موسوعة السينما تدشن 22 كتاباً مترجماً بلغات عالمية

الرياض: صُبرة
بدعم من مبادرة ترجم التابعة لهيئة الأدب والنشر والترجمة، قدمت الموسوعة السعودية للسينما 22 كتابًا مترجمًا من أربع 4 لغات عالمية هي الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والإسبانية، وسيتم تدشين 17 كتابًا في معرض الرياض الدولي للكتاب، ويتم تدشين 5كتب أخرى قبل نهاية عام 2025م.
وفي هذا الصدد أكد رئيس تحرير الموسوعة عبدالوهاب العريض، أن الجهود التي تقدمها مبادرة ترجم ستزيد من عدد الكتب المترجمة خلال السنوات المقبلة، وبهذا ستكون “الموسوعة” رائدة في صناعة الكتاب السينمائي، لتقدم خلاصة التجارب العالمية في صناعة الأفلام وكتابة السيناريو، وكذلك ربط السينما بالعلوم الإنسانية من خلال الكتب التي يقدمها نخبة من الفلاسفة والكتاب في العالم.
عناوين نقدية منتظرة
ومن بين هذه العناوين المنتظرة نطالع كتاب الحتمية في السينما، ترجم: سمر ذياب، وهو كتاب يأخذنا مؤلفه توماس بوير في رحلة فلسفية وسينمائية عبر عدسة “الحتمية”؛ ذلك المفهوم الذي شغل العقول منذ فجر الفكر الإنساني. يقدّم الكتاب قراءة عميقة، تجمع بين النظرية السينمائية والفلسفة والعلوم، ويناقش كيف صوّرت السينما الإنسان ككائن محكوم بقوانين لا يراها، لكنه يشعر بوطأتها: قوانين اللغة، أو البنية، أو الاقتصاد، أو الزمن نفسه، ويمكننا القول إن كتاب الحتمية في السينما ليس مجرد دراسة لأفلام مؤثرة فحسب، بل تأمل فلسفي فنّي في وجودنا المعاصر، يعاود طرح السؤال الأبدي: هل يمكننا، فعلاً، أن نكون أحراراً؟.
غسان الخنيزي
كما نقرأ للمترجم السعودي غسان الخنيزي كتابين أولهما بعنوان الحكاية والسرد – تحليل الحكي القصصي في السينما، يعالج فيه مؤلف الكتاب الباحث وارن بكلاند، نشأة الحكاية والسرد في السينما المبكرة ودورهما في تحولها السريع من سينما “معالم الفرجة” إلى سينما “التكامل السردي”.
يقدم تحليلاً لبنية الحكاية والسرد ووظائفهما في سينما هوليوود الكلاسيكية والمعاصرة، ويستعرض أنواع الحكي القصصي في السينما، والسرد في الأفلام الفنية، والسرد اللا موثوق ووظيفته في أفلام الألغاز، ومنطق ألعاب الفيديو في السرد السينمائي.
برمجة الأفلام لدور العرض
أما الكتاب الثاني بعنوان برمجة الأفلام لدور العرض، والمهرجانات، والأرشيفات السينمائية من تأليف: بيتر بوسما، ويعرض الكتاب -على حد تعبير الخنيزي- دليلاً شاملاً ومكثفاً يسلِّط الضوء على مهام القيّم السينمائي في مجال برمجة الأفلام، متناولاً بعمق آليّات اختيار الأفلام وتنسيقها بهدف تقديم تجارب سينمائية استثنائية تأسر الجمهور، سواء في دور العرض، أو المهرجانات، أو الأرشيفات السينمائية. وعبر فصول الكتاب، يتجلى عشق السينما، أو ما يُعرف بـ “السينيفيليا”، بوصفه موضعاً للاحتفاء يجمع بين المؤلف والقارئ، كما يدعو القارئ للتأمل في دوره الفردي بصفته مشاهداً ومُبرمجاً ضمنيّاً للأفلام التي يختارها.
