جانب غير مرئي في حياتها.. نسيمة السادة: الابن المعاق خير من الابن العاق لا تقسوا عليه.. ولا تطالبوه بالدرجة الكاملة.. ودعوه يتعلم من التجارب

القطيف: نداء ال سعيد
في جانب غير مرئيّ من حياة نسيمة السادة؛ تعيش أمٌّ شجاعة، تواجه الإعاقة بمسؤوليات مضاعفة لا يعرفها الكثيرون الذين يتابعون نشاط هذه المرأة. ومساء البارحة؛ كانت ضيفة على منصة فريق همسات الثقافي التابع لمركز التنمية الاجتماعية في الأحساء، لتتحدث عن تجربتها في رعاية طفلين من ذوي الإعاقة السمعية، ضمن حياتها الأسرية التي ضمت موسى وعلوية ومصطفى، منذ اكتشافها طبيعة إعاقتهم، حتى أصبحا من المتفوقين في التحصيل الدراسي، متميزين في الحضور الاجتماعي دون الشعور بالضعف أو القلق.
حوارها المبثوث عن تطبيق “إنستغرام”، تحدث السادة عن محاور كثيرة، بدءاً باكتشاف الإعاقة، والصدمة، واحتواء طفل ذي إعاقة سمعية، وتعاضد الزوجين و توعية محيط الأسرة، والمجتمع ودوره، ومرحلة الدراسة، والجانب النفسي للمعاق وكيفية بناء شخصية متوازنه واثقة.
وافتقار نسيمة السادة لمن يشاركها تجربته كان سبباً في نشرها بهدف التحفيز والتطوير وزيادة الوعي للتعامل مع هذه العناصر الاجتماعية بالطريقة المناسبة ذوي الاحتياجات الخاصة.
صدمة الاكتشاف
قالت السادة إن اهتمام الزوجين في بداية حياتهم الأسرية يكون منصباً على انتاج وتكوين عناصر جديدة سليمة وصالحة، نجاب فرد غير طبيعي بالمقاييس الاجتماعية يكون عبئاً على الأب والأم.
وكانت استجابتها لجرس الانذار الأول في عدم استجابة ابنتها لها اثناء التواصل اليومي، عامل النجاح الأول كون التدخل المبكر يساعد على تجنب الكثير من مضاعفات الإعاقة السمعية من فقدان السمع بشكل كلي.. وقالت “أول جرس إنذار تعتمد عليه الأم استجابة طفلها لها، فلا تغالطي نفسك، لا تخافي المفاجأة بشيء لا تريدينه، وخوف من عرض الطفل على الطبيب إذا ما اكتشف الموضوع وعيش الصدمة سيُحدث صراعاً نفسياً للأم و الأب، في عدم رغبتهم بمعرفة المشكلة”.
وأضافت “كون الطفل ضعيف سمع، شكّل صدمة بعد مراجعة الأطباء، هناك عدم تقبل، هناك مقاومة لفكرة ان ابنتي تلبس السماعة طوال حياتها”.
رفضتُ ابنتي
تُكمل السادة “لم اتقبل بنتي في العشرينيات من عمري، كان شعوري بأنها ليست ابنتي التي أريدها، فالرفض قد لا يكون للفكرة، بل للطفل نفسه، لذلك يعزل بعض الأهالي أولادهم فلا أحد يعرفهم، ثم مررت بمرحلة المراجعة، والتقبل التام وحان وقت العمل، استنفار كل طاقات الأم للتعاطي مع الموضوع دون خبرات سابقة أو توجيه، وفي ذلك الوقت ضعف مصادر المعلومات، ولا يوجد من يشاركني خبراته، فكان الموضوع تحدياً كبيراً.
احتجنا ـ كزوجين ـ أن نتعاضد وننظر إلى الموضوع بشكل إيجابي، لنحوّل فكرتنا من المأساة و ابتلاء إلى أنها نعمة تعلمنا شيئاً جديداً، ونبحث كيف نتعامل مع طفل ضعيف السمع يلبس السماعة. بدأت مرحلة جديدة وصار عندنا عبئاً. ومن الهم أن يكون الطفل في حالة تعلم مستمر، في حين إنك تتحدثين في البيت مع الطفل بشكل مستمر، وليس التعليم في وقت محدد فقط”.
تحديات اجتماعية
أشارت السادة إلى التحديات الاجتماعية التي تواجه الطفل ضعيف السمع “لا يعي أنه مختلف، ولكن من حوله يعون ذلك من الأسرة الكبيرة، وقد يتصور البعض أن لابس السماعة لا يسمع فيرفع صوته مما يزعج الطفل، من جهة أخرى لابد أن يتعلم الطفل كيف يندمج ويكتسب مهارات اجتماعية ويتواصل اجتماعياً في محيط أطفال من عمره، لتكون لديه ثقة بالنفس”.
قسوة المربين
ثم إن هناك مشكلة أوسع في السن المدرسي.. “هناك عدم أو ضعف تقبل المعلمين والمعلمات لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة السمعية”.. تضيف “في البداية وجدت “معلمات لا يتقبلن وجود ابنتي، والمدرسة لا تُغني عن عمل الأم، وهناك ضرورة ربط الطفل بالقراءة و الكتاب”.
وبنبرة من النصح تحدثت مع جمهورها البارحة “لا تقسوا على أطفالكم، ولا تضعونهم في ضغط، ولا تطالبوا بالمثالية، لا أريد أولادي أن يحققوا العلامة الكاملة فيكرهون التعلم، بالمقارنات مع من منافذ الحواس لديهم سليمة”. وخصصت خطابها للأم قائلة “لا تقسي على نفسك باللوم وتأنيب الضمير فهو شعور مؤلم ومتعب، لنجعلهم يتعلمون من تجاربهم ونراقب من بعيد، إذا كان الطفل يحتاج إلى هذه التجربة، فهو سيمر بتجارب جيدة وسيئة، لذلك علينا ألا نصنع لهم قفصا زجاجيا.. لا بد أن يتعلموا كيف يستخدمون ما لديهم من حواس، فنحن لن نعيش لهم طويلا، نحن ـ فقط ـ نهيؤهم لحماية أنفسهم من التنمر والتحرش”.
معاق؟ أم عاق
وأكملت السادة “الأبناء نعمة ومسيرة التربية غير سهلة، والطفل المعاق خير من طفل عاق، هؤلاء هدية وهم استثماري، فلا يوجد إنجاز للمرأة أقوى من إنجازها مع أبنائها مع كل الإنجازات الأخرى، طفل ذو إعاقة سمعية قد لا يتوصل لما يلبي احتياجاته، فلابد للأسرة من أن تبحث عن الأشياء الحديثة التي تمكنها وتعينها على قضاء احتياجاتهم اليومية فالتقنية سهلت لهم الكثير”.
واختتمت السادة حديثها بقولها “أنا فخورة بأبنائي ونجاحهم الدراسي في جامعاتهم، وكونهم يرون أنهم جسر بين عالم الصم وعالم السامعين بوجود مسافة بين العالمين، الطفل ليس مسؤولية الأم والأب فقط بل مسؤولية المجتمع وبالخصوص الأسرة الكبيرة التي ينتمي إليها، ومن المهم ـ أيضاً ـ تكوين مجموعات للدعم النفسي وجمعيات خاصة للأسر التي تضمهم، الكفيف يفقد علاقته بالأشياء والأصم يفقد علاقته مع البشر فيكون نموه الاجتماعي أقل”.