخزنه الأدبي مفتوحاً، اتخذت موقعي داخل المخزن متطلعاً منبهراً، فعطاؤه لم يقتصر على مسرح الطفل، ولا على شعر وقصص الأطفال، وإنما مخزنه مليء بالكتب التراثية والتربوية والإجتماعية، والبحوث ومسرحيات للكبار، فنافذة مخزنه ترينا محصولاً أدبياً علمياً، لقد جند آماله وفضوله وحبه إلى الكتابة عن تراث الماضين في منطقته، العابق برائحة الماضي البسيط، رسم بتراث الأمس خطوطاً ضوئية من دقائق أعمال، وعادات وأمثال وألعاب الأجداد، وشعرهم الشعبي وحرفهم الشعبية”.

وأضاف “لقد منحه ذلك الجهد والبذل والعطاء محبة العارفين له، وجعلته يتبوأ منزلة هي أقرب للسمو والمهابة والتوقير والاحترام، وسمعة منفردة ومميزة في مسرح الطفل في الخليج العربي، وعلى منصاته استقر كنجمة، لقد افلح الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن أن يعزف موسيقى سيمفونية جميلة لمسرح الطفل، فحدد على خارطة الأدب الطفولي، عملاق ينظر إليه بإعجاب، تحيط به هالة من التاريخ، ولا أظن أنني أسرف أو أغلو ولكن لو اطلعت على مؤلفاته وكتاباته المسرحية للأطفال، وألممت إلماماً واضحاً بتلك المسرحيات، لوجدت أنها مرآة لحياتهم”.

الدكتور العبد المحسن

وتابع “وأقول صادقاً بملء الفم يكفيه فخراً أنه أول من ألف مسرحية للأطفال في الخليج العربي 1970م، وقد مهد السبيل لمن أتى أثره وحذا حذوه، فقد بنى مسرح الطفل من الأساس بالممارسة العملية بأطفال لا يتعدى عمر أكبرهم 12 عاماً، شارك بهم محلياً وعربياً بمسرحيات تمتاز بأفكار واضحة، بلغة عربية بسيطة بحبكة جميلة، وأحداث تناسب عقول وذوق الصغار، ويؤكد معاصروه الدور الكبير الذي لعبه في مسرح الطفل بحماس وإخلاص، لذا صمدت مسرحياته لاختبار الزمن، وأن تظل بتفتحها على كل ما طرحته الحياة المسرحية من جديد”.

الروائية منى الكواري

وفي مقال سابق للكاتبة الروائية منى بنت مبارك الكواري عام 2016م، قالت عن الراحل العبدالمحسن “نجم ساطع وأديب بارع، أتقن الكتابة مع صفاء الذهن، وأمسك بخيوط مسرح الطفل، وكأنه كل ما تبقى له من عمل مميز، وهو يضع ريادة مسرح الطفل في الخليج العربي كقلادة على صدره، حارب مع الأطفال على خشبة المسرح من أجل تثقيف وامتاع وتسلية الأطفال، الدكتور الأديب عبدالله ال عبد المحسن المولود بجزيرة تاروت التابعة لمحافظة القطيف، يقضي جل وقته في الكتابة مطلقا العنان لعقله في حوار داخلي مبني على البقاء في القمة.”

الدكتور العبد المحسن

وأضافت الكواري “من سنين طويلة بعث كتاباً لطباعته بمركز التراث لدول الخليج العربية بعنوان عيسى بن محسن شاعر الزهيري في الخليج، وقد بحثت عنه لرغبتي في الحصول على نسخة منه مهما كان السعر، وذلك يفسر مدى رغبتي ولهفتي إلى قراءة كتب التراث عن الغوص وأغانيه، وهذا كما ظننت قد يحتوي على جزء منها، وكانت المرة الأولى التي التقيت بهذه الشخصية الأدبية المنتجة عندما جاء إلى قطر لطباعة كتاب الألعاب الشعبية في دول الخليج العربية”.