ويطالعنا المترجم منير عليمي بكتابين أيضاً، يحمل الأول عنوان السينما الصامتة – قبل انكماش الصورة للكاتب لورنس لابر، ويركز الكتاب على السينما الصامتة المتأخرة، وتحديداً من فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث شهدت هذه المرحلة تحولات مهمة في عالم السينما، ويهدف إلى تقديم مقدمة للقراء الجدد لهذا النوع من السينما، موفراً لهم السياق التاريخي والنظري لأمثلة شهيرة وغير شهيرة من أربع دول متقدمة في صناعة السينما.
أما الثاني فينقلنا إلى عوالم هوليوود القرن الواحد والعشرين – إعادة إحياء للكاتب نيل آرتشير، الذي يقول إن الكتاب مُخصص في المقام الأول للطلاب والمدرِّسين، ولأولئك المشاهدين الذين يشغفهم عالم الأفلام الهوليوودية. والهدف منه هو تقديم دراسة نقدية وتحليلية تتناول طبيعة الأفلام التي أبدعتها هوليوود في القرن الحادي والعشرين، وتفكيك الأسباب الكامنة وراء تلك الأشكال الفنية. وبعبارة موجزة، يسعى إلى فهم الأبعاد الجمالية لهذه الأفلام، في إطار الظروف الصناعية والتكنولوجية التي ساهمت في تكوينها.
نظريَّات السينمائيِّين
ونقرأ للمترجم بهاء إيعالي كتاباً بعنوان نظريَّات السينمائيِّين من تأليف جاك أومون، يهتمُّ هذا الكتاب بالفكر السينمائيِّ كما عبَّر عنه صانعوه، مع إعطاء الأولويَّة لأولئكَ الذين منحوه شكلَه الصريح. ويستعرض نظريات أهم أعلام السينما، التي شكلت مع الوقت مدارس يُشار إليها في عالم هذه الصناعة.
ومن بين العنوانين المهمة نقراً للمترجمة السورية سمرا محفوض ترجمة لكتاب إحياء التشويق – البطء والجو المحيط في السينما، تأليف: ريك ورنر، وتأتي أهمية هذا الكتاب من تطويره للتشويق نظرياً وتاريخياً وتصنيفاً وتحليلاً جديداً. فهو يلقي ضوءاً جديداً على عمل الأفلام في جميع أنحاء السينما العالمية، ويقدم إعادة تعريف للتشويق من خلال النظر في تجسيداته غير المحتملة في الأفلام المعاصرة التي أطلق عليها “السينما البطيئة”، حيث يُظهر ريك وارنر كيف يبني البطء التشويق من خلال الانغماس في الجو، وقلة السرد، وحجب المعلومات، مما يتسبب في تذبذب المشاهدين بين الملل والفضول والرعب.
كما تقدم لنا محفوض ترجمة لكتاب تاريخ السينما الإسلامية في بومباي الذي حرره كل من إيرا بهاسكار وريتشارد ألين، ويركز الكتاب على الثقافات والتعبيرات الإسلامية التي كانت لها أهمية تاريخية في تطوير دور السينما المنتجة في بومباي، كما يستكشف جوانب من السياقات التاريخية، والأشكال الشعرية والأدائية والفنية التاريخية والثقافية، والأشكال الأيديولوجية السياسية التي أدت إلى تطوير مصطلحات إسلامية مختلفة أسهمت -بطرائق مختلفة- في نسيج سينما بومباي واستمرارية هذه المصطلحات التي تظهر بوضوح في أفلام بوليوود المعاصرة. كما يستعرض “الأشكال السينمائية”، ويناقش الأنواع والتخيلات والأشكال الجمالية والأيديولوجيات لسينما بومباي، التي كان للثقافات الإسلامية دور تأسيسي فيها.
