الشيخوخة المبكرة

عبدالجبار الخليوي
ليست الشيخوخة دائمًا مسألة عُمرٍ يُقاس بعدد السنين أو تكون تجاعيد وجهٍ بحاجة إلى ترميم؛ كما يظن بعض الناس؛ بل قد تكون حالةً روحية تتآكل فيها القيم الإنسانية النبيلة؛ ينطفئ فيها نور النفس ويسود في أرضها الظلام والعياذ بالله؛ فعادة أن الروح التي تقضي معظم حياتها في المشاحنات والخصومات مع الآخرين لا تكبر بمعنى النضج؛ بل تتهرّأ كما يتهرّأ الحديد من كثرة الصدأ؛ فالإنسان الذي يتنفس النزاع ويقتات من موائد الخصومة يفقد مع الوقت مرونته الداخلية؛ بل يُصبح أسيرًا لذاته المهزومة.
هذا النمط من الأشخاص يعيش وكأنه محاط بأسوار من العداء؛ لا يرى في حياته شريكًا أو قريبًا أو صديقًا؛ بل خصمًا مؤقتًا لا بد من الانتصار عليه في يوم ما؛ ويظن أن ساحات المحاكم هي مسرح بطولاته؛ وأن رفع الدعاوى والرد عليها إنجاز يُضاف إلى رصيد نجاحاته؛ بينما الحقيقة أنه يغرق أكثر في مستنقع قذر لا يجفّ؛ يمضي عمره متنقلاً بين الخصومات؛ يخرج من خصومة ليدخل أخرى سبحان الله؛ حتى تجف مشاعره وتتكلّس؛ ويبهت صوته الداخلي الذي كان يومًا ما قادرًا على الحب أو المسامحة.
شيخوخة الروح هنا لا تعني فقط الانطفاء الداخلي؛ بل تعني فقدان القدرة على الاستمتاع بهذه الحياة الجميلة؛ فبينما ينشغل الآخرون ببناء علاقات ودية حميمة؛ وصناعة ذكريات طيبة مع الآخرين، والبحث عن معنى قيّم لحياتهم؛ يظل هو حبيس أوراق انتصاراته وملاحقة الناجحين؛ لا يجني سوى وجع الرأس وألم القلب؛ يصبح غير مرغوب فيه اجتماعياً؛ لا لأن الناس قساة أو ناكرون؛ بل لأنه لم يترك لهم سوى الضجيج والعداء؛ ولم يمنحهم مساحة للتواصل أو التقدير والاحترام.
وحين يدخل مرحلة الشيخوخة؛ يكون قد هرم داخليًا قبل جسده بسنوات طويلة؛ عندها يكتشف متأخرًا أن عمره مضى بين جدالات لم تغيّر شيئًا؛ وبين نزاعات لم تبنِ جدارًا من الودّ أو جسرًا من المحبة؛ إن أعظم مأساة لـ (شيخوخة الروح) هي أنها تُلغي معنى الحياة قبل نهايتها؛ وتحيل الإنسان إلى ظلّ مُثقل بالكراهية؛ لا يترك أثرًا غير ما يذكّر الناس بسوء التعامل معه.
فالعمر الحقيقي للإنسان ليس بما تحمله بطاقة الهوية من أرقام؛ بل بما تحمله الروح من صفاء ونقاء أو شوائب وعداء؛ ومن جعل حياته سلسلة نزاعات لا تنتهي؛ فهو في الحقيقة يهرم كل يوم؛ حتى وإن بدا في مرآته شابًا..
مقال الشيخوخة المبكرة مقال جيد من الجانب النفسي وطريق تفكير بعض كبار السن المبني علي عادات موروثة وما زالت وكان بودي لو أضيف اليه مبدأ تطوير الذات من عدة جوانب سواء الجسمية والاجتماعية والعقلية وان لا يقف عند نقطة واحدة في حياته ولا يتقدم الي ونقاط اخري تعطي حياته حياة اخري