الأرجوحة

فاضل أحمد هلال

تذكرتُ ذكريات في الطفولة لن تعود، كيف كنا؟ كيف كانت أرجوحتنا في القديم؟ كم تأرجحنا وطرنا في الهواء، وسقطنا وتألمنا، ولكن ما بكينا خجلين بل نهضنا ضاحكين، و من جديد نُصلح الحبل الضعيف، والسعادة والسرور يملآن الوجه البهيج، لا تملَّلْنا ولا بكينا ولا عاتبنا الصديق الذي أرجحنا بقوة فسقطنا من جديد.

كانت من أجمل الأيام التي قضيناها في حياتنا؛ هي أيام الطفولة في الزمن القديم، حيث القلوب الطيبة والنفوس الطاهرة، والأخلاق الراقية والحب الصادق بين الأصدقاء، كنا في تلك الأيام نخرج مع جيراننا وأصحابنا للمزارع ومعنا حبال فنربطها بين الأشجار أو بين النخيل، ونصنع تلك الأرجوحة البسيطة، فنتداول في الصعود عليها للتأرجح، فكان شخص يجلس على الأرجوحة والآخر يدفعه إلى الأمام، وكانت السعادة والفرحة تغمرنا، وكم من المرات انقطع الحبل فسقطنا وتألمنا، ثم عاودنا التأرجح.

كانت ألعابنا بسيطة وسهلة، حيث كنا نجتمع بعد المدرسة مع الأصحاب و نذهب إلى ملاعب الحواري لنلعب كرة القدم، أو نلعب ألعاب الطيبين الموسمية بجانب المنازل، من دوامة، وتيلة، وتختة، وبطش وتوبة، وصيده، وعنبر، أو نجلس في المجالس نشرب الشاي ونتداول الحديث ونلعب الدومنة أو الكيرم أو الزاتة (الورقه).

وانطوى العُمر سريعاً وتلاشى الطيبون
وبقيْ جيلٌ جديدٌ مُبتلى في عصرِ حين

حيث صار النِتّ فيه كالهوى للطالبين
فإذا ما انقطع النت قليلاً صار كالطفل الحزين

في صراخٍ وصياحٍ يطلب النت اللعين
حيث صار الكون جمْعاً كلهم منشغلين

بين لودو، بين سوني بين العاب الخيال
بين سوشل بين ميديا بين تكتك تائهين

بين فيس بوك بين واتس ابْ بِسِنابٍ ولهين

منشغلين بين يوتيوب و انستقرام وتلقرام وأفلام الذكاء الاصطناعي ذلك الشيء العجيب، حتى صار التلفاز في البيت من الماضي القديم.

فمن ألوم..؟

ذلك الطفل الصغير، أم ذلك الشيخ الكبير، أم أُمهم تلك العجوز، حتى أُمي أدمنت وبالسناب انشغلت تأثرت من جيلهم، تعلمت من علمهم، شجعوها، هيا أمي صوري وفي السناب وثقي، وتابعي وانشغلي، فتارة ترفع صوراً، وتارة تضرب حنكاً كلها قيلٌ وقال في سوالف لا تُقال، فأصبحت حياتنا مكشوفة وللملأ مفضوحة، فمن ألوم، فيا ليتني بَقيت فوق تلك المرجوحة.

وقفة تأمل:

كم كنا أقوياء أصحاب أصول وأعراف متماسكين، أفكارنا مترابطة وأجسادنا وعقولنا صحيحة وقوية، فتحير المتحيرون فينا، حتى تمكنت منا تلك التقنيات فصارت مصدر شلل للعقول، فأصبحنا منشغلين بأهوائنا، خاملي الأجساد كسولي العقول غير مفكرين ولا منجزين، ومع الأسف أصبحنا كشبكة العنكبوت الواهنة والضعيفة، جدارنا ضعيف وليس لنا أهداف ولا طموح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×