السينما الهندية بعيون النقاد
ونبقى في عوالم السينما الهندية، حيث يقدم لنا المترجم المصري محمد هاشم عبد السلام ترجمة لكتاب بعنوان: السينما الهندية بعيون النقاد من إعداد: إم. كيه. راجافيندرا وفي. كيه. جوزيف، الذي يُعد مُحاولة جد رصينة وعميقة وبانورامية، بعض الشيء، تُوَفِّرُ للقارئ العربي المُهتم بهذه السينما نظرة شاملة، وعميقة إلى حال السينما الهندية قديماً، وواقعها المُعاصر أو الآني. وهذا، من خلال التناول النقدي والدراسي والبحثي، الجاد والثاقب والجريء، قدر الإمكان، بأقلام مجموعة مُختارة من نقاد السينما والأساتذة الجامعيين وصُناع السينما المُعاصرين المُتمرسين والمُطلعين على مُختلف جوانب الصناعة وعلى الإنتاجات السينمائية في السينما الهندية القديمة والحديثة.
كما يقدم عبد السلام ترجمة لكتاب تصوير التاريخ من الأسفل للناقد والأكاديمي الإسباني إيفرين كويفاس، لنستكشف معه كيف يُمكن عبر بعض الأفلام الوثائقية إعادة بناء أو قراءة التاريخ من منظور “الأسفل”. أي، من خلال قصص الأفراد العاديين والأحداث الصغيرة التي غالباً ما تُهَمَّش في الروايات التاريخية التقليدية. ومن ثم، يُقدم لنا تحليلاً عميقاً لكيفية استخدام السينما الوثائقية لتسليط الضوء على “التاريخ الجزئي”، في مُقابل “التاريخ الكلي”.
ونقرأ في قائمة عناوين الموسوعة السعودية للسينما التي ستصدر ضمن مبادرة ترجم كتاباً بعنوان: الشّيطان يجد عملاً من تأليف: جيمس بالدوين وترجمة: عصام زكريا، يلخص الكتاب اهتمام جيمس بالدوين بالسينما وقوتها، خاصةً فيما يتعلق بقدرتها على تمرير الثقافة المهيمنة في مجتمع ما وتأكيدها، بعنصريتها وتنميطها وتفضيلاتها. وهو واحد من مقالاته الطويلة المتأخرة، التي يمزج فيها بين ذكريات طفولته عن السينما وسحرها وتأثيرها على حياته، وبين تحليل البنية العنصرية وتفكيكها في السينما الهوليوودية.
النقد الاجتماعي في السينما
وتطل علينا المترجمة مرح مجارسة بترجمة لكتاب النقد الاجتماعي في السينما من تأليف فرانك فيشباخ، والتي تشير في المقدمة إلى أن هذا الكتاب ليسَ مجردَ دراسة عن النقد الاجتماعي في السينما، بل هو دعوة لإعادة التفكير في دور الفن في تشكيل الوعي الجمعي، ففي زمن يبدو فيه الاستهلاك الثقافي السطحي طاغياً، تأتي السينما لتذكرنا بقدرتها على أن تكون أداة للتغيير، ووسيلة لتحرير الوعي من القيود التي تكبله، والسينما -كما يصفها فيشباخ- ليست مساحة للترفيه أو الهروب من الواقع فقط، بل هي دعوة صريحة لمواجهة هذا الواقع بكل تناقضاته وصراعاته، وإعادة تخيله بجرأة.
كما تقدم مرح مجارسة كتاب السينما وإخراج المشاهد للفيلسوف الفرنسي جاك آمون الذي كتب مقدمة للقارئ العربي ضمن الكتاب يقول فيها (أعزّائي القرّاء، آمل أن يثير هذا الكتاب اهتمامكم، رغم أنه كُتب بلغة مختلفة وفي زمن مغاير، ولكن من يدري.. لعله، وبالرغم ذلك، سينال اعجابكم. لن أكرر هنا ما حاولت التعبير عنه قبل عشرين عامًا في المقدّمة الأصلية لهذا العمل، التي سعت إلى تحديد رهاناته النظرية وموقعه التاريخي. لكن بما أن عجلة التاريخ لم تتوقف عن الدوران، بل تسارعت بشكلٍ لافتٍ مع مطلع هذا القرن، وبما أن ممارسة النظرية لم تعد تُمارس بنفس الطريقة، أسمح لنفسي بإضافة بعض الكلمات لأشارككم كيف أرى اليوم هذا الكتاب وموضوعه.)
الغياب في السينما
وعن تقنية الغياب نقرأ كتاباً بعنوان الغياب في السينما – فن إظهار اللاشيء من تأليف الكاتب والناقد السينمائي: جاستن ريمس، وترجمة: تولين نجمه، ويرصد الكتاب تقنية يعتمدها بعض المخرجين في أعمالهم السينمائية وهي إخفاء بعض العناصر أو عدم إظهارها، وترك مساحة للاستدلال عليها لدى المشاهد، أي ملء الفراغات التي تقصّد المخرج حذفها مثل أجزاء من الحوار أو أصوات في الخلفية أو حتى صور للشخصيات، وربما لم نسمع يوماً عن فيلم بشاشة لا صورة داخلها، إلّا أنها موجودة في الحقيقة، حيث يركز الكتاب على الدور الذي لعبه هذا الغياب في الأعمال التجريبية في القرنين العشرين والحادي والعشرين، لأنها استغلت الغياب بطرق حيوية واستفزازية بشكل خاص: لوحات من دون صور، وموسيقى من دون صوت، وقصائد من دون كلمات.
حوارات وسير لأعلام السينما
ومن أعلام السينما الذين تستهدف الموسوعة التعريف بهم نقرأ مجموعة من العناوين منها: حوارات ديفيد لينــش تحرير: ديفيد بارنــي، وترجمة: هالة منصور، حيث تكشف هذه الحوارات منذ الثمانينات وحتى التسعينات، ما بذله المخرج وصانع الأفلام الأمريكي لينش من جهود ملموسة، وسعي دؤوب، لتحسين مهاراته اللغوية في التواصل مع الآخرين والحديث عن أفلامه، حيث طوّر قائمة من المفردات ذات دلالة ومعنى خاص بالنسبة له، ونظراً لأنه اجتهد كثيراً في تكوينها، فقد ارتكن إلى كلماتها مراراً سواء في الحديث عن أفلامه، أو في تفسير هذه الأفلام خارج حدود المألوف، لذلك فهذه الكلمات ليست مجرد رصيد من التراكيب اللغوية التي يستخدمها لينش للتعبير عن مشاعره وأفكاره، وهو ما يدفعنا لقراءتها عبر مراكمة فهم حدسي لا تحليلي لما يقول.
كما نقرأ عنوان لارس فون تريير – ما بعد الاكتئاب من تأليف: ليندا بادلي، وترجمة: تولين نجمه، وهو ما يشبه سيرة لحياة المخرج الدنماركي لارس فون تريير، الذي امتدت تجربته لأكثر من 5 عقود، وأثار الجدل في محطاته الإخراجية، التي قسّمها النقّاد إلى أربعة مراحل، يضيء الكتاب عليها من خلال الأفلام التي صنعها تريير في تلك المراحل، ويركّز على المرحلة الأخيرة التي يسميها مرحلة ما بعد الاكتئاب، وتتألف من أفلام “المسيح الدجال” و”ميلانكوليا” و”نيمفومانيا” و”البيت الذي بناه جاك” وتتناول شخصيات تعاني من الاكتئاب أو الحزن بطرق مختلفة. وتتميز الأفلام الأربعة بأبطالها الذين يعانون من اعتلالات نفسية.
جان لوك غودار
وننتقل إلى عوالم السينما الفرنسية من خلال كتاب: جان لوك غودار – حوارات الذي حرره: بيتر برونِت، ترجمه: كميل الحرز، حيث تسرد هذه الحوارات، مسيرة مهنية حيوية، ومنتجة، ومتنوعة، ومحفزة، لا تقل عن أي مسيرة سينمائية حديثة، وقد رُتبت في الكتاب حسب تسلسلها الزمني، وقُدّمت دون تحرير، أو تنقيح، مثلما نُشرت في الأصل في بالدوريات، التي تمثل في حد ذاتها عينة مثيرة للاهتمام من المنصات التي تُعنى بالسينما وروّادها، والمتاحة للحوار الثقافي الجاد.
يجدر بالذكر أن هذه العناوين المهمة وعناوين أخرى كذلك ستصدر الموسوعة السعودية للسينما بدعم من مبادرة ترجم، وستُنشر وتُوزّع عبر دار جسور الثقافة للنشر والتوزيع.