وتابعت “واللقاء الثاني كان أيضا بالصدفة في مهرجان جائزة الدولة لأدب الطفل بقطر عام 2008م، حيث حصل على الجائزة لقسم البحوث عن كتابه أساسيات أدب الأطفال، وقد ألقى كلمة الفائزين في المهرجان وكانت كلمة ضافية وهادفة، وبعد انتهاء المهرجان انتظرته خارج المسرح لأقدم له التهنئة، وعند خروجه كان عليه أن يدلف للفندق لتناول وجبة العشاء، اقتربت منه قائلة.. معذرة لفرض نفسي عليك، لكني متأكدة بأنك على قدر كاف من الطيبة لأن أقدم التهاني والحديث معك، وقد شعرت بالارتياح حين تمكنت من الحصول على معلومات أدبية وشخصية عنه وأرشدني إلى بعض المواقع إذا أردت المزيد من المعلومات عنه، ودعني بعد أن عرفت الأماكن التي سيزورها في قطر خلال الأيام الثلاثة القادمة، فأخبرني ربما سوق واقف والمتحف الإسلامي وجولة في الدوحة أسواقها مجمعاتها، وباحساس وامتنان وتقدير شكرته، استأذنت منه بإعطائي فرصة مصاحبته لتلك الأماكن.”

الدكتور العبد المحسن

وأكملت “وفي اليوم الثاني منحني تكريماً بمنحي مجموعة من مؤلفاته التي منها من تراث جزيرة تاروت، والألعاب الشعبية في القطيف، والأمثال الشعبية في الساحل الشرقي، وشعراء القطيف المعاصرون، والطب الشعبي في الساحل الشرقي، وأسباب ضياع الشباب في المجتمعات الإسلامية، وديوان شعر للأطفال بعنوان ترانيم الطفولة ومجموعة من مسرحيات الأطفال، كنت معه بمعية ضيوف المهرجان من وزراء الثقافة والإعلام والدبلوماسيين بقطر، بسوق واقف والمتحف الإسلامي، عدت إلى المنزل وأخذت أتأمل في مسرحياته للأطفال، وكتاب من تراث جزيرة تاروت، وبقيت اقرأ إلى حوالي الساعة الثانية ليلاً، كان وقتي حراً، لم أكن مشتتة، ومن الصعب التعبير كم كان جميلاً وأنا أقرأ برغبة تلك الكتب التراثية.”

وقالت الكواري “اللقاء الثالث أيضاً كان بالصدفة بعد 7 سنوات وكان في مطعم مدينة كتارا، وكان معه إبنه حسين وبعض حفيداته، سلمت فردوا التحية بأحسن منها، كانت ابتسامتهم عميقة وترحيبهم لي أدخل على نفسي الرضا والانشراح، عزموني لكني سبقتهم وعدت إلى طاولتي مع صديقاتي، وعندما انتهى من الطعام سبقهم إلى الخروج فتبعته، فإذا به يشعل سيجارة وجلسنا على طاولة خارج المطعم، فبادرته بالحديث عن جديد مؤلفاته وحين الحديث عن مسرحياته للأطفال، اعتدل في جلسته وفرض حديثه علي”.

مع الصحافي القطري صالح غريب

وأضافت “كان حديثه يلقيه بالبرهان والاستدلال، وكان يردد بإمكاننا عمل أعمال تفيد الأطفال، وبطرق أكثر تسامحاً لخدمة الصغار كي يبدعوا، وأنا أنصت أحاول أن أظهر بمظهر من يبحث، وليس بمظهر من يفكر، ولحظات النقاش تولد أفكاراً جديدة ينظر كلانا من خلال النقاش إلى رؤى أوسع، ونرى من خلاله أن الإبداع يخرج مع الظل ثم بقفزة يخرج من الظل بوضوح، والأروع من ذلك يبرز إلى الظل بأفكار جديدة، ويفضي إلى أفق يبحث عن التميز والإبداع.”

وتابعت “يتمتع برؤية متعمقة حول الكثير من قضايا الطفولة والتربية والاجتماع، وقد استفدت كثيرا من خبرته في الكتابة وخاصة المسرحية، بل أعطتني بعض الرؤى التي تنقصني، وشعرت بفخر كبير وأنا أتحدث مع قامة أدبية رفيعة، وأعترف أنني كنت معجبة بأسلوبه في الكتابة، وأقدر له تفانيه في خدمة الأطفال، بذل جهداً كبيراً ليصل بمسرح الطفل إلى مرحلة متميزة، وأن ينشره في دول مجلس التعاون الخليجي الخليجي، ألَّف أكثر من 28 مسرحية للأطفال كلها متميزة، وحققت مراكز متقدمة في مسابقات الرئاسة العامة لرعاية الشباب والمدارس وفي المسابقات المحلية والعربية، كاشفة عن نجاحه الكبير، فاستحق بجدارة ريادة مسرح الطفل في الخليج العربي، وأحد رواد مسرح الطفل في العالم العربي، حيث كان الأول في التأليف والإخراج لمسرح الطفل، إضافة إلى تميز مسرحياته وحصول أغلبها على مراكز متقدمة، أكثر من نصفها على المركز الأول، ونجده واصل الكتابة والتأليف للأطفال، لذا لا غرابة أن يتم تكريمه من قبل وزراء الثقافة والإعلام في كل من السعودية، والكويت، والبحرين، وقطر، وجمهورية مصر العربية، لريادة مسرح الطفل في الخليج العربي، وأحد رواد مسرح الطفل في البلاد العربية.”

مع بعض أحفاده في كندا

وقالت الكواري “لقد أحدث تعديلات كثيرة بعد تأسيسه مسرحاً للطفل عام 1977م، بأمر من أمير الشباب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رئيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب، أحدثت نتائج مثيرة امتدت أنار ذلك إلى باقي دول الخليج، وأصبح معلماً مسرحياً، وصارت أفكاره وأعماله موضع تقدير واحترام، ذلك أن استراتيجيته ورؤيته قادت مؤلفي مسرح الطفل في الخليج العربي إلى اختيار المسرحيات التي تتناسب مع البيئة الاجتماعية، وتراعي نفسية وقدرات وأعمار الأطفال ونضجهم، بل قادت المسؤولين على المسارح إلى تحقيق الأهداف بما تسمح به طاقات كل دولة وإمكانياتها لإنشاء مسابقات لمسرح الطفل كل في دولته، ثم عمل مهرجانات خليجية لمسرح الطفل كوسيلة لتشجيع مسرح الطفل وتبادل الخبرات والتجارب المسرحية، التي من خلالها تطوير وتحديث مسرح الطفل، وتطويع الكتابة المسرحية وتعميقها، وابتكار صور مشهدية ذات دلالات إيجابية بكل إيحاءاتها، لتنعكس على سلوك وإحساس الطفل ودفعه لتحمل المسئولية من خلال الأحداث وتوظيفها جيداً لاستخراج ما في مكنونات الأطفال للتنفيس عن النفس وأبعاد ما يختلط في العقل من تناقضات اجتماعية، وبذلك تمنح المسرحية غنى ليستمتع الطفل بالمسرحية ويستفيد منها في حياته.”

وأضافت “الدكتور الأديب عبدالله آل عبد المحسن، أعطى لمسرح الطفل معناه، فكرس نفسه لذلك من خلال التأليف والمحاضرات والندوات، وورش العمل عن الكتابة المسرحية، وتطوير مسرح الطفل، وعن العقبات ومعوقات مسرح الطفل، وبناء المسرحية وما يتصل بذلك البناء من الذهنية والعوامل النفسية والاجتماعية التي لها أثر في عملية البناء حتى يسهل على المتلقي فهم المضمون والهدف، مما يعطي للمسرحية قيمة تربوية ووقعاً في نفوس الأطفال، وبريقاً أشبه بمصباح يضيء الطريق، وقد وجدت ذلك في مسرحيات الدكتور التي اطلعت عليها، ففي حواره المسرحي وأحداث مسرحياته تحريك لذهن الطفل وهزة نفسية، لما يخلقه من أحداث وصور لحياة الطفولة بكل أبعادها، بفرحها وقسوتها، إضافة إلى مراعاته العمر، ونضج واستعدادات الطفل التي من شأنها تحريك المشاعر، وتخلق نتائج معنوية ترقى بالطفل اجتماعياً وتربوياً ونفسياً وثقافة، وتسمو بدرجة انفعاله الإيجابي، مما جعل من الأديب عبدالله أن يكسب حضوراً لافتاً، لذا أتوقع بان الأجيال القادمة ستتوقف كثيراً عند إنجازاته الأدبية والتربوية والمسرحية بانبهار لكل ما فيها من دهشة وبساطة وإبداع، جزاه الله عنا خير الجزاء.

اقرأ أيضاً

المسرح الخليجي يفقد عبدالله العبدالمحسